بدري نوئيل يوسف
من حكايات جدتي ... الخامسة والثلاثين
كثرة اللقم تطرد النقم
حدثتنا جدتي في احدى الليالي الباردة ونحن نجلس بالقرب من مدفئة نفطية، بأن هذه القصة حقيقية حدثت في مديرية الالبان العامة في سبعينيات القرن الماضي وقد سمعتها من احد الاقرباء. قررت الحكومة انشاء مديرية عامه لبيع الالبان، فتم شراء الابقار من الذين يرغبون لبيعها الى الحكومة وبأثمان مجزية، ولغرض توسيع وازدياد عدد الابقار في المديرية، قرروا استئجار ثور يقوم بمهمته التناسليه من امرأة تمتلك هذا الثور .
فقام الثور بمهمته على احسن ما يكون لقاء مبلغ يدفع لصاحبة الثور في كل مرة، ويرجعون الثور الى صاحبته وتمت هذه الموافقة بينهما ولا توجد اي مشكله، في يوم من الايام فكر السيد مدير عام ( مديرية الالبان العامه ) بشراء ذلك الثور من تلك المرأة لقاء مبلغ مغري لا تستطيع ان ترفضه، فأجتمع مجلس ادارة المديرية باجتماع فوق العادة وقرروا بالإجماع شراء ذلك الثور .
وتم تأليف وفد من ثلاثة موظفين للذهاب الى مقابلة هذه المرأة وإقناعها ببيع ثورها اليهم، والمدير العام لازال في انتظارهم على احر من الجمر (متلهف)، فوافقت المرأة على ذلك ودفعوا المبلغ السخي لها وجاءوا به فرحين ،وتم الاحتفاء به وذلك بتقديم عشاءا له ومن اطيب الاكل لكي يقوم بواجبه على اتم وجه وبذلك سوف يوفر مبالغ طائلة للمديرية وانتظوا، وانتظروا يوما بعد يوم وهم في فارغ الصبر ولكن لا يوجد اي (عمل) وهذا الثور لا يحرك ساكنا . وبعد أن ملوا وضجروا، قرروا عقد اجتماع عاجل( فوق العادة ) واضطراري، لتدارس الموقف وإرسال وفد لمقابلة تلك المرأة والاستفسار منها، لماذا الثور لا يقوم بعمله ؟ عقد الاجتماع ودرسوا كل المعطيات والظروف المحيطة بالثور وعلاقته مع الابقار ونوع العلف والراحة النفسية للثور وتوصلوا الى تشكيل وفد ، توجهوا لمنزل المرأة وشرحوا لها الموقف والكسل الذي اصاب الثور ، وسألوها ما نوع الاكل الذي يأكله عندما كان معها ؟فأجابتهم بأنها كان توكله ما تبقى من طعامها وما تقع يدها عليه من حشائش الارض! فردوا عليها بأنهم يعطوه احسن الطعام وكل ما يشتهيه ولكن لا يقوم بعمله الموكل اليه !!فردت عليهم :( تدرون ليش هذا الثور ما يشتغل ؟ ).
قالوا: لا ! فردت عليهم: هذا الثور صار موظف حكومي... بعد ما يشتغل !
نعود لحكايتنا الاسبوعية يا احبائي :كان يا ما كان في قديم الزمان، يحكى أن امرأةً رأت في الرؤيا أثناء نومها أنَّ رجلاً من أقاربها قد لدغته أفعى سامة فقتلته ومات على الفور، وقد أفزعتها هذه الرؤيا وأخافتها جداً، وفي صبيحة اليوم التالي توجهت إلى بيت ذلك الرجل وقصّت عليه رؤياها وعَبَّرَت له عن مخاوفها ، وطلبت منه أن ينتبه لما يدور حوله ، ويأخذ لنفسه الحيطة والحذر .
فنذر الرجلُ على نفسه أن يذبح كبشين كبيرين من الضأن نذراً لوجه الله تعالى، عسى أن ينقذه ويكتب له السلامة من هذه الرؤيا المفزعة. وهكذا فعل، ففي مساء ذلك اليوم ذبح رأسين كبيرين من الضأن، ودعا أقاربه والناس المجاورين له، وقدم لهم عشاءً دسماً، ووزَّعَ باقي اللحم حتى لم يبقَ منه إلا ساقاً واحدة.
وكان صاحب البيت لم يذق طعم الأكل ولا اللحم، بسبب القلق الذي يساوره ويملأ نفسه، والهموم التي تنغّص عليه
عيشه وتقضّ مضجعه، فهو وإن كان يبتسم ويبشّ في وجوه الحاضرين، إلا أنه كان يعيش في دوامة من القلق والخوف من المجهول .
لَفَّ الرجلُ الساقَ في رغيفٍ من الخبز ورفعها نحو فمه ليأكل منها، ولكنه تذكّر عجوزاً من جيرانه لا تستطيع القدوم
بسبب ضعفها وهرمها، فلام نفسه قائلاً: لقد نسيت تلك العجوز وستكون الساق من نصيبها، فذهب إليها بنفسه وقدّم لها تلك الساق واعتذر لها لأنه لم يبقَ عنده شيء من اللحم غير هذه القطعة.
سُرَّت المرأةُ العجوز بذلك وأكلت اللحم ورمت عظمة الساق، وفي ساعات الليل جاءت حيّة تدبّ على رائحة اللحم والزَّفَر ، وأخذت تمص العظم و ما تبقى من الدهنيات وبقايا اللحم عن تلك العظمة وتصدر صوتها عند كسرها، فدخلت الجهة المعقوفة منه عظم الساق في حلقها ولم تستطع الحيّة التخلّص منه، فأخذت ترفع رأسها وتخبط العظمة على الأرض وتجرّ نفسها إلى الوراء وتزحف محاولة تخليص نفسها، ولكنها عبثاً حاولت ذلـك، فلم تُجْدِ محاولاتها شيئاً ولم تستطع تخليص نفسها.
وفي ساعات الصباح الباكر سمع أبناء الرجل المذكور حركة وخَبْطاً وراء بيتهم فأخبروا أباهم بذلك، وعندما خرج لمعرفة حقيقة الأمر وجد الحيّة على تلك الحال، وقد التصقت عظمة الساق في فكِّها وأوصلها زحفها إلى بيته، فقتلها وحمد الله على خلاصه ونجاته منها، وأخبر أهله بالحادثة فتحدث الناس بالقصة زمناً، وانتشر خبرها في كلّ مكان، وهم يرددون المثل القائل:" كثرة اللُّقَم تطرد النِّقَم .
2798 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع