موفق نيسكو
ذكرنا أكثر مرة وبحوالي 150 دليلاً معززاً بالوثائق والمخطوطات التاريخية قسم منها يعود لأكثر من ألف وخمسئة سنة، ومن مصادر الكنيسة نفسها أن الآشوريين الحاليين هم سريان من أصول يهودية من الأسباط العشرة التائهة من إسرائيل عاشوا كيهود قبل المسيحية، وبعد المسيحية كمسيحيين، (روفائيل ميناس، الوثنية والمسيحية في المشرق، مجلة المجمع العلمي العراقي 1985م، ص277)، لكن النظرة القومية الإسرائيلية العبرية بقيت متأصلة فيهم على مر الزمن، واعتنق هؤلاء الهرطقة النسطورية سنة 497م وانفصلوا عن أنطاكية السريانية، وشكَّلوا لهم شرق الفرات في المدائن كرسي كنسي، ولذلك سُميَّوا السريان الشرقيين، ولا علاقة لهم بالآشوريين القدماء. (راجع مقالنا كيف سَمَّى الانكليز النساطرة آشوريين، 7 أجزاء، ومقالنا هل النساطرة هم الأسباط العشرة الضائعة من اليهود، خاصة ج2، وليس قصدنا الانتقاص من اليهود، بل يجب احترام جميع الناس، ولكن قصدنا هو تبيان الحقيقة وعدم التخفي بثوب الدين لأغراض سياسية).
وجاءت الفرصة للنساطرة في الحرب الأولى حين تحالفوا مع الانكليز، فسمَّاهم الانكليز حليفنا الصغير، وشكَّلوا لهم جيش الليفي وموَّلوهُ بهدف لدفاع عن مصالحهم، مقابل إقامة كيان آشوري بوجه مسيحي، لكن بثوب وقلب قومي عبري إسرائيلي لتحقيق حلم إسرائيل الثاني إلى الفرات، حيث أعطاهم الكابتن الانكليزي كريسي وعداً بذلك في 28 كانون الثاني 1918م، أي بعد ثلاثة شهرين من وعد بلفور، ووضعت نقاط الوعد في بيان المندوب السامي البريطاني السير هنري دوبس في 31 أيار 1924م، فقاموا بتمرد مسلح على العراق، وقد استنكر العراقيون حكومة وشعباً، نواباً وسياسيين ومثقفين، وبكل أديانهم وأطيافهم، واعتبروا الآشوريين ناكري جميل وحسن الضيافة والكرم، وطالب قسم منهم بطردهم من البلاد استناداً إلى مرسوم 62، مادة 1 ،2، الذي ينص على سحب الجنسية المكتسبة بعد سنة 1918م للمخلين بالأمن، والتي بموجبها سُحبت جنسية بطركهم إيشاي وثلاثة من أقاربه في 16 آب 1933م، وكان أغلب الآشوريين إيرانيَّ وتركيَّ الجنسية، وأكرمهم العراق ومنحهم الجنسية. (وسأنشر مستقبلاً التفاصيل مع وثائق قسم منها يعرض لأول مرة).
وقد ظن النساطرة أن الاسم الآشوري لشهرته سيكون له صدى وسيرجف العالم عندما يسمعه ويعطيهم دولة على غرار إسرائيل، والبرفسور الدكتور جون جوزيف أحد أبناء الكنيسة نفسها في كتابه (الآشوريون الجدد في الشرق الأوسط،The modern Assyrians of the middle east) استند إلى أدق المراجع العالمية وفَنَّدَ إدعاء النساطرة أنهم آشوريين، وشَبَّهَ إدعاء الآشوريين الحاليين أنهم ينحدرون من القدماء بقول الكاتب ميكائيل مارون: إنه شاهد متسول إيراني شيعي جالس في كرمنشاه يدَّعي بصوت عالي أنه سليل الإمام الحسين وحفيد الرسول محمد لكي يكسب عطف الناس. (ص27).
ولما كان الأمر معروفاً لدى الفاتيكان أن هؤلاء هم سريان سمَّاهم الإنكليز آشوريين لإغراض استعمارية، وأن هذه الألاعيب لا تنطلي على أحد، فقد خاطب البابا يوحنا بولس الثاني البطرك النسطوري دنحا ووفده في الفاتيكان بتاريخ 11/11/ 1994م قائلاً له: حتى لو سميتم كنيستكم آشورية، لكنكم بالنسبة لنا سريان شرقيين:
(علينا أن نسعى لتنسيق جهودنا من أجل الترحيب بكرامة والمساعدة الفعالة لاؤلئك الذين اقتلعوا من ديارهم واجبروا على الهجرة بسبب الصعوبات التي عانوها، ولا ننسى الألم الطويل التي عانته جماعتكم السريانية الشرقية..الخ).
ومع أن أصل التسمية هو ما يُسمي القوم أنفسهم بلغتهم وليس بلغة الآخرين، واسم النساطرة في كل التاريخ بلغتهم هو السريان، وغالباً ما يحاول الآشوريين بحيلة لغوية أخرى اعتباره الآشوريين بحجة تقارب الكلمتين بالإنكليزي فقط، لان الكلمتين آشوري وسرياني بلغتهم السريانية تختلفان تماماً، لكن الملاحظ أن البابا استعمل اسم الكنيسة الآشورية واسم السريان بالانكليزي بصيغتين واضحتين، وليس كما يدعى الآشوريين، علماً أن الرسالة مترجمة في كتاب كنيسة المشرق ص257، للمطران النسطوري باواي سورو، الآشوري سابقاً والكلداني حالياً.
أرفق الوثيقة الفاتيكانية ونص المطران سورو على الرابط التالي:
http://karemlash4u.com/up/download.php?img=81944
وشكراً/ موفق نيسكو
2187 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع