أحمد الملا
بغض النظر عما إذا كان الإنقلاب العسكري الذي حصل في تركيا بتحريض خارجي أو ذاتي أو بتخطيط من أردوغان نفسه وهذه هي الاحتمالات والفرضيات السائدة الآن, حيث من يقول إن هذا الإنقلاب جاء بدفع من دول تعارض السياسية التركية وينقسم هذا الرأي بين روسيا وإيران وأميركا, وهناك من يقول إن هذا الإنقلاب هو ذاتي ولا توجد تدخلات خارجية وإنما جاء نتيجة سياسية أرودغان والمنفذين لهذا الإنقلاب هم من الأتراك, والرأي الأخير يقول إن هذا الإنقلاب هو بتدبير وتخطيط أردوغان نفسه من أجل إيجاد ذريعة لتصفية معارضيه وخصومه السياسيين في الداخل والخارج.
وبكل الأحوال ومع ترجيح أي فرضية أو إحتمال نجد أن أردوغان هو الرابح, فهو فعلاً قد استفاد من هذه المحاولة في تصفية العديد من القيادات العسكرية والضباط في داخل تركيا وكذلك وجه إتهام إلى المعارض " فتح الله غولن " وهو من أبرز وأشد المعارضين لأوردغان ويطالب الأخير بتسليمه إلى السلطات التركية, حيث أن " غولن " يعيش الآن في أميركا, فهذه المحاولة الإنقلابية الفاشلة جاءت بربح كبير للسلطان التركي كما يسميه بعضهم, وصارت ذريعة لتصفية خصومه, بل حتى إنه حصل على مباركة من مرجعيات دينية معروفة من أجل الإقدام على تصفية هؤلاء الخصوم, أي حصل على فتوى شرعية تخص ذلك الأمر.
فهناك مرجعية دينية وجهت رسالة إلى أردوغان تحثه على المضي قدماً في كل خطواته, وتؤكد تلك الرسالة أو الفتوى على أن " الله وعلماء المسلمين في الشرق والغرب و جبريل وصالح والمؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيراً مع أردوغان " !! وهي فتوى توحي بأن كل ما يقدم عليه أردوغان هو أمر شرعي وكذلك تعطيه صفة النبوة أو الخلافة وولاية الأمر, وهذا يعني إن حصوله على هذا التأييد والمباركة الشرعية سيجعله يمضي قدماً في تصفية خصومه أما بالإعدام أو بالسجن والإعتقال والمطاردة والملاحقة وبالتهجير والتطريد والتشريد, وهذه السياسية طبعاً سياسة خاطئة لأنها توسع من دائرة المعارضين وكذلك تخلق حاضنة كبيرة للتمرد المسلح وهذا ما سيزج تركيا في حروب وصراعات داخلية كما حصل في العراق وسوريا.
وهذا يعني أن أردوغان الآن يسير على خطى السفاح المالكي وكذلك الدكتاتور الأسد في سوريا, حيث عمدا على قمع المعارضين والمناهضين لسياستهما بالحديد والنار, كلاهما حصلا على تأييد ومباركة المرجعيات الدينية " اللادينية " في قم والنجف, وهنا أركز على المالكي وكل ما أذكره عن هذا المجرم ينطبق تماماً على الأسد, فبعدما ارتفعت وتيرة المعارضة العراقية السلمية في المحافظات العراقية خصوصاً الغربية والشمالية لسياسة المالكي القمعية الوحشية, أضطر الأخير إلى إتباع سياسة لصق تهمة الإرهاب وخيانة البلد لكل المعارضين واتهمهم بإيواء مجاميع إرهابية مسلحة, وهذا في نظر الحكومة هو خيانة عظمى للدولة تستحق الإعدام, فبدأت سلسلة القمع الوحشي الدموي, وحتى تكون لديه مصداقية في الإعلام ويضمن التفاف غالبية الشعب معه فتح الحدود العراقية أمام تنظيم داعش الإرهابي فسلم ثلث العراق لهذا التنظيم الإرهابي, فأوجد الذريعة المُثلى لتصفية الخصوم, ومن أجل الحصول على تأييد أكبر من الشارع عمل على إستحصال فتوى شرعية من مرجعية السيستاني تؤيد تلك الخطوات التي قام بها المالكي, وفعلاً صدرت فتوى الجهاد, تلك الفتوى التي كانت سبباً رئيساً في إرتكاب كل المجازر التي حصلت في العراق, فكانت هذه الفتوى هي من جعلت المالكي ومن سار على نهجه أن يمعن في قمع الناس, وكما يقول المرجع العراقي الصرخي الحسني في محاضرته الثانية من بحث " السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد " والتي تقع ضمن سلسلة محاضرات " التحليل الموضوعي للعقائد والتأريخ الإسلامي "...
{{... من المرجعية من السيستاني من معتمدي السيستاني من ممثلي السيستاني خرجت الفتنة, قتل الأبرياء, مثل بالجثث, حرقت الجثث, سحلت الجثث, وقعت مجزرة كربلاء,وقعت المجازر في كل المحافظات تحت اسم المرجع, تحت اسم السيستاني, تحت فتوى السيستاني, تحت عباءة السيستاني, سرقت الأموال, فُسد وأفسد في الأرض تحت اسم المرجعية وتحت فتوى المرجعية وتحت غطاء المرجعية وتحت عباءة المرجعية وتحت حماية المرجعية, تحت حماية السيستاني واسم السيستاني ومرجعية السيستاني, قلتنا بإمضاء وبقيادة السيستاني وبفتوى السيستاني كما يقتل الآن الأبرياء كما ترتكب الآن الجرائم في المحافظات الغربية ومحافظات الشمال والمحافظات الشرقية والمحافظات الجنوبية باسم المرجع, باسم السيستاني بفتوى السيستاني ...}}.
فتحول العراق وبسبب السياسة الوحشية القمعية الخاطئة إلى محرقة لأبنائه وبؤرة ومستنقع للفساد بكل أنواعه وأصنافه وأشكاله, وكذا الحال بالنسبة إلى سوريا, فالأسد فتح المجال أمام هذه التنظيمات الإرهابية وأوجدها سواءً بالمباشر أو بغير المباشر من خلال سياسته القمعية لخصومه, فالسياسية الخاطئة في التعامل مع الخصوم والمعارضين هي من أدخلت تلك الدولتين في أتون الحرب والإرهاب, فهل سيقوم السلطان التركي " أردوغان " بإتباع سياسة المالكي والأسد في تصفية الخصوم ليحرق تركيا بنار الإنقسام والحرب والصراع الداخلي, وهذا ما يعتمد عليه الإرهاب العالمي, حيث يجده بيئة مناسبة وملائمة لانتشاره وتوسعه وقبل ذلك لظهوره ؟ أم سيتبع سياسة التعامل الإحتواء التي ابتعد عنها السفاح المالكي والدكتاتور الأسد ؟ فمصير تركيا وشعبها وأمنها وإستقرارها مرهون بنوع وطبيعة السياسة التي سيتخذها أردوغان .
1181 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع