هل يتمكن الرئيس ترامب من تجاوز الخطيئة تجاه العالم

                                                               

                                    فلاح ميرزا

الشئ الغريب والذى تفاجئت به الاوساط الدولية بمختلف اتجاهتها وصنوفها هو الاعلان عن فوز دونالد ترامب برسائة البيت الابيض للسنوات الاربعة القادمة وكانت اشبه بالصدمة وكأن فوزه جاء من السماء بقدرة قادر بخلاف الرؤى والتوقعات التى تحدثت عنه وعن مسيرته وتصرفاته التى ليست لها علاقة بالسياسة الامريكية خلال العقود الماضية

وهذه الرؤى قد لا تكون ملائمة للكثيرين ممن لم يعتادوا على التعامل مع هكذا نموذج الذى اربك الخبراء المخضرمين فى الادارة الامريكية خشية على البرامج التى وضعت للقرن الامريكى الحالى امام مفاجئات قد تضطرب معها الخطط المعدة سلفا للسياسة الامريكية وهى والحالة هذه وضعت نفسها فى مواقف محرجة  لم تتمكن من الاجابة عليها تلك البرامج التى كانت تتناقض مع نفسها فى ظل الرئيس اوباما بشان تطورات الاحداث فى منطقة الشرق الاوسط  لسبب واحد وهو ان الادارة الامريكية لم تكن فى يوم من الايام صادقة نفسها والشعب الامريكى اولا ومع العالم والمجتمع الدولي ثانيا ولو عدنا قليلا الى الوراء الى مابعد الحرب العالمية الثانية وتوقفنا عن ما فعلته فى كثير من دول العالم حينئذ يمكننا معرفة حقيقة وصدق نواياها ولسنا هنا بحاجة الى الدليل فاحتلالها العراق خير دليل على ذلك فهى تدمر الشعوب وتتباكى عليها بعد ذلك, وهناك توقعات بحدوث مفاجئات دراميتكية مثل ذلك ستضعها امام كوارث وازمات ليس بالحسبان ذلك لان مجئ رئيس امريكى من غير ان تكون اللوبيات والكارتلات الاقتصادية والمالية طرف فيه امرا فى غاية الخطورة ويبعث على الريبة وقد يضع الولايات المتحدة فى متاهات ومشاكل وازمات ستؤدى بصورة او باخرى تغيرات فى النظم الدولية المعمولة بها حاليا ,تلك امور لم يتمكن العرافون ولا قراء الفنجان ولا دهاقنة السياسة ان يتنبؤا بها لذلك ظل العالم مندهش لما جرى و اكثر لما سيجرى وموضوع الشرق الاوسط الذى تشغل باله كثيرا سيكون له شان امريكي اكثر فاعلية من سابقه لاحظوا تصريحات السياسين المخظرمين على راسهم هنرى كسينجر حول تسارع الاحداث فى سوريا والعراق وتركيا وروسيا ومصير الجماعات المنضوية تحت مسميات الارهاب وبالتاكيد فان الذى يشغل بال الرئيس الجديد هو الوضع الداخلى لامريكا قبل كل شئ وهذا بخلاف ماكان يشغل بال الادارات السابقة التى كانت ترمى بمشاكلها الداخلية باشغال العالم بصراعات وازمات وحروب وتتولى موسساتها الاعلامية مهمة تغطية ذلك مع اعطاء هامش من المناورة بخصوص انتعاش الوضع المالى والاقتصادى ولو بصورة موقته كالذى حصل بانتعاش الدولار الامريكى فى التعاملات الدولية امام بقية العملات وتلك هى ظاهرة ايجابية حسب اراء الخبراء , رغم ان هناك من لا يرى هذا قياسا بما سيحصل بالنسبة للضرائب وفقدان ملايين من الوظائف الا ان هناك مؤشرات جاءت بغير ماتوقعه الخبراء بالنسبة للعلاقات مع الدول العربية والاوروبية وبالنسبة لمصر فان الرئيس السيسى يرى بفوز ترامب هو تقليل الضغط على مصر كالذى كان يحدث ايام اوباما وان كان ذلك ليس مضمونا كما وان الحكومة السورية لم تكن واضحة حول سياسة ترامب تجاه اوضاعها الداخلية وطبيعة تحالفاتها مع ايران وروسيا وهذا يعنى ان الاسد سيشعر بنوع من الراحة لكن كيف ستتطور الامور فيما بعد بسبب علاقاته مع روسيا وايران , ويبقى موضوع فلسطين سلة البيض التى لايقبل اى طرف ان يتحمل مسؤليتها  فى حين يستمر تأثير الرأي العام العربي في عملية صنع السياسة الخارجية:الامريكية  حيث لم تعد السياسة الأمريكية مقتصرة فقط على التحالف مع الأنظمة الحاكمة في المنطقة بما يحقق مصالحها وأهدافها، خاصة الحرب على الإرهاب، مقابل الدعم الأمريكي لتلك الأنظمة للحفاظ على شرعيتها واستمرارها. بل أضحي الرأي العام العربي عاملا مهما في السياسة الخارجية لدول المنطقة، وأسهم في جعلها أكثر استقلالية وندية إزاء السياسة الأمريكية، بعد أن كانت أشبه بالتابعة لها، في ظل الأنظمة القديمة. ولذلك، فإن الإدارة الأمريكية الجديدة، وهي تسعي لتحقيق مصالحها في الشرق الأوسط، عليها أن تراعي الرأي العام العربي في نمط تحالفاتها أو سياساتها الخارجية تجاه المنطقة ,ولم تعد الولايات المتحدة كالسلبق الفاعل الرئيسي في تفاعلات وقضايا الشرق الأوسط، مع تصاعد أدوار قوي دولية أخري، مثل روسيا، خاصة في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي، حيث أصبح الدور الروسي بارزا ومتشابكا في العديد من ازمات المنطقة، خاصة في الأزمة السورية. فبعد التدخل العسكري الروسي في شهر شباط  2016 إلى جانب النظام السوري، انقلبت موازين القوي لمصلحة النظام في صراعه مع المعارضة المسلحة، والتنظيمات الإرهابية , وقد اسهم الانسحاب الامريكى من الازمة وتخبط إدارة أوباما إزاء التعامل معها في إحداث فراغ كبير، سعت روسيا إلى ملئه، وذلك في مساعيها لتوسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، في إطار الحرب الباردة الجديدة مع الولايات المتحدة، والدول الأوروبية، والذي برزت ساحته الأساسية في أوكرانيا. كما أن توجه مصر إلى التحالف مع روسيا، بعد فتور العلاقات مع الولايات المتحدة، يضعها فى موقف اخر, ويمكنالقول إن تحليل السياسة الخارجية الأمريكية تاريخيا، منذ قرون مضت، يوضح أن تلك السياسة تتغير دوريا وبشكل روتيني من توجه انعزالي إلى آخر تدخلي من فترة إلى أخري، بحيث إنه يمكن توقع التغير من توجه لآخر في لحظات تاريخية معينة. فالسياسة الخارجية الأمريكية تميزت خلال الفترات التى سبقت الحرب العالمية الاولى بشئ من التغيير المستمر في حين شهدت تلك السياسة بنوع من الثبات منذ الحرب العالمية الثانية، فإن الخطوط العامة للسياسة الخارجية الأمريكية ظلت ثابتة تقريبا، وهذا ما لاحظه ديكسون وجاردر على السياسة الخارجية الأمريكية في الفترة من 1948 وحتي .1988 كما انه ومنذ انتهاء الحرب الباردة وحتي الآن، تتسم السياسة الخارجية الأمريكية بالثبات والاستمرارية، خاصة في الأهداف والتوجهات. لكن التغير يكون في الآليات ما بين التدخل العسكري، كما حدث في عهد الجمهوريين في إدارتي بوش الأب وبوش الابن، وتبني الآليات الدبلوماسية في عهد الديمقراطيين في إدارتي كلينتون وأوباما. كما أن السياسة الأمريكية، بعد الحرب العالمية الثانية، تسعي دائما للتوازن بين حسابات المصالح الأمريكية، الواقعية، لكن المصالح الامريكية فى الشرق الاوسط وعلى راسها تامين وصول النفط ومحاربة الارهاب ستفرض على الرئيس ترامب استمرار الانخراط فى قضايا المنطقة ، وضرورة التعامل معها  لكن نمط السياسة قد يختلف عن سلبقه اوباما ,. وبالنسبة للعراق فان العالم وخلال المرحلة التى مرت عليه منذ احتلاله ولحد الان ادرك بشكل لايقبل اللبس والجدل ان السياسة الامريكية لم تتمكن من اظهار حقيقة هذ الاحتلال واسبابه فهى عوضا ان تاتى بالديمقراطية جاءت بالتناحر بين فئات الشعب وتطور الى القتل وبدلا ان يشعر المواطن العراقى بالامان والاستقرار اصبح مهددا بالتهجير والقتل واصبحت الفوضى وسرقة المال العام حالة يمارسها موظفى الدولة صغيرهم وكبيرهم وخلال ثلاثة رئاسات امريكية لم يعد هناك بصيص امل بخلاف الرئيس الجديد ترامب الذى لوح بانه على اطلاع مالذى فعلة ابناء جلدته فى هذ الاحتلال واشار الى ان بعض الجنود اساؤا فى مهمتهم ومدوا ايديهم لسرقة اموال تعود للدولة وانه غير مستعد ان يرسل جيش ليقاتل من اجل العراق لانهم يعلمون ان فى العراق حكومة فاسدة وان نفط العراق ليس ملكهم وانما من حقنا وانه دولة مفككة بقضل الصراعات بين المكونات والتحالفات المنشغلة بالتجاذبات دون الالتقات لمصلحة البلاد ووضعت نفسها امام تسؤلات وفرائض , وبلاشك بان وصفا كهذا يصدر عن رئيس اكبر دول شبيه بتشخيص طبيب اخصائى لمرض مزمن لحالة مريض فهل يكتفى بذلك ام ان وراء هذا التشخيص اعطاء دواء او علاج بادوات بتر لاستئصال ورم معين او ان حالة المريض ميؤس منها وفى الحالة هذه فاننا نعود كما بدأنا ان الولايات المتحدة تعرف ماتفعل ولكنها لايهمها ماينتج عن ذلك  الا ان كتابا صدر قبل فترة نيويورك ولندن وسدني يروى مؤلفه ذكرياته فى العراق ويلخص فى عمله نهاية العراق على ايدى الامريكان بعد ان تتبع طبيعة تطورات مشكلاته منذ نهاية ستينات القرن الماضى وتولى حزب البعث السلطة وازالته فى عام 2003 على يد الامريكان وانتهاءه في الشهور الاولى من عام 2006 وهو يترنح اليوم ليسقط نهائيا كما يتوقع صاحب الكتاب وان تصدر شهادة وفاته بعد ان يذهب الى غير رجعة على ايدى الامريكان الذين يطالبون بالاعتراف يخطيئتهم ومن خلال تجربتهم المريرة فى العراق لايهمهم الشان الداخلى ولا يعيروا اى اهمية لما يحدث وما سيحدث وكانهم كانوا ومازالوا صناع خلاقين لمثل هذا العنف القاتل انهم لم يعلنوا منذ ان تبلورت الازمة وتدولت لا عن اجندتهم وماالذى يريدونه اولا ولا عن جدولة بقائهم او انسحابهم كليا ثانيا مؤلف الكتاب هو بيترغاليبيرت (نهاية العراق) كيف عجز الامريكيون فى خلق حرب بلا نهاية ويقول ان الفوضى فى العراق صناعة امريكية ويعترف الكاتب بان ثمة مسلسل او سيناريو امريكى لجعل العراق وقد وصل الى درج متدنية من التمزق وهو بنتظر ان تمنحه شهادات ولادة لكيانات ثلاثة تنبثق عن اوصاله المتقطعة ويشخص الكتاب الجريمة الكاملة التى ارتكبتها الادارة الامريكية فى العراق  وان الاستراتجية التى اقرها وصنعها ونفذها ساسة وخبراء مخابرات لم يتعرف بعضهم على ماهية العراق ولم يتمرسوا على الاداء الخارجى وهم جماعة من الفاسدين الذين اسندت اليهم المهام الخطيرة نظرا لما يهمهم من ولاء للمحافظين الجدد  التى فشلت فى الحفاظ على النسيج الاجتماعى الهش فى العراق  ويقول رجعت الى واشنطن  فى ايار 2003 وبقيت ساعة فى البنتاغون بمعية بول ولفيتس وانا اوجز له ما رايته وشاهدته فى العراق وقد غضب منى نظرا لصراحتى وافقل الابواب والتليفونات بوجهى وبقى ان نتعرف على الكاتب هو سياسى وادارى ودبلوماسى امريكى واحد اعضاء لجنة الشؤون الخارجية فى الكونجرس الامريكى فى الثمانينات والتسعينات وخدم فى ادارة كلنتن وسفير فى كرواتيا له مؤلفات عن وجود الامريكان فى مناطق العراق وصاحب رؤى ومعلومات مفيدة جدا يستحسن التعرف عليها وقراءته

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1048 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع