من حكايات جدتي ... الثانية والعشرين مكر النساء.

                                       

                       بدري نوئيل يوسف

 
   من حكايات جدتي ... الثانية والعشرين /مكر النساء

كنا على موعد مع جدتي لتحكي لنا حكايتها اليومية، وإذا باب منزلنا يطرق بقوة كأن شخصا يحتاج الى مساعدة نهضت جدتي مسرعة لفتح الباب فكان الطارق جارتنا أم البنات، لا اعلم ماذا طلبت من جدتي، لكن دخلت الجدة الى داخل المنزل، وأخذت قنينة دواء صغيرة وأعطتها الى أم البنات .

  

أخذنا الفضول وسئلنا الجدة ماذا كانت تريد ام البنات؟ قالت: طلب (ماء غريب) لأنه نفذ عندها.
في الحقيقة استغربتُ وسألتها: ما هو ماء غريب؟ ابتسمت وقالت: لو تعرف كم قنينة ماء غريب شربت.
قلت لها: لا اتذكر انني شربت ماء غريب، قالت: لا يقل عن خمسون قنينة ماء غريب شربت وأكيد لا تتذكر لأنك كنت طفل رضيع، ماء غريب اسم متعارف عليه من المنتجات التجارية التي تخص الأطفال، أول من انتجه شركة بريطانية وهو فعال في علاج مظاهر عدم الارتياح لدى الطفل الرضيع بسبب الغازات، وهو مستحضر لحماية الطفل من الإزعاج المصاحب للمغص والانتفاخ من الرياح، وتعطيه راحة سريعة، وماء غريب دواء معروف ومنتشر في الصيدليات، ماء غريب يمكن الحصول عليه بدون وصفة طبية، وطريقة الاستعمال مطبوع على زجاجة المنتج  من عمر شهر إلى ستة أشهر ملعقة صغيرة واحدة، ومن عمر ستة أشهر إلى سنة ملقتين صغيرتين، يمكن إعطاء هذه الجرعات خلال أو بعد كل رضعه حتى ست مرات يومياً.
سعدنا بهذه المعلومة التي لا نعرفها واستمرت جدتي بالحديث قائلة: قبل وصول الماء غريب الى الاسواق هناك دواء وجده العطارون عبارة عن خليط من أعشاب معينة ومن المواد المطيبة والمسكنة والمهدئة له أثر دوائي، فقد صنعوا (السفوف) كدواء طارد للريح وكعلاج لأوجاع ألأطفال الرضع ومساعدتهم على النوم المريح، والسفوف مجموعة مواد عطارية تتكون من  نسب يعرفها العطار (الانسون،حبة البركة ، كزبره، سعد، هيل، مع مواد اخرى)، يطحن ويوزع على اوراق صغيرة توضع ملعقة شاي فوق الورقة ويلف وعند الاستعمال تذاب الكمية بقدح ماء مغلي ويقدم للطفل ملعقة شاي وقت الحاجة .
نكمل حكايتنا الاسبوعية .
تدور هذه الحادثة حول مديرة مدرسة عانس في الخامسة والأربعين من العمر غابت عن المدرسة يومين وحين عادت لمدرستها قابلتها المدرّسات بالسؤال والسلامات أين كنت يا مديرة ؟
قالت لهم: باركوا لي تزوجت.
قالت احدى المدرّسات : ألف مبروك، نقدر نعرف من هو سعيد الحظ ؟
قالت المديرة لهم: بصراحة زوجي هو زوج وحدة منكن !
ارتبكت المدرسات وبدأن يتناقشن بينهن مخمنين من يكون الزوجن، وأصبحن اضحوكة زميلاتهن العوانس و العازبات . سألت احدى المدرّسات باستغراب وتعجب: تقدرين تؤشرين وتقولين أي وحدة منا ؟
قالت المديرة: لا اقول. ألحوا عليها وطلبوا منها أن تعترف أي زوج تزوجها، قالت: لا اتكلم، ومن يريد معرفة ذلك، على كل مدرسة عند مجيئها صباح الغد تضع خمسمائة دينار فوق المنضدة أمامي، وأنا سوف اخذ مبلغ المُدرسة التي لم اتزوجت رجلها، وافقت المدرّسات على هذه الطريقة، وفي اليوم التالي جاءت المدرسات وكل واحدة منهن تحمل المبلغ ويضعن المبلغ فوق الطاولة أمام المديرة، وهكذا اخذت المديرة كل المبالغ التي وضعت من قبل المُدرسات العشرة، وجاء دور المُدرسة رقم احدى عشر دخلت تتأفف وتشك بزوجها أنه تزوج المديرة، المهم وضعت المُدرسة المبلغ فوق الطاولة، شعرت المديرة أن المُدرسة منزعجة ومضطربة، أرادت المديرة تلعب بأعصابها قالت لها: إذا كنت منزعجة وغير مقتنعة خذي المبلغ، امتلأت عيناها بالدموع وقالت وغصة في حنجرتها: سيدي اعطيك عشرة اضعاف المبلغ أن لا يكون زوجي من المقصود، قالت المديرة: لا تشكين بزوجكِ فليس هو المقصود، أخذت المديرة المبلغ وخرجت المُدرسة من غرفة المديرة تدعي لها بالخير والبنين والبنات، وهكذا دخل جميع المدرّسات لغرفة المديرة وهي تلعب بأعصاب كل وحدة، حتى اصبح عدد المدرسات ثلاثة وعشرين وكل منهن دفعت الخمسمائة دينار. اجتمعت المدرسات في غرفتهن وهن يفكرون من تكون المدرسة التي تزوج زوجها المديرة، تذكرت احدى المدرسات أن لهن زميلة مجازة، وعلى الفور اتصلوا معها وابلغوها ما جرى معهن ، وخلال دقائق جاءت المُدرسة المجازة الى المدرسة ووضعت المبلغ فوق طاولة المديرة وخرجت سعيدة فرحانة، اخبرت زميلاتها أن المديرة أخذت المبلغ وأن زوجها لم يكن المقصود.
وقعوا في حيرة من امرهم من يكون زوج المديرة! وكلهن سعيدات والابتسامة لا تفارق شفاههن.
اصبح المبلغ عند المديرة اثنا عشر الف دينار، دخلت المديرة الى غرفة المدرسات وهي تحمل المبلغ وضعته امامهن وأضافت فوقه خمسمائة دينار قائلة: اقول لكن أنا والله لا تزوجت ولا فكرت بالزواج، وخلال أجازتي اليومين الماضيين كنت مريضة، اذكركم أنني طلبت من كل وحدة منكن قبل شهر مبلغ مائة دينار لتصليح النواقص في المدرسة، رفضتم جمعيا على دفع المبلغ، لكن هذه الحيلة البسيطة استطعتُ أن اخدعن واجمع المبلغ خمسة اضعاف .
قالت احدى المدرسات: بالعافية فداك كل الدنانير وإذا تحتاجين أكثر نحن على استعداد ندفع، المهم رجالنا ما تزوجوا علينا.  


  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1184 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع