تعداد ١٩٥٧ ذكريات ومواقف

                                                           

                              خالد حسن الخطيب

حدثني الاستاذ عبد الوهاب ناجي الجبوري عن ذكرياته وشجونه عن الاحصاء السكاني الذي جرى عام 1957 قائلا : جرى التسجيل العام للإحصاء المذكور في تاريخ 12 / 10 / 1957 حيث تعتبر هذه العملية من ارقى عمليات التسجيل الاحصائي للسكان في العراق

وجرت بصورة علمية وأكاديمية ومهنية وبإشراف خبراء من الامم المتحدة منهم الخبير والمشرف المصري الجنسية البروفيسور الاستاذ محمد رياض الشنواني وكذلك اشرفت شركة I.B.M الامريكية من حيث المعدات والأجهزة اللازمة لذلك فقد زودت الاخيرة بأجهزة احصائية متطورة في حينها (كمبيوتر ) وكانت هذه الاجهزة الاحصائية هي من احدث نظم الاحصاء في العالم وقد اوفدت الشركة الامريكية مهندس من قبلها يدعى المستر كنبر وهو تركي الجنسية الذي كان يغذي العقل الالكتروني للآلة الحاسبة بالمعلومات المطلوبة من قبل مركزنا لغرض الحصول على الجداول الاحصائية للإحصاء المذكور .وقامت وزارة الداخلية العراقية بتعين مائة وخمسون موظفا ومن كلا الجنسين على ملاك دائرة مقر التسجيل العام لغرض القيام بالعمليات الاحصائية . وكان العاملون في تلك الدوائر يستخرجون المعلومات الاحصائية من البطاقات التي وزعت على الدور و العوائل في كافة انحاء العراق . اما وزارة الداخلية العراقية فقد استأجرت بناية كبيرة (( بيت النواب )) وهو عبارة عن بيت شرقي قديم وواسع مطل على نهر دجلة قرب مستشفى الولادة في الكرخ .اذ قام هؤلاء الموظفين بعمليات الفرز والعد على مراحلها المتنوعة حيث تبدأ اولى العمليات والمسماة ترميز البطاقات حيث يوضع رمز لكل حقل من حقول البطاقة فمثلا المهنة كانت لها رمز معين والديانة رمزها الخاص و نوع الجنس والحالة الاجتماعية والتحصيل الدراسي وغيرها وكانت هذه الرموز هي عبارة عن حروف اللغة الانكليزية وتوضع في الحقل المخصص لها .وبعد عملية الترميز تأتي عملية التثقيب حيث تثقب المعلومات على ضوء الرقم الرمزي .وما ان تمت عملية التثقيب حتى ترسل هذه البطاقات الى المكائن الاحصائية وبإشراف الخبير التركي المستر كنبر حيث توضع هذه البطاقات المثقبة وتمرر على هذه المكائن حيث تفرز هذه المكائن كل معلومة في المكان المخصص لها وبعد عملية التمرير تقوم هذه المكائن الاحصائية من تلقاء نفسها بطباعة هذه المعلومات على شكل بيانات مجدولة ... علما ان هذه المكائن الاحصائية كانت تفرز البطاقات المثقبة الخطأ ولها القدرة على ابعادها من العمليات الاحصائية .وبهذه العملية الكبيرة والشاقة والتي شملت كل المحافظات و الاقظيّة والنواحي تم التعداد العام للسكان لعام 1957. والجدير بالذكر لهذا الاحصاء المتميز كانوا طلاب الدراسات العليا في الجامعات العراقية يقومون بزيارة مركزنا بصورة مستمرة ويأخذون المعلومات الاحصائية المتوفرة لدينا لغرض الاستفادة في دراستهم لنيل رسالة الماجستير او اطروحة الدكتوراه . ولقد استمر العمل بهذه العمليات الاحصائية لمدة اربع سنوات كاملة ومتواصلة حتى انتهى العمل من ذلك الاحصاء العلمي الكبير .اما قسم الطابعة الذي قام بطبع القيود حيث شملت هذه القيود كافة المعلومات الواردة في البطاقة الشخصية ( الهوية ) فقد طبعت القيود التابعة للأشخاص وعلى شكل اسر ووضعت كل اسرة في صفحة مستقلة في هذه السجلات وتم طباعة هذه السجلات بشكل مرتب ومنسق وتم تجليدها على شكل سجل كبير يدعى بالسجل المدني الذي وزّع على دوائر الاحوال المدنية للمحافظات والاقظية والنواحي كافة والذي على ضوئها تستخرج الهويات . اما في تلك الفترة وكما يعلم معاصروها كانت في دوائر الاحوال المدنية يستخرج ما يسمى بدفتر النفوس والبالغ عدد صفحاته ثمانية بعدها توقف صدور هذا الدفتر وحلت محلّه هوية الاحوال المدنية.علما ان اجراءات التسجيل في السجل المدني لا تزال قائمة من ولادة او وفاة وزواج او طلاق وغير ذك , ولا يزال العمل به قائما الى يومنا هذا .وسيترسل الاستاذ عبد الوهاب الجبوري عن ذكريات احصاء عام 1957 ويقول ما ان بدائنا انا وزملائي العمل في احد الايام حتى كان امامنا وزير الشؤون الاجتماعية الاستاذ المرحوم ناجي طالب متفقدا سير العمل والمراحل التي انجزت وكان بشوشا ولطيفا كعادته ومعه مدير النفوس العام المرحوم الاستاذ شمس الدين الخطيب الموسوي الذي قد جادت قريحته الشعرية وقام بتأليف بيتين من الشعر حبا وتمجيدا وتخليدا للزعيم عبد الكريم قاسم حيث كتبها على الجهة الداخلية لغلاف دفتر نفوس الزعيم بتاريخ 20/8/1961 ( تيمنا بسعود طالعه ) علما ان احد مقتنيات متحف العهد الملكي الذي يقع قرب مجلس النواب خلف وزارة الدفاع القديمة هو دفتر نفوس الزعيم وقد كتبت علية الابيات الشعرية الخالدة . اما العالم والفيلسوف اليوناني ارخميدس صاحب العبارة المشهورة (( وجدتها و جدتها )) فقد سمعت هذه العبارة تتكرر من جديد مع احد زملائي وهو يدور وبيده بطاقة الزعيم على جميع اقسام وموظفي مركزنا وكان فرحا جدا ويقول وجدتها وجدتها عندما عثر عليها اثناء قيامة بعملية الترميز . ومن لا تنساه الذاكرة فكرة البروفيسور الاستاذ القدير محمد رياض الشنواني الذي حدد الاشخاص الذين لا يملكون يوم ميلاد محدد وشهر ميلاد محدد قد اضاف لهم يوم 1 / 7 هو تاريخ ميلادهم في اليوم والشهر حيث ان الكثير من نفوس العراق كانت خالية من تاريخ يوم و شهر الولادة ...

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1104 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع