قاريء الگاردينيا
الكافر مرزوق
كان العراقيون يضربون هذا المثل في حالة واحدة فقط، وهي ثراء (الكافر) وفقر المسلم العراقي. والكافر هنا في قناعة المسلمين العراقيين هو المسيحي واليهودي وأي مواطن آخر من أهل الكتاب.
وفي هذا المثل المتخلف حنين خفي إلى الحقد الديني المتجذر في نفوس العراقيين المسلمين على غيرهم من أتباع الديانات السماوية الأخرى. كما أن فيه نوعا مغلفا من الكفر الحقيقي بأوامر الله ورسوله التي أوصيا فيها خيرا بأهل الكتاب.
ولشرح دوافع إطلاق هذا المثل نقول إن من الطبيعي في دولة دينهُا الرسمي الإسلام أن يمنع منح إجازة صنع الخمرة واقتنائها والمتاجرة فيها للمسلمين. لذلك لم تكن تمنح إلا لمسيحي أو يهودي من المواطنين. ولكن لأن أكثر زبائنها من الفئة (المسلمة) الأكثر عددا، ويعدون بالملايين، فقد كانت تجارة رابحة تدر على أصحابها الكثير وتجعلهم موسرين ومرفهين. فلهم أفضل القصور، ويسكنون في أفضل المناطق، ويرتدون أفخر الملابس، ويأكلون أجود الطعام وأغلاه. وكان هذا سبب نشأة الحسد والسخرية في أوساط المسلمين العراقيين لأشقائهم غير المسلمين، وهم ما تمخض عن هذا المثل المعيب.
من هذه المقدمة التي لا أشك في أنها سوف تزعج أحزاب الإسلام السياسي العراقي الحاكمة اليوم، أنتقل إلى فكرة هذا المقال.
إن نوري المالكي، وهو الآن رئيس وزراء العراقيين، وزعيم حزب إسلامي متشدد، وهو المتدين الذي يصلي ويصوم ويلطم في الحسينيات أيام عاشوراء، خارج على قانون الله ورسوله، لأنه مخالف حقيقي لأحكام الدين وتعاليمه. وهو، بالإضافة إلى ذلك، كافر بواجباته الوزارية، وكافر بوطنيته العراقية، وكافر بقانون الدولة، وكافر بالأمانة المالية التي ائتمنه العراقيون عليها.
وهذا الكافر الذي تجاوز كل الحدود في الظلم والتحيز والمراوغة والمخاتلة وتدبير الملفات وتلفيق التهم والاتهامات كان قاب قوسين أو أدنى من السقوط المدوي، بفعل الاعتصامات المليونية العارمة التي رفعت سلطته عن ثلث الوطن.
وكان متوقعا أن يرفع ظلمه وفساده وتقصيره عن الباقي من الوطن المظلوم، لو التأمت لُحمة المتظاهرين والمعتصمين فشملت الشيعة مع السنة مع الكورد، دفاعا عن الحق والعدل والحرية والأمن والأمان.
لكن هذا الفيضان النحس الذي أغرق المعتصمين وشغل الملايين منهم بالسباحة في مياه الفيضان طلبا للنجاة، نفع المالكي وشغل الناس عنه، وأجل سقوطه إلى حين.
والحقيقة أن المثل الذي سقناه في أول المقال، (الكافر مرزوق) لا يصح إلا هنا، وعلى نوري المالكي بالذات، وفي هذا الظرف بالتحديد.
1311 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع