العراق البلد التالف/5 الدستور‏

                                            

                                                     عبدالرضا حمد جاسم

اثيرت وانا في العراق مشكلتين خطيرتين زادت من ارتباك الوضع المرتبك اصلاً هما علاقة المركز بإقليم كردستان المتوترة اصلاً لكنها وصلت خلال تلك الفترة الى حافة الانفجار الذي لو حصل او سيحصل لدمر العراق او سيدمره و يمزقه الى اكثر مما هو ممزق اليوم ولطُحنت فيه عظام و لسالت فيه انهار دماء...

فاالكل يعلم من المسؤولين ان كل الاطراف مسلحة و تتسلح وحفرت انفاق و مواضع ولها من عملائها الواضحين والسريين في صفوف الاخر ولكل منها سند اقليمي و دولي...وهناك المليارات التي تدفع وهناك الاطماع في شيء من العراق...وهناك اكسون موبيل وخطوط الماء النازلة من تركيا وخطوط الغاز والنفط الصاعدة من الخليج والعراق وهناك الدولة العثمانية المتحفزة وهناك الرغبة الايرانية في جعل المعركة معها من اي طرف خارج حدودها والارض القريبة هي صحارى و سبخات العراق.

كل سياسي في السلطة في العراق(تنفيذية و تشريعية)مرتبط بشكل شخصي او من خلال كتلته البرلمانية مع مشروع دوله لها اطماع في العراق و ما اكثرها.(الا ما ندر منهم من الاخيار وهم قله)

وظهرت من نفس النَفَسْ التصعيدي الاستعدادات للانتخابات المحلية القادمة والتي هزت الازمة بين الاقليم والمركز مواقع القائمة العراقية وممثليها في المحافظات المحادة لإقليم كردستان بقوه وبانت علامات فقدهم لمواقعهم امام خصومهم في الانتخابات القادمة هذه هي الحلقة الواصلة بين المشكلة بين المركز والاقليم و ما حصل من تحرك شعبي قوي في الانبار و الموصل وتكريت والذي دخلت عليه وحاولت حرف مطالبيه كل القوائم التي مع الحكومة او ضدها ان استمر الوضع هكذا ستُحفر خنادق عميقة عريضة بين مكونات الشعب العراقي وستبدأ حرب طاحنه يتدمر فيها اقليم كردستان وستغزوه تركيا لحفظ الامن و سيتم اختطاف السليمانية من قبل ايران...الوضع في الاقليم يغلي رغم ما يُلمس فيه من استقرار و تطور...الاخوان المسلمين وعصابات الارهاب طامعة فيه وتتهيأ للانقضاض بدعم تركي خليجي....الإقليم اليوم يسيطر على ثلاثة سدود مائية عملاقه هي دوكان و دربنديخان وسد الموصل و يحاول السيطرة على سد حمرين وهذا غير مسموح به نهائياً وسيكون سبب لحرب طاحنة وحتى حرب تخريب...ان هذه السيطرة ثقل كبير لا يستطيع اقليم كردستان تحمله وستنفجر هذه السدود لتدمر تجربة الإقليم التي نتمنى ان يتخلص من عناصر التخريب والسرقة والاستحواذ على المال العام فيه وكذلك ان يتخلص من ثقل اطماع البعض وثقل الحصول على كل شيء.

والمحافظات المحادة للإقليم ستكون بين نار من هم جنوبها و من هم شمالها...وسيتم الفتك بمن من هناك في بغداد وضواحيها وسيتم ابادة وتهجير الساكنين شمال بغداد حتى سامراء.

السبب الرئيسي بما يجري اليوم من تدمير وتلف واتلاف للعراق الذي بداء من يوم خطوط العرض* والحصار و الاحتلال...هو الدستور او ما يسمى كذلك...

لماذا الدستور؟ الدستور:

فُصِلَ من خامةٍ باليه مهترئه لاينفع فيها الرتق ...خيط بخيوط سكنتها العثه وعاثت فيها ...حيكَ بأيادي مرتعشة تفتقر للخبرة اللازمة وأُنجز في دهاليز مظلمة رطبه تسكنها الجرذان والحشرات التي تخاف الضوء وتنبعث منها روائح كريهة وبإشراف السفارة الأمريكية التي يحمل شعارها النجمة السداسية(شعار إسرائيل).

دهاليز كل من دخلها أصيب بإمراض المفاصل وآلام الظهر التي تشل الحركة والتي انتقلت بعد ذلك إلى مفاصل الدولة من رئاسات متعددة الرؤوس ووزارات أخطبوطيه متخبطة عمياء غير منتجه.

شارك في ذلك متخلفين مختلفين بالون والطعم والرائحة حاملين أعلام ورايات ورموز متعددة الألوان والأشكال والدلالات يرتدون أرديه وأغطيه متخلفة ومتقدمة لا يجمعهم جامع سوى اتفاقهم على الانزواء والالتواء.

قله منهم يحمل هموم الوطن وعلبة كبريت رطبة (شخاطه) يحاول كل مره إشعال عود ثقاب ليرى لكنه يُخْمَد من ريح أنفاس المضطربة دقات قلوبهم.

ساهم في العتيق من يحمل أفكار مضطربة أو متحجرة وجد نفسه بعد الفراغ انه لايستطيع ان يسد منه شئ لقلة حيلته وخبرته ..أجتمع مَن عَينُه على كرسي أوموقع ومن يحمل خبره وشهادة في بيع وتصريف العملة في السوق السوداء وبعض الحملداريه وبياعي المحابس والمسبحات والمتسكعين منذ آبائهم في أضرحة المخابرات الأمريكية المنتشرة في العالم ورواد مقاهي الانترنيت البترودولاريه والرّداحين وسارقي المال العام سابقاً وحالياً ومن أنسلخ عن النظام السابق لأسباب لاعلاقه لها بالوطن والوطنية والشعب والمبادئ والتحم معهم الحاقدين على ثورة الرابع عشر من تموز الخالدة وطالبي الثأر منهاوالاعبين على حبال القومية والليبرالية وأصحاب الأضابير العامرة المركونة في رفوف دوائر

المخابرات من عملاء ومتآمرين

اجتمعوا وناقشوا منطلقين من ثقافة مناطق الحضر الجوي وخطوط العرض* سيئة الصيت التي مزقت العراق ماءً وهواءً وخصوبة علميه وفنيه وأدبيه ماضياً وحاضراً وأتبعها بإبداع الأغبياء بخطوط الطول حسب القياس ليصبح البلد مقلماً ومقطعاً الى مربعات تكبر و تصغر حسب اوامر الامريكان واتباعهم ودول الجوار وعملائها والطوائف والمنتفعين منها لتصل المربعات من الصغر الى حد العشيرة والافخاذ واليوم وصلت الى البيوت ليضع كل واحد منهم اليوم قانونه وتسعيراته

اجتمعت الأنصاف (أنصاف الرجال وأنصاف المتعلمين وأنصاف الوطنيين وأنصاف المثقفين وأنصاف الوطنيين )التي أصابها الخوف ودوامة الفراغ ليستفرغوا العتيق الردئ ومعهم المساكين الذين دفعهم حب الوطن والشعب وشرف الانتماء للمشاركة بما يستطيعون ولو بالنصح والتحذير أو بالرجاء والتوضيح. لكنهم لم يتمكنوا كثيراً من التأثير.

حصلت الأطراف المختلفة المجتمعة على ما تريد بطريقة (هذا ألي وهذا ألك) وعند الاختلاف بطريقة(أنطيني وأنطيك) ووزعوا فيما بينهم ما يفرق ويمزق الوطن ونسيجه الاجتماعي وما يشل الحركة وخرجوا فخورين بذلك وكل طرف يضمر للأخر ويتربص به مستندين على ما جادت به أيدي نكَروبونتي وخليل زاده ومن قبلهم بريمر

وقعوا وصفقوا وهللوا للوافد المسخ الجديد ذلك الردئ العتيق الذي ولد مضغوطاً مربوطاً بموازين القوى و دوامات المصالح الضيقة... ذلك الرديء الذي لايمكن أن ينتج غير الرديء...خرج بأيدي رديئة و مشوره رديئة وبإشراف رديء لذلك لم يكن الناتج الا رديءً

طلبوا من الملايين... منهم من الاميين في الالفباء اللغة(كل اللغات المنتشرة في العراق) والفباء السياسة والفباء الوطنية بعد ان تم تغييبهم لعقود خلف التصفيق لقائد الرعونة والغباء و الذين تربوا تحت ضغط اعلام النظام و(هلوساته) حيث ولد ربما اكثر من نصف الشعب في ظل ذلك النظام الجائر.

استغلها الهياج الطائفي والعنف التأمري والاعلام الذي صرفت عليه المخابرات الأمريكية(اقامة المخابرات الامريكية وفي شدة هجومها او في تهيئة الاجواء لحرب تدمير العراق العديد من القنوات الفضائية والاذاعات والصحف وجندت عملائها للتأثير على الرأي العام في الداخل وصرفت الملايين ولاتزال) والسياسيين المستعجلين للتربع على هذا الكنز وكأنهم في مائده يتسابقون على ما ظهر لهم منها معتمدين على دعم امريكي يظنون انه ثابت...مدفوعين بالولاء للبيت الذي دثرهم في غربتهم(غرف و دهاليز المخابرات في بلدان تجميعها وتجمعها)...

خرجت الملايين من الابرياء والاغبياء والمنافقين والمدفوعين ولم يخرج ايضا الملايين من الأبرياء والمغيبين والمنفعلين والتائهين بين الطائفة التي تصوروها اهتزت والمنصب الذي تصوره قد سرق(في ظنهم ان ذلك اعتراض على الاحتلال واذنابه وعملاءه لكنهم جرحوا العراق في ذلك بان سمحوا من حيث لا يعرفون بتمرير الدستور) للاستفتاء عليه دون أن يعرض للمناقشة أو تنشر بنوده في وسائل الأعلام ومن تمكن من الإطلاع عليه وجده مرفقاً بتعليمات تتضمن عدم المساس بذات الذات العليا أو المقدسات أو التشكيك بها...

كاد ان يسقط لرفضه من قبل ثلاثة محافظات(صلاح الدين والموصل والانبار) لكن التزوير والضغوط الامريكية التي ارادت ان يُمرر هذا التالف المتعفن لكي تحقق نصر اعلامي كانت ذاتها المريضة(مركزها المؤثر في القرار الامريكي) وغبائها تحتاج اليه لتغطي تآمرها و فشلها الذريع في كل شيء ولترمي تدمير العراق على ظهور حمير السياسة الذين قبلوها صاغرين ومأمورين وخائفين.

خرجت الملايين للاستفتاء على شيء لم تراه أو تقرأ عنه أوسمعت ببعض بنوده وفي ظروف قاسيه حياتيه وامنية  ...لتعلن النتيجة فوزه ويحتفل الاذلاء .ليتقافزوا اليوم على النيل من الدستور وانتقاد الكثير من بنوده وفقراته وهم من وقع عليها. ويقولون انه مليء بالقنابل الموقوتة...كلٌ حسب تفسيره...والبعض تفنن في وضع تلك القنابل و هو يعلم انها جاهزة للانفجار في وجهه و وجوه الغير والضحية العراق و شعبه.

أن من وقع على الرديء العتيق الجديد هم من وقعوا قبل ذلك على وثيقة المشبوه بريمر(المعرف من مشيته)وبعدها تنكروا لما أسموه بقانون أدارة الدولة  بكل وقاحة بعد فترة قليله وهم يتباهون بالأقلام الأمريكية التي وقعوا بها عليها واعتبروها هدية من بريمر على فعلتهم تلك...واليوم وبعد بعض الوقت في عمر الدساتير يعودون وبكل قباحه للتنصل من  الدستور بنفس المبررات ولم يكلف أحدهم نفسه بإخراج قلم العار الأمريكي الذي وقع به على قانون ادارة الدولة أمام بريمر ليكسره احتجاجا

هذا العتيق الردئ يجب أن يُنحى جانباً ويُركن في رف في دهليز مظلم ويصار إلى كتابة دستور جديد يليق بالعراق وأهله وتاريخه وما قدم للأنسانيه وأن يتصدى لذلك الأجلاء العلماء الأعلام من أساتذة القانون والدستور العراقيين النجباء المشهود بنزاهتهم ومهنيتهم وأن ينبري المثقفين العراقيين للإدلاء بآرائهم في ذلك وان تشكل لجان وهيأت أهليه لدعم المشروع بعيداً عن تأثيرات الحكومة أو الأحزاب والملل والطوائف وأن تكون أمور هذا المشروع المالية من تبرعات العراقيين

ان كل من وقع على الدستور مسؤول مسؤوليه اخلاقية على ما جرى بعده...على من يجد في نفسه الكفاءة والثقة والاخلاص للشعب الذي يُعذب كل يوم والوطن الذي تتقاذفه رياح التدمير ان يعلن عن سحب اعترافه بالدستور و يكسر القلم الذي وقع به على قانون ادارة الدولة وان يتذكر ان بريمر منحه اياه ليذكره بالعار على طول الوقت.

نعم كانت ضغوط وكانت حاجه ملحه وكانت رغبة لتقديم شيء وكانت حالة ضاغطه عامة وخاصة...اليوم كل من وقع عليه ينتقده ويشير الى قنابل موقوته فيه ويؤكدون انه كتب بأيادي عراقية ويتباهون بذلك.

انه قنبلة موقوته كبيرة مدمرة...لأن كل بنوده وفقراته و ما ورد فيه تم تحت نفس الظروف وكل نقطه كتبت بالمساومة على نقاط اخرى.

اتمنى على اساتذة القانون العراقيين الكرام ان يتنادوا الى كتابة دستور جديد للعراق وطرحه على العامة ليبرؤا ذمتهم وليؤكدوا احقيتهم بذلك حتى لو لم يقبله المتحكمين بالوضع اليوم...فالشعب مغيب و تفتك به الامية و لا يعرف الجزء الكبير منه مصلحته في ان يقدم شيء للأجيال وليس له وحده... وهنا يبرز دور الأساتذة الاجلاء المهنيين ...وفي ذلك بادره جديده ربما تُسجل لأول مره في التاريخ سيحفظها لهم التاريخ والمتخصصين العراقيين والدوليين.

ملاحظة:

*.لكون العراق هو راعي القمة العربية للدورة الحالية لذلك ترأس لقاء يخص دساتير دول ما يسمى بالربيع العربي وقد تنادى الساسة العراقيين لنقل تجربتهم في كتابة الدستور وكالوا له المديح واعتبروه مصدر يجب ان تحتذي به دول ما يسمى بالربيع العربي وشارك في هذا اللقاء وزير الخارجية هوشيار زيباري ونائب رئيس الجمهورية المستقيل عادل عبد المهدي...وهما كثيراً ما انتقدوا الدستور ومعهم كل سياسيي العراق...هذه العقلية التي تدير العراق. لم يخجلوا يتباهون بشيء يذمونه كل صباح و مساء.

#*خطوط العرض هما خطي 32 و 36 الذين اوجدتهما الامم المتحدة تحت ضغوط أمريكية بعد القمع الوحشي لانتفاضة آذار1991 التي سمحت فيها امريكا لنظام صدام بالقتل الجماعي للمنتفضين والهروب المليوني للأكراد باتجاه الحدود التركية لتقوم حامية الارهاب الانسانية امريكا بوضع مناطق اطلقت عليها امنه في شمال و جنوب العراق حتى سقوط النظام

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1375 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع