محمد حسين الداغستاني
لا يكفي أن تصمت , إنما عليك أن تعرف كيف تقول شيئا ً آخراً !
اراجون / شظايا
المسافة بين توهج الكلمة وإحتراقها وبين عيني (إلزا) حبيبة ( آراجون) شـاعر فرنسا الكبير , هي ذات المسافة التي على النبض أن يقطعها بين الفؤاد والدم , وإلاّ فكيف له أن يرى من شدة ِ عمقهما ـ وهو ينحني ليشرب ـ كل الشموس فيهما تنعكس ؟ وكيف لهما أن تجعل السماء التي تعقب المطر غيوّرة ؟ وهـل يستفزالجمال العقل فيرنوا الى لحظة الإنتقال الحرج من المسألة الى ضدها ؟!
إذن... تلك هي جدلية الأشـياء ومنطق تداعيها ,بين مفاهيم التنصل من الرفعة , وبين بث الجفاء في المياه العذبة لكي يموت السمك الملون , وهو التفسير الوحيد لما يجري من حولنا إيتها المغرقة في صمتها وأحزانها ، نتطلع للآت وما سيحمل من عزاء , فنتملص من هجير التباعد , ونركن الى الصـبر العصـيب , ونثق بأن مساحة الود الحميم هي دائما ً أكثر إتســاعا من الصد الموجوع .
فعندما يحين الليل , ويسـتعد الأنين لإختراق شـغاف القلب , فإنني لا أتوانى عن بدء الرحلة المضنية بين ثنايا الروح , لأسـتعيد معك ِ وحدك ِ السـويعات المترعة بالفـرادة والتميز , بإنتظار الصـباح المطرّز بالنرجس وعطر الياسـمين الذي يملأ المكان العتيق , والذي يقودنا دون روية , نحو الأبواب الخجولة , وإنعطافات الجدران المائلة , وزوايا الغرف المهجورة لنذوب في لحظة وجلة بعيـدا ً عن أعين الوشـاة !
والآن وبعدما إشـتد الأوار , وإمتدت المسـافات , وأصبح من العسير أن يحتضن صدري المكدود رأسـك ِ الصغير الوديع المكتظ بالأسئلة التي لا اجــوبة لها , أدرك بأن هناك ألف سبب يدعوني الى التمسك بك ِ, وأن لا افقد الثقة بحبك , فيما لا أجد بالمقابل سـببا ً واحدا ً يجبرني على الأستسلام لمنطق اليائسين والمبعدين عن مدن المطر والعشب اللذيذ !!
إنه اللهيب الذي يمسّ أوردتي , فيغدوا كالثلج المضاء في الدم ليعلن على الملأ إستسلامه , إلا أنه يتراجع بتؤدة أمام إصرار عينيك دون سابق إنذار !!
2057 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع