طارق رؤوف محمود
ميثاق الأمم المتحدة الذي وقع في سان فرانسيسكو في عام 1945 أول اتفاق دولي يعلن المساواة بين الجنسين، مناسبة تحتفل بها المجموعات النسائية في العالم. وبهذا اليوم تحتفل الأمم المتحدة ايضا، وبلدان عديدة جعلته يوم عيد وطني.
وتجتمع النساء من جميع القارات رغم الفروق العرقية واللغوية والثقافية والاقتصادية والسياسية، للاحتفال بيومهن هذا واستعراض تاريخ النضال من أجل المساواة والعدل.. المرأة تشعر ان وضعها لازال منقوص الحقوق في ظل سطوة التسيس الديني على المجتمعات ليس كطقوس عبادة بل كفكر وممارسة اجتماعية.
وللتطور الصناعي في العالم واحتياج الإنتاج الى الايدي العاملة فكان لا بد من ادخال الايدي العاملة الانثوية الى الإنتاج وبدأت المرأة تعي انها تساهم مساهمة مباشرة في الإنتاج الصناعي وان لها دور لا يقل أهمية عن دور الرجل في المجتمع وبدأت تعي ذاتها في المجتمعات واخذت تناضل من اجل حقوقها. وابتدأت الحركة النسائية في القرن التاسع عشر في العديد من الدول، وركزت مطالبها الاساسية بتخفيض ساعات العمل والمساواة مع الرجل في الاجور ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع.
وفي عام 1975 أثناء السنة الدولية للمرأة، عمدت الأمم المتحدة إلى الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في 8 آذار/مارس.
وهو اليوم الذي كانت تحتفل فيه القوى اليسارية في العالم منذ عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والذي عقد في باريس عام 1945. وهو تذكيرا بمظاهرات عاملات النسيج في شوارع مدينة نيويورك في 8 اذار 1908 اللائي حملن قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار "خبز وورد". طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ومنح النساء حق الاقتراع..
وفي عام 1948 صدر الإعلان العالمي لحقوق الانسان الذي أنصف المرأة وتنص المادة 2 منه:-
( لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود. )
وهذا القانون اثبت ان تطور الفكر البشري استطاع أنصاف نصف البشر في العالم.
لاكن الواقع العربي يجسد عجز بعض المجتمعات والحكومات عن استيعاب المرأة ككائن حر راشد هو تعثر الحداثة وإمعان في التخلف وإن الممارسات التمييزية المستندة إلى تقاليد وأعراف اجتماعية ما زالت قائمة ومؤثرة في مجالات عديدة ، فالقضاء على التمييز ضد المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين يتطلب بلوغ ما يتجاوز المؤشرات والأهداف التي التزمت بها الدول العربية كحد ادني ليرقى إلى مستوى المساواة الإنسانية والدستورية في أفضل مستوياتها ،إن هذا التمييز وألا مساواة في عالمنا العربي لم يعد يتلاءم مع عصرنا الراهن ، وأرجعت الأمم لمتحدة التعثر في مسيرة التقدم في منطقتنا إلى ثلاثة نواقص رئيسية وهي نقص إنتاج المعرفة ، نقص الحريات ، ونقص المساواة بين الإناث والذكور.
إن المجتمع الدولي اعتمد اتفاقية القضاء على جميع إشكال التمييز ضد المرأة، واحترام حقوقها كإنسانة وكمواطنه باعتبارها حقوق كفلتها الشرائع السماوية وتضمنتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وبموجبها عالجت الكثير من التمييز وكفلت تمتع النساء بالحقوق والمساواة مع الرجل.
ان الكوارث التي حلت بالمرأة خلال الحروب والنزاعات المسلحة في بلداننا العربية اثرت بشكل رهيب ومحزن على المرأة فقد نالها الظلم من الإرهاب والعصابات المنظمة والمليشيات الوافدة من الخارج الذي سبب لها جرحا كبير بفقدانها الزوج وألاب المعيل والابناء والاخوة حيث انفرط النسيج العائلي وتشردت المرأة ومن تعيله من أطفال وصبية بعيدا في خيم وإقشاش لا تقي من برد وحر بالإضافة الى حرمان أبنائها من وسيلة التعليم المدرسي وكل وسائل العيش الطبيعية الأخرى.
ومن ماسي الحروب في العراق اغتصاب مئات النسوة اليزيديات من قبل داعش الإرهابية واخضاعهن بالقوة وقتل الكثير من الرجال، والكثير من نساء العراق وخاصة في المناطق التي سيطر عليها الإرهاب ظلمن بشكل غير انساني ووحشي، ومن خلال المعاناة اليومية اصبن بأمراض عديدة ومنها الحالات النفسية والاكتاب والخوف والتفكير بالمصير المجهول لها ولأبنائها ، بالإضافة الى تمزق نسيج عائلتها بالقتل والخطف والتشرد. ولا زالت الماسي الان في الموصل النسوة يصرخن للحصول على لقمة عيش لأبنائهن يناشدن العالم ان ينقذ الأطفال الرضع لفقدان جميع أنواع الغذاء الموت يزخف نحوهم وهم محاصرون ينتظرون خلاصهم على يد جيشنا الباسل. لا يمكن التعبير عن ألام ترمل اكثر من مليون امرأة في العراق بسب الحروب .
ورغم قسوة ظروف المرأة العراقية لكنها بقيت متمسكة بوطنها وحافظت على الاسرة وكافحت طلبا للقمة العيش لإنقاذ أبنائها من المصير المجهول. وكافحت كل اشكال الحروب والطائفية والإرهاب والكوارث التي مست الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
2217 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع