طارق رؤوف
من استحلى رضاع الكذب.. عسر فطامه معنى الكذب اصطلاحًا:
هو الإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه سواء كان عمدًا أم خطئًا.
وقال النووي: (الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو، عمدًا كان أو سهوًا، سواء كان الإخبار عن ماض أو مستقبل)
والكذب يكون بتزييف الحقائق وخلق روايات وأحداث، بقصد الخداع لتحقيق هدف معين وقد يكون مادي أو اجتماعي، وسلطوي، والكذب قد يكون بسيطا ولكن إذا تطور ولازم الفرد فعند ذاك يكون الفرد مصابا بمرض الكذب. ويؤدى ذلك بالتأكيد إلى انهيار شخصيته وتقبلها كل أنواع الجرائم الماسة بكرامته، والكذب محرم في اغلب الأديان.
وحرم الإسلام الكذب، ذكر في القرآن الكريم (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) [سورة غافر: 28] وقول الله سبحانه في سورة الحج30: (وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)، والكذب هو أبغض الأخلاق لرسول الله محمد عليه الصلاة والسلام.
والكذب في الديانتين المسيحية واليهودية يعتبر محرماً، حيث يذكر العهد القديم "لاَ تَسْرِقْ، وَلاَ تَكْذِبْ، وَلاَ تَغْدُرْ بِصَاحِبِكَ،"[4] وَهَذَا مَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَفْعَلُوهُ: لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَاحْكُمُوا فِي سَاحَاتِ قَضَائِكُمْ بِالْعَدْلِ وَأَحْكَامِ السَّلاَمِ." [5]. لا يوجد استثناءات لهذه القاعدة
. علم النفس الاجتماعي فسر الكذب من خلال العملية العقلية التي تعتمد بان الناس تفحص محاكاة رد فعل الآخرين وتحديد ما إذا سيتم تصديق كذبتهم.
والكذب هو سلوك مكتسب لا ينشأ مع الفرد إنما يتعلمه من البيئة التي عاش فيها.
يقول مارتن لوثر كنج.
"الكذبة كرةٌ ثـلجيةٌ تـكـبـر كلّما دحرجتها."
وقال أبن الجوزي رحمه الله:
الحق لا يشبه الباطل وإنما يُمَوَّه بالباطل عند من لا يفهم له،
ومن الأكاذيب في التاريخ أدعاء مسيلمة وزوجته سجاح النبوة بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وعندما افتضح كذبها قال عطارد بن حاجب:
فلعـنة الله رب النـــاس كـلــــهمُ ** على سجاحٍ ومن بالإفك أغوانا
ومن الأكاذيب التي حدثت في القرون الثلاثة الاولى للهجرة، اختلاق الأحاديث ونسبتها للرسول (ص) وهذا النوع انتشر بين الكذابين لأسباب أهمها الخلافات السياسية والانحرافات الفكرية المذهبية والإمراض النفسية.
ومن المؤلم إن نجد كل أنواع الكذب متفشية في مجتمعاتنا وهي شائعة على عكس ما يحصل في العالم من تطور اجتماعي وقانوني الذي استأصل كل الآفات التي تنخر في جسد المجتمع، لإدراكه ان الكذب له صلة وثيقة مع الغش والسرقة والخيانة والفساد. العالم المتحضر يعتبر الكذب جريمة ماسه بكرامة الإنسان، يحاسب عليها الفرد مهما كان مركزه أو صفته.
لو أجرينا إحصائية دقيقة عن الإضرار التي سببتها آفة الكذب لشعبنا: لوجدنا مقدار تفشيها في كل مرافق حياتنا الرسمية وغيرها.. لقد تسبب الكذب بإضرار جسيمة في حيتنا السياسية والاجتماعية، والدينية فكم من أشخاص منتفعين أوهموا المسئولين بكذبهم الذي تسبب بإضرار لأبناء شعبنا وكم من أشخاص مرتشين سهلوا للغير إيذاء اقتصادنا ونهب ثرواتنا عن طريق معلومات كاذبة.. وكم من مخبر سري هدم بيوت العالم وتسبب بحبس وموت أبنائهم باستخدامه الكذب من اجل المنفعة الشخصية. وكم من الكذابين المأجورين اللذين امتهنوا أثارة الطائفية ومسخوا هويتنا الوطنية. وكم من المسئولين يكذب يوميا وفي محافل خارجية وداخلية.
الكذب سلوك مكتسب فهو لا ينشأ مع الفرد إنما يتعلمه، ولغرض معالجة هذه آلافه التي تسببت في الحقبة الأخيرة بخدش الخلق الاجتماعي من خلال ما صنعه أشباه الرجال الذين تسلقوا المناصب وكدسوا المال الحرام عن طريق الكذب على الشعب هؤلاء الذين مسخت إنسانيتهم وإصلاحهم أصبح في عداد الاستحالة ، عليه يقتضي حماية مستقبل أبنائنا من هذا المرض الخطير اذا ما اردنا اللحاق بالأمم المتحضرة وذلك بأنشاء جيل صالح في بيئة نظيفة وأسرة مترابطة تبعده عن السوء وتعلمه المبادئ والقيم وحب الشعب الوطن ، على ان تقوم الدولة بالاهتمام بالطفل لأنه هو الأساس وذلك بوضع مناهج تدرسيه حديثة في المدارس الابتدائية تؤهل الطفل علميا واجتماعيا وتغرس فيه السلوك الإنساني الطبيعي . على ان تواكب الأساليب العلمية لتربية الطفل التي تطبق في الدول المتحضرة التي التزمت بالقانون الدولي لحقوق الطفل، وكذلك وضع المناهج الوطنية وحقوق الانسان في كل المراحل التعليمية.
والاهم من كل ذلك ان نلجأ الى اصحاب الخبرة من علماء واخصائيين في معالجة واستئصال هذا المرض.
إياك من كذب الكذوب وافكه.. فلربما مزج اليقين بشكله
لا يكذب المرء إلا من مهانته.. أو فعله السوء أو قلة الأدب
504 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع