د. وليد الراوي
كثيرا ما يطرح هذا الموضوع سواء بشكل شخصي او عبر وسائل الاعلام حيث يتم استعراض عدة سيناريوهات مستفدين من دور الجيوش العربية في حراك الربيع العربي ففي تونس وقف الجيش موقف الرافض للتصدي للمتظاهرين مما جعل الرئيس المخلوع بن علي يدرك ان لاطاقة له بمواجهة المتظاهرين واذا ما اعتمد على الاجهزة الامنية من شرطة وغيرهم فهي محدودة القابلية وبالتالي سيفشل وتراق دماء كثيرة.
الجيش التونسي يضم ابناء الشعب التونسي جميعهم دون النظر الى الاساس والعرق سواء كانوا من "الامازيغ" او غيرهم كما انه يعتمد نظام الخدمة الوطنية ( التجنيد الالزامي) حيث نص عليه الدستور التونسي في الفصل الخامس عشر:
" على كل مواطن واجب حماية البلاد، والمحافظة على استقلالها وسيادتها وعلى سلامة التراب الوطن والدفاع عن حوزة الوطن واجب مقدس على كل مواطن"
اما في التجربة المصرية فموقف الجيش كان منذ البداية على الحياد رافضا التدخل مؤيدا لمطالب المتظاهرين بالرغم من استخدام نظام مبارك الشرطة والبلطجية في المواجهة , وقد ادرك رئيس النظام المخلوع حقيقة ذلك فاستقال مسلما امر ادارة البلد للمجلس العسكري.
ان التركيبة الديمغرافية للجيش المصري تتالف من جميع اطياف ومكونات المجتمع المصري دون تمييز او محاصصة وهذا بطبيعة الحال اثر على موقف الجيش المصري من اندلاع التظاهرات لان المؤسسة العسكرية المصرية شعرت بمصريتها وانها ملك للجميع, ويعتمد الجيش المصري على اسلوب الخدمة الالزامية لرفد المؤسسة العسكرية بالجنود وهذا ما يؤثر على تنوع التركيبة الاثنية والانسجام بين افراد المجتمع المصري داخل المؤسسة العسكرية المصرية.
اما في ليبيا واليمن فبالرغم من اختلاف النتائج , لكن كلا النظامين زج مؤيديه في المؤسسة العسكرية للتصدي للمتظاهرين مما ادى الى انشقاق وحدات عسكرية متكاملة .
تتشابه الحال في الجيشين الليبي واليمني حيث يعتمد على التركيبة العشائرية في المؤسسة العسكرية , ونرى ان نفوذ القبائل في الفرق العسكرية يكاد ان يكون في "بعض الوحدات" نسيج قبلي واحد مما سهل حدوث انشقاقات بواقع وحدات كاملة وانظمامهم الى "الثوار" حيث نرى ان قائد الفرقة المدرعة الاولى "الاحمر" ينشق بفرقته وينظم الى زعيم قبيلته مع الثوار, بالرغم من وجود خدمة الزامية لكن توزيع المجندين يكون الى الوحدات ذات التكوين القبلي المتشابه , عدا وجود حالات قليلة تعتمد المهنية في الامر خصوصا في الوحدات التي تتطلب كفائة فنية عالية وهنا نرى قلة الانشقاقات.
في التجربة السورية حال مغاير حيث اعتمد النظام على القوة المفرطة لمجابهة المتظاهرين السلميين مما ادى الى انشقاق بعض العسكريين وتشكيل الجيش الحر لحماية التظاهرات ومن ثم تطور الامر الى ما وصل اليه الان.
بالرغم من وجود حزب علماني يقود السلطة وان غالبية طوائف الشعب السوري موجودين في الجيش السوري الا انه لوحظ تركز العلويون في قيادة الكثير من الاجهزة الامنية خصوصا تركزهم في المخابرات الجوية والتي تعتبر اقوى جهاز امني سوري والذي اسسه الرئيس الراحل حافظ الاسد , فعند انطلاق الثورة السورية لم تكن المؤسسة العسكرية قد اصابها انشقاق الى بعد ان واجهة الاجهزة الامنية المتظاهرون بالقوة فحدث انشقاق على اسس مناطقية غايتها حماية التظاهرات في مناطقهم وقبل ان يزج الجيش السوري في التصدي للثوار عندما عجزت الاجهزة الامنية من احتواء الحراك الشعبي , زج بالجيش وهنا الخطاء الاستراتيجي الكبير فبدل ان يلجا الى الحوار وانهاء التظاهرات اوغل النظام في قتل الابرياء مما احدث تسراعا في الانشقاقات ولتاخذ مناحي متعددة فمنها ماهو مناطقي ومنها ما هو طائفي فادى ذلك الى تعقيد الازمة السورية ودخول اطراف اقليمية ودولية والاهم من ذلك تكبد الشعب السوري الالاف من الضحايا .
اما حال العراق فالمؤسسة العسكرية بنية على اسس دمج الميليشيات وفق القانون رقم (91) الذي اصدره الحاكم " بريمر" , هذه الميليشيات تدين بالولاء لاحزابها او للدولة التي ترعاها او اسست بعضها مثل ميليشيا بدر حيث اسست في ايران.
تم اعادة بعض افراد الجيش العراقي السابق على اسس حزبية وطائفية وعنصرية فالاكراد اعيدوا الى الخدمة وتم تخصيص الفرقة الرابعة لهم مع نسبة جيدة من الفرقة الخامسة كونها تعمل في محافظة ديالى وهناك بطبيعة الحال نسبة من السكان من القومية الكردية.
العرب من الجيش السابق تشتت ولائهم الى احزاب السلطة الجديدة , فالسنة التجأ غالبيتهم الى الحزب الاسلامي وبعض منهم الى حركة الوفاق الوطني اما الشيعه منهم , فالتجأوا الى الاحزاب الشيعية منهم من ذهب الى حزب الدعوة او المجلس الاسلامي الاعلى او التيار الصدري او غيرها وهنا يكون الولاء محسوما الى الجهة التي" صاحبة الفضل" عليه في عودته الى الخدمة .
ثم اعتمدت الحكومة على مبدء غريب لم نرى مثيلا له في جيوش العالم وهو ( التوازن الوطني) , اذ حددت نسبة الى الاكراد و المسيحيين والعرب السنة والعرب الشيعة والشبك و غيرهم من الطوائف والاثنيات.
كما لم يعاد العمل بقانون الخدمة الالزامية والذي به يمكن اعادة نسج التركيبة الوطنية في المؤسسة العسكرية.
امام هذه السلبيات, كيف سيتصرف الجيش العراقي اذا ما تصاعدت وتيرة الاحتجاجات وان المؤسسة العسكرية تقع تحت قيادة رئيس الوزارء والذي هو رئيس الحزب الذي يقود السلطة وهو المتهم من المتظاهرين والمطالبين باسقاطه.
هذا موقف رسمي زودنا به ضابط وطني عامل في الجيش الحالي ومن ( اهلنا الشيعة) والذي يرفض التمايز الطائفي , هذا هو التوازن الوطني الذي تدعيه الحكومة العراقية).
هذا التوازن الموهوم هو تجسيد لطائفية المؤسسة العسكرية العراقية والمعضلة هو ليس في قيادة اهلنا الشيعة انما في ولاء القوى السياسية التي اسست وتشرف على هذه المؤسسة الخطيرة. ليس هنا بمجال الاعتراض على تولي قادة من المذهب الشيعي لمناصب عسكرية مرموقة فقد عملت بالرغم من سني خدمتي البسيطه تحت قياد ضباط من الشيعة هم مفخرة العراق والمؤسسة العسكرية العراقية فمهم الفريق اول الركن سعدي طعمة الجبوري و الفريق اول ركن عبد الواحد شنان ال رباط وغيرهم , لكن الاعتراض ان هؤلاء القادة شيعة وسنة واكراد دخلوا المؤسسة العسكرية وتقلدوا المناصب وفق مصالح المحاصصة الطائفية والقومية .
1.وزارة الدفاع : الوزير سني
2 .رئاسة اركان الجيش : ( كردي)
أ-الادارة : (المدير شيعي +3 معاونين شيعة +1 سني)
ب-التدريب: (المدير شيعي + 4 معاونين شيعة +1 سني)
ج ـالميرة :( المدير سني + 4 معاونين شيعة)
د- العمليات:(المدير شيعي +6 معاونين شيعة)
3. القيادات:
قيادة طيران الجيش :(القائد = شيعي - نائب القائد = شيعي - رئيس الاركان = شيعي)
أ.المديريات :عددها 10 مديريات منها 7 شيعية و3 سنية
ب.القواعد الجوية عددها (4)قواعد - ( امراء قواعد = 3 شيعة + 1 سني ) و ( رئيس الاركان = 4 شيعة)
ج. امراء اجنحة الطيران = 4 شيعة) (امر الجناح الفني = 4 شيعة) (الميره = 3 شيعة + 1 سني)
د.عدد الاسراب (11) سرب ( امر السرب= 11 شيعي) ( معاون امر سرب = 9 شيعة +2 سنه)
ه.(الطيارون في كل سرب= 25 شيعي + 5 سنه
1- مثال/ قاعدة البصرة يوجد فيها 556 ضباط ومراتب ( 500 شيعي + 56 سني)
2-يوجد في قيادة طيران الجيش 118 منصبا شاغرا من رتبة عقيد فما فوق وعدد المتقدمين 150 ضابط ولانهم سنه لايقبلوهم
قيادة القوة الجوية : للاكراد
قيادة القوة البحرية : شيعي
قيادة الدفاع الجوي : شيعي
قيادة القوات البرية : شيعي
مكافحة الارهاب : شيعي
4 المديريات:
أ- مديرية التجهيز : ( المدير شيعي + 6 معاونين شيعة )
ب- الموازنة : (المدير شيعي + 4 معاونين شيعة)
جـ- الاتصالات :(المدير شيعي + 6 معاونين شيعة)
د-النهج والدفاع والمتطلبات : (المدير شيعي + 6 معاونين شيعة )
هـ- العقود والمبيعات : (المدير شيعي + 4 معاونين شيعة +1 سني)
و- الاستخبارات: (المدير كردي +5 معاونين شيعة + 1 سني)
موقف فرق الجيش العراقي:
في احصائية نشرت على احد المواقع , ان في محافظة ديالى (21) منصبا امنيا يشغله عشرون شيعيا من القوى والاحزاب الطائفية واعطي المنصب الاخير الى السنة ومن جماعة الحزب الاسلامي " الطائفي السني".
الايوجد وطني غيور متجاوزا للنعرات الطائفية والعنصرية في محافظة ديالى وهي مستودع رجال العراق.
امام هذا التشظي وتعدد الولائات وعدم وضوح العقيدة العسكرية بشكل خاص, سنرى انقسام حاد في المؤسسة العسكرية العراقية على مستوى الافراد لاسناد الحراك الشعبي وليس على مستوى الوحدات اذا ما تطور منهج التظاهرات ووصل الى مرحلة الصدام المسلح مع المتظاهرين , حيث سيكون الحال قريبا للسيناريو السوري وسيستغل القتال في اتجاهات طائفية وستدخل قوى الارهاب على الساحة بثقل كبيرفي محاولة لاستغلال الصدام المسلح بين الجيش والمتظاهرين , في نفس الوقت ستحاول فصائل المقاومة الوطنية كسر قرار تجميد نشاطها لتضطلع بدور حماية المتظاهرين , كما ستعمل على قتال قوى الارهاب كما قاتلته سابقا .
ان سيناريوا العراق اذا ما تصاعدت وتيرة الاحتجاجات الى مستوى الصدام المسلح مع الجيش سيكون كارثيا على أمن ومستقبل العراق الذي ينادي به الجميع ولايعمل احد منهم على تحقيقه.
الدكتور وليد الراوي
1342 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع