المكون المسيحي، تسمية دينية مقيتة

                                                            

                                 د. نزار ملاخا

           المكون المسيحي، تسمية دينية مقيتة
نشر موقع البطريركية تحت هذا الرابط http://saint-adday.com/?p=15099 وفي النقطة2 من المواضيع المقترحة هو توحيد تسمية الكلدان والسريان والآثوريين بتسمية دينية وهي " المكون المسيحي".

ولما لهذه التسمية من مساوئ وتحريض وطائفية مقيتة ودينية ذات أفق ضيق، نقول بأن الله لم يخلق الدين قبل القبائل والشعوب، ولم يخلق الملل والنحل والطوائف والشعوب قبل أن يخلق لها أرضاً، حسب الكتب المقدسة فإن الله خلق الإنسان أو جبله من طين في اليوم السادس من ايام الخليقة، بعد أن هيئ له كل سبل العيش من أرض وسماء وماء ونباتات وطيور وغير ذلك، "فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.تك1: 27،" الخليقة ابتدأت في بابل، فملأوا الأرض، "وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ».تك 1: 28، " ثم أبتدأت الحياة من جديد في نوح وبنيه، وإن أول أرض ورد ذكر اسمها في الكتاب المقدس كانت أرض بابل،"كَانَ ابْتِدَاءُ مَمْلَكَتِهِ بَابِلَ وَأَرَكَ وَأَكَّدَ وَكَلْنَةَ، فِي أَرْضِ شِنْعَارَ، تك10: 10،"، ومن هناك تبلبلت الألسنة وتشتت شمل الخليقة في مختلف بقاع الأرض، إذن نفهم من ذلك أن الله خلق الأرض والإنسان قبل أن يخلق الأديان، لأن الأديان تفرّق، أما الأرض والإنسان فإنهما يدعوان للوحدة والتماسك، ومن ثم وفق تسلسل الأحداث وصولاً إلى النبي إبراهيم الكلداني، وعلى ما أعتقد فإن أول تسمية ورد ذكرها في الكتاب المقدس لم تكن تسمية دينية، بل كانت تسمية قومية، وهي " وَمَاتَ هَارَانُ قَبْلَ تَارَحَ أَبِيهِ فِي أَرْضِ مِيلاَدِهِ فِي أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ، تك 11: 28،" ، إذن من هذا المفهوم فإن تسميتنا القومية الكلدانية هي تسمية مباركة شريفة، ومن تلك البقعة الشريفة المقدسة الطاهرة أنتقلوا إلى بقعة أخرى،" فَخَرَجُوا مَعًا مِنْ أُورِ الْكَلْدَانِيِّينَ لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ.تك11: 31، "
تأسيس الكنيسة:ــ لم تؤسس الكنيسة قبل المسيح، فلا كنيسة قبل الرسالة، وعند إيمان الشعب برسالة سيدنا يسوع المسيح وتأسست الكنيسة، " وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا.متى 16: 18"
أما عن الإنتساب للمسيح فكان ذلك في أعمال11: 26" وَدُعِيَ التَّلاَمِيذُ «مَسِيحِيِّينَ» فِي أَنْطَاكِيَةَ أَوَّلاً."وهذا يعني أننا أكتسبنا التسمية الدينية قبل الفي عام بينما تسميتنا القومية هي قبل ما يزيد على سبعة آلاف عام، فهل يعقل ما تذهبون إليه اليوم؟
إن الكنيسة والقومية على طرفي نقيض، فهما كذلك الخطان المستقيمان اللذان لن يلتقيا مهما أمتدا، ولذلك اسباب كثيرة ومتعددة، منها أن فكر الكنيسة فكر أممي، وفكر سلطوي وفكر تعصبي ومغلق في إطار الدين فقط، فكر الكنيسة فكر لا تريد لنفسها أن تكون كنيسة قومية بل هي كنيسة أمة وتسميتها بالكنيسة الكلدانية في عراقنا الحبيب هو بسبب إنتشارها لأول مرة بين صفوف الشعب الكلداني، لذلك حملت اسم ذلك الشعب، وضربها لعناصر القوة القومية بسبب أنها تريد أن تكون هي السلطة الوحيدة دينية ودنيوية، وهي القائد الوحيد ولها الكلمة الأولى في كل المجالات، التسمية الدينية تدل على التخلف والتقهقر والإنحطاط، جميع شعوب العالم غادرت تسمياتها الدينية وانفتحت على الشعوب الأخرى، وها نحن كنيستنا تعود بنا إلى زمن الإضطهاد، إلى المربع الأول، لتعيد لنا التسمية الدينية وتحصرنا بين كفتيها بين مطرقتها وسندانها، لتجعلنا عرضة وهدفاً لسهام المتعصبين والمتزمتين والأصوليين،
لا يمكننا مطلقاً قياس البشر وفقاً لإنتمائاتهم الدينية، مثال بسيط عايشته أنا كما عايشه أغلبية ابناء شعبنا العراقي، فأنا أعرف اشخاصاً تركوا المسيحية وانتقلوا إلى الإسلام، ولم يتخلوا عن اسمهم الشخصي، ولا عن اسم عائلتهم وعشيرتهم وقريتهم وقوميتهم ووطنهم، فالألقوشي الذي يصبح مسلماً، يبقي على إسمه، ويبقي على اسم عشيرته، ويبقي إنتمائه القومي وكذلك إنتمائه المناطقي من القوش وكذلك إنتمائه الوطني كعراقي ولا يمكن باي حال من الأحوال أن يتغير ذلك، بتلك السهولة التي يتم فيها تغيير الدين، يعني أنا من آل ملاخا، لا يمكن مطلقاً أن يقبلها أهلي عندما أقول أنا من آل فلان مثلاً، كما يستهجن ابناء قريتي وابناء القرى الأخرى إذا قلت انا من بطنايا (مع إحترامي للجميع فالأمثال تُضرب ولا تُقاس) لأن جميع أهل بطنايا يعرف أحدهم الآخر، ولا يمكنني أن اقول أنا سرياني فالسريان معروفون وهم الذين سيقولون لي أنت مخطئ فأنت كلداني، ولا استطيع أن اقول أنا إيراني فالجميع يعرفني بأنني عراقي ويكون ذلك هراء، أما إذا قلت بأنني اصبحت إنجيلياً أو تركتُ ديني فالجميع يتقبل ذلك ويؤمن بها لأنها حالة ملموسة وقابلة للتغير.
مختصر الكلام أنني أرفض رفضاً قاطعاً ما ذهبت إليه قيادة كنيستنا بطرحها موضوع تسميتنا ( المكون المسيحي) ونكرت وتنكّرت بذلك لتاريخنا العريق الذي يمتد عدة ألاف من السنين، أرفض التسمية الدينية المقيتة وأتنكر لها إن كانت بديلاً عن هويتي القومية، ويبدو أنهم ليسوا أكفاء بتلك الدرجة التي يستطيعون أن يميزوا فيها ما هو الفرق بيت التسمية الدينية والتسمية القومية،  لذا يا أبناء شعبنا الأصيل الكلدانيون الأصلاء أعلنوا أستنكاركم وشجبكم وإدانتكم لكل من يحاول طمس هويتنا القومية على حساب الهويات الأخرى أو لغايات شخصية قمعية تؤدي بنا إلى التفرقة والشرذمة في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة إلى لم الصف، نحن عراقيون، نحن كلدان هذه تسميتنا شاء من شاء وأبى من ابى، وندائي هذا أعلنه صرخة إلى الحكومة والبرلمان بأنني ارفض رفضاً باتاً أن تسميني مسيحي، فالدين علاقة خاصة بيني وبين الله، ولا لأحد له الحق في أن يمنع عني تسميتي القومية او أن يصفني قومياً بما انا لستُ عليه.
لذا اقول يا قادة كنيستنا أحذروا من هذه المطبات ففيها نهاية الإيمان، وستبعدون المؤمنين عنكم وعن كنائسكم، وأعذر مَن أنذر.
نسخة منه إلى موقع البطريركية الكلدانية وموقع غبطته والسادة المطارنة والآباء الكهنة والشمامسة وعامة أبناء شعبنا.
د. نزار ملاخا
8/11/2016

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

762 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

تابعونا على الفيس بوك