لا فرق بين عام رحل وعام جديد!

                                        

                                              بثينة خليفة قاسم

خلال توديعنا لعدة أعوام سبقت كنا نصف كل عام انتهى بأنه عام الدم وعام الخراب والدمار والأحداث الكبيرة في الأمة العربية ونستقبل العام الجديد بأمنيات وأحلام جديدة لا يكون فيها دم أو خراب، ولكن للأسف لم يأت بعد العام الذي نتمناه ولا يبدو أنه قريب، فكل الأعوام التي سبقت هي أعوام دم واضطراب وعنف وصراخ وكل الأعوام التي تلتها كانت أشد منها خرابا ودمارا، وإذا كان من فرق بين عام وآخر فهو في تغير المواضع التي تسيل فيها الدماء وتشتعل فيها الحرائق، ففي عام كانت النار في طرف من أطراف الأمة ولكن في العام الذي يليه تنتقل إلى البطن أو القلب، وهكذا.

التمزق والكراهية والتنازع الطائفي والرغبة في الانتقام هم أكثر ما تتصف به أحوال الدول العربية خلال العام المنصرم، ولا توجد دولة عربية واحدة خالية من الاضطرابات التي تستنزف الاقتصاد وتأخذ البلاد نحو الانهيار الاقتصادي، والدليل على ذلك أن الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها دول الربيع العربي قد تم تقديرها بـ 120 مليار دولار. نتيجة لهذا الربيع الأسود الذي قتل السياحة والاستثمار.
أصبح التعبير الأكثر انتشارا في صحفنا وفضائياتنا العربية هو “المصالحة الوطنية” لأن جميع الدول العربية بلا استثناء تحتاج إلى مصالحة وطنية،فالبحرين في حاجة لأن يعي أبناؤها أن السير في طريق العنف والتظاهر المستمر سيضيع من بين أيدينا إنجازات سنوات طويلة مضت ويعيدنا للوراء بسرعة كبيرة حيث الهدم دائما يكون أسرع من البناء، والكويت أمامنا يأبى بعض أبنائها الرضا بنعمة الله التي يعيشون فيها ويحسدهم عليها غيرهم من شعوب الجوع والمعاناة، أما مصر فنحن نراها في خطر كبير ما لم يتعقل أبناؤها ويطفئوا النار التي اشتعلت بين رفقاء الميدان ويبدأوا العمل بعد عامين كاملين من الاضرابات والتظاهرات التي دمرت اقتصاد بلدهم،وأما سوريا فلها الله بعد عجز العالم كله وعجز العرب عن إطفاء حرائقها التي لا تترك أخضرا ولا يابسا،وحتى العراق هو الآخر أبى أن يودع العالم المنصرم دون مظاهرات حاشدة وتفجيرات تحصد الأرواح.
طائفية في العراق، وطائفية في البحرين، وطائفية ما كنا نتوقعها في مصر، وطائفية في الكويت وفي سوريا وفي لبنان، فإلى أين تتجه هذه الأمة في عامها الجديد؟.
قبل أعوام كان مذيع إحدى الفضائيات العربية المعروفة يجري حوارا مع الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل تناول فيه أحوال الأمة العربية تعليقا على مشهد عربي سيء كتلك المشاهد التي نعيشها هذه الأيام،وأمام التشاؤم الكبير الذي امتلأ به حديث الأستاذ هيكل عن أحوال الأمة،وجه إليه محاوره سؤالا بديهيا وهو:إلى أين تتجه الأمة إذن يا أستاذ هيكل؟ فلم يجب الأستاذ بشكل مباشر ولكنه راح يحكي للمذيع قصة الشاعر حافظ إبراهيم الذي كان يعيش لدى زوج أمه بسبب فقره،وكان يشعر بالضيق بسبب معاملة هذا الرجل له،فقرر يوما أن يترك البيت ويرحل،وقبل الرحيل كتب إليه يقول:
ثقلت عليك مؤونتي.. إني أراها واهية فافرح بأني ذاهب متوجه في داهية
نتمنى من الله ألا تمضي الأمة قدما في طريق التمزق والضياع ونتمنى أن يأتي العام الذي ليس به حرائق أو دمار.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1178 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع