كاظم فنجان الحمامي
ليس شجاعا ذلك الكلب الذي ينبح على الأسود المقيدة خلف قضبان المطارات الطائفية الممعنة في حقدها على العراق مهد السلالات البشرية ومهد الحضارات الإنسانية,
وليس شجاعا ذلك الجمهور الموتور الذي تقاطر بالآلاف ليقذف الشتائم خلف مرمى نور صبري أمام أنظار ومسامع اللجنة المنظمة, وليس حكيما ذلك الحكم الذي أشهر تحيزه ليكيل قراراته الارتجالية بمكيالين متناقضين, وليس عادلا ذلك المتحامل الذي تعمد منع أبناء الشعب العراقي من حضور المباريات الختامية, وحرمهم من الوصول إلى الملعب, ومنعهم من الهبوط في مطار المنامة, بينما سمح في الوقت نفسه لعشرات الطائرات الإماراتية, وآلاف السيارات التي جاءت عن طريق البر لتؤازر الحملات الخليجية المجندة للنيل من المنتخب العراقي. .
تبا لتلك القلوب السوداء المشحونة بالكراهية والبغضاء, والخزي والعار لكل الذين أسهموا في حرمان الشعب العراقي من حضور الملعب, والأنكى من ذلك كله إنهم وضعوا الجمهور العراقي القليل في زاوية ميتة من الملعب. .
كانت المدرجات كلها معبئة ضد أسود الرافدين, وكأنها أعدت العدة ليوم الانتقام, نحن ندرك تماماً أن الفريق العراقي ليس بمستوى الفرق الأوربية, ولا بمستوى الفرق الأمريكية اللاتينية, ولم تكن الفرق الخليجية بمستوى الفرق الأسبانية أو البرتغالية, ولم يعترف الاتحاد الدولي لكرة القدم بمباريات كأس الخليج, لكننا وجدنا الفضائيات الخليجية حشدت قوتها كلها, وانتهزت وقائع اللقاء الختامي لتشهر عدوانيتها المكبوتة ضد العراق, فانحازت ضده في التعليق, وفي الإعلانات, وفي اللافتات, وفي الأمنيات, وفي الشطحات المنافقة, وكأنها كانت تقف بإزاء فريسة حان قتلها والاقتصاص منها على يد العواصم التي أسرجت وألجمت وتنقبت في الحرب الغاشمة على العراق بقيادة قوى الشر. .
وجدوها فرصة مؤاتية للتعبير عن أحقادهم المشتركة ضد العراق, فشمروا عن سواعدهم, كل من موقعه, المعلقون, والحكام, والجمهور, ومكاتب الجوازات والهجرة, في احتفالية غير عادلة تعرض فيها حامي المرمى لسيل من الشتائم بمكبرات الصوت. .
نحن لا نرحب بهؤلاء في البصرة, ولا يشرفنا أن نستقبلهم على أرضنا, ولست مغاليا إذا قلت إنهم هم أيضاً لا يرغبون في اللعب على ضفاف شط العرب, وسيتحججون بكل الحجج والذرائع, لكي يلغوا الدورة القادمة بشتى الأساليب, وليعلم الناس ان هؤلاء لا ينتمون إلينا, ولا ننتمي إليهم. .
ومن لم يصدق كلامي هذا فليراجع مواقفهم العدوانية التي سبقت المباريات, ويشاهد وقائعها مرة أخرى, ونترك له حرية سماعها بصوت المعلق الكويتي أو بصوت المعلق العماني أو بصوت القطري أو البحريني, وليس في ذلك أي غرابة لأنهم وبكل بساطة ينتمون إلى مجلس التهاون الخليجي, اما نحن فننتمي السلالات السومرية والآشورية والبابلية والأكدية العريقة, ليس فينا سريلانكيا, ولا هنديا, ولا زنجباريا, ولا فارسيا, وليس في فريقنا ارجنينيا, ولا برازيليا, ولا شيليا, ولا اورغوازيا. .
كان الحاقدون ينظرون إلى المباريات وكأنها معركة حاسمة وقف فيها الخليج كله ضد العراق وحده. . .
أمنيتي أن ننسحب وإلى الأبد من هذه المهازل الكروية البليدة, وأمنيتي أن نتجنب لقاء هؤلاء كرويا ورياضيا ومهنيا وتجاريا ودبلوماسيا, لأنهم جبلوا على كراهيتنا, وتوارثوا الحقد علينا منذ زمن بعيد, ويكفينا ما أصابنا منهم حين جيشوا علينا الجيوش الغربية, وحين خربوا بلادنا, ودمروا بنيتنا التحتية والفوقية, وسخروا قواعدهم لخدمة الناتو والبنتاغون, ولنلتفت نحو ترميم أوضاعنا الداخلية, وننهض من الرماد مثلما نهضت اليابان من جراح هيروشيما. . .
لبيك يا عراق
اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على الحق والعدل
994 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع