من حكايات جدتي ... الرابعة والأربعين

                                           

                       بدري نوئيل يوسف

قصه القاضي والأخوة الثلاثة .

حدثتنا جدتي عن صديقتها أم فلاح عندما سافرت الى لندن لزيارة ابنها، وقبل الحديث عن قصتها مع ابنها، مدحت جدتي ام فلاح لفراستها وهدوءها فهي تعرف أخلاق وطبائع الناس من النظر إلى أحوالهم الظاهرة كالألوان والأشكال.
وصلت ام فلاح لندن، واستقبلها ابنها بالمطار واتجها نحو شقته، وكانت مفاجئة لها عندما عرفها على زميلته (جيجي) في الدراسة تسكن معه في الشقة، ولاحظت الام أن جيجي تشاركه في كل شيء وهي جميلة وجذابة وفاتنة، توقعت وعرفت أم فلاح ان العلاقة بين ابنها فلاح وجيجي اكثر من زمالة . قرأ فلاح حركات شفاه امه وانفعالاتها، وتصرف بسرعة قائلا لها: انا اعرف انت تفكرين بموضوع البنت التي معي بالشقة، اطمئني واحلف براس المرحوم بابا، نحن مجرد زمالة ومتشاركين بالشقة لان الايجار غالي، ولا يوجد بيننا زائد ناقص، بعد اسبوعان عادت أم فلاح الى الوطن حزينة مقهورة على تصرف ابنها، في احد الايام سألت جيجي فلاح: من يوم سفر أمك وأنا فاقدة كوب الشاي الذي تعودت الشرب به، تعتقد امك أخذته معها ؟
أجاب فلاح:أشك ، ربما اعجبها وأخذته معها لكن سأتصل معها وأتأكد.
اتصل فلاح مع امه وبعد السلام والسؤال عن صحتها سألها: أمي الحبيبه،أنا ما أقول إنك(أخذتي)كوب الشاي
ولا أقول إنك(ما اخذتيه) لكن الحقيقة إن كوب الشاي الذي تشرب به جيحي ضاع من أول يوم رجعتِ للوطن .
أجابت بهدوء :عزيزي فلاح، أنا ما أقول إنك(تنام)مع جيجي ولا أقول إنك(ما تنام) معها، لكن الحقيقة تقول
لو إن جيجي تنام بفراشها الخاص كان وجدت كوب شاي تحت مخدتها .
تلعثم فلاح بالكلام وقال لها: الله على أم فلاح، ام عراقية.
نعود لحكايتنا اليومية : كان يا ما كان ، كان فى قبيلة من العرب رجل حكيم وعنده ثلاثة أولاد، الأول اسمه عبد الله والثانى عبد الله، والثالث عبد الله، وفى يوم من الايام مرض الاب الحكيم وقبل موته اعطى وصيه لابنه عبد الله الأكبر سننا وبعد وفاته فتح الاخوة الثلاثة الوصيه فوجدوا: عبد الله يورث عبد الله لا يورث عبد الله يورث
فاحتاروا الاخوة فى هذا الامر فمن فيهم الذى يورث ومن فيهم الذى لا يورث.
اخبروا أهل القرية بشأنهم مع الوصيه فقالوا لهم، يوجد قاضي يتميز بالذكاء وبالحكمة فى قرية بجوارهم، اتفق الأخوة الذهاب الى القاضي، وهم فى طريقهم الى القاضي قابلهم اعرابي فقال لهم: ألم تشاهدوا جمل مر عليكم؟
فقال الاول هل هذا الجمل اعور(أى يرى بعين واحده) ؟ قال نعم انه اعور، وقال الثاني :هل الجمل اعرج(اى يمشى على ثلاثة ارجل فقط والأخرى يجرها) ؟ قال :نعم انه كذلك، وقال الثالث هل الجمل أقطب(اى بدون ذيل)؟ قال: نعم أنه كذلك ،سأل الاعرابي أنتم رأيتموه ، أجابوا : لا والله لم نراه.
اتهمهم وقال أنتم لصوص ولن تغادروا البلده حتى تقولوا اين ذهبتم به، وألان أخذكم الى القاضي لكى يحكم بيني وبينكم ، فقالوا ونحن موافقون ، فنحن ذاهبون الى القاضي لمشكله ما.
عندما دخلوا الى القاضي الاخوة الثلاثة والاعرابي ، قال القاضي استريحوا حتى نأتى لكم بالغداء، فجلسوا فى غرفه الاستراحة ،وأمر القاضي واحد من الخدم بالذهاب الى السوق حتى يأتى لهم بالطعام، وأمر خادم ثاني أيضا بالتجسس على الاخوة لثلاثة حتى يعرف ما قصتهم.
بعد ما انتهى الاخوة من الغداء ، قال الاول :هل تعلموا أن من قام بأعداد الخبز امرأة حامل؟  وقال الثاني: هل تعلموا أن اللحم الذى اكلتموه لحم كلب؟ وقال الثالث :هل تعلموا أن القاضي أبن حرام (أى أمه زانية فى حمله)؟.
تنصت عليهم الخادم وعرف ماذا يقولون، وتوجه على الفور الى القاضي ليخبره ما جرى، عندما ذهب الى القاضي قال له سيدي الاول يقول ان من قام بإعداد الخبز امرأة حامل، والثانى يقول ان اللحم لحم كلب، ثم سكت الخادم وهو متوترا ، قال القاضي :وماذا قال الثالث ؟ قال لا شيء سيدى، قال له سأقوم بسجنك اذا لم تتحدث ،قال سيدي أنه يقول انك ابن حرام.
قال ادخلوهم الى الديوان مع الاعرابي ، سأل القاضي ما قصتكم مع جمل الاعرابي ، حكى الاخ الكبير كيف التقوا مع الاعرابي؟ و كيف عرفوا مواصفات الجمل؟ واتهمهم الاعرابي بسرقته وهم ابراء من سرقة الجمل.
سأل القاضي الأول كيف عرفت ان الجمل اعور؟ أجاب سيدى القاضي رأيت المكان الذى كان يأكل فيه الجمل فوجدت ان الجمل اكل طعامه من جهة ولا اخرى لا فاستنتجت انه كان اعور، سأل القاضي الثاني كيف عرفت انه اعرج؟ أجاب سيدي: رأيت مكان ارجل الجمل فلم ارى غير ثلاثة ارجل على الارض فاستنتجت انه كان اعرج.
سأل القاضي الثالث : كيف عرفت انه اقطب ؟ أجاب سيدي الجمل الحيوان الوحيد الذي عندما يتبرز يهز ذيله فيكون برازه فى كل مكان حوله ولكن هذا الجمل كان يتبرز فى مكان واحد، فعرفت انه أقطب .قال القاضي وأنا أصدقكم، أذهب يا اعرابي ابحث عن الجمل بعيدا عن هنا، ثم قال القاضي الان اريد ان اعرف منكم قصه الطعام
سأل الاول ما ادراك ان من قام بإعداد الخبز امرأة حامل ،قال سيدى الخبز يكون مستوي من الجنب ولكن هذا الخبز سميك من جهة ونحيف من جهة اذا كان يوجد عائق للخباز حتى لا يستطيع الوصول للطرف البعيد عنه فهو اكيد بطن امرأة حامل، قال القاضي نعم معك حق ،سأل الثاني ما أدراك ان اللحم لحم كلب أجاب سيدي لحم المواشي الابقار والأغنام والماعز والجاموس يكون ترتيب اللحم كالتالي، عظام فوقها لحوم فوقها دهون ولكن هذا اللحم الذى أكلناه كان كالتالي عظام فوقها دهون فوقها لحوم وهذا ترتيب لحم الكلب ، قال نعم عندك حق، سأل القاضي الثالث وأنتَ ما أدراك انى ابن حرام ،قال: لأنك قمت بإرسال جاسوس علينا، ونحن فى بيتك ولا يرسل جاسوس على ضيوفه غير ابن الحرام.
قال القاضي هل تعلم ان لا يعرف أبن الحرام غير ابن الحرام مثله، قال نعم هذه مقوله عندنا
قال القاضي فأنت عرفتني انى ابن حرام فأنت ابن حرام (اذا انت عبد الله الذى لا يورث) .
وكنا عندكم وجئنا.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2970 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع