عدنان حسين
لديّ، كما كثيرين غيري، ألف ملاحظة وملاحظة على أداء رئيس الوزراء حيدر العبادي منذ تولّيه منصبه قبل أزيد من سنة ونصف السنة حتى الآن، وعندي أيضاً مئة ملاحظة وملاحظة على أدائه بخصوص الأزمة الأخيرة المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة، "حكومة التكنوقراط".
نعم لديّ كلّ هذا العدد من الملاحظات، لكنني بالتأكيد أُدين بأعلى نبرة وبأشدّ لهجة وبأقوى لغة، وأعبّر عن بالغ قرفي واشمئزازي حيال الطريقة التي تعامل بها بعض أعضاء مجلس النواب، وبخاصة حنان الفتلاوي وكاظم الصيّادي، مع السيد العبادي عندما حضر أول من أمس إلى قبة البرلمان لتقديم تشكيلته الحكومية الجديدة، فعمدوا إلى رميه بقناني الماء وبكلّ ما وقع بين أيديهم، بما في ذلك سمّاعات مقاعد الأعضاء! وطال هذا السلوك سليم الجبوري ونائبيه.
إدانتي وقرفي واشمئزازي مصدرها أنّ تصرّف هؤلاء النواب، وبخاصة الفتلاوي والصيّادي، لا يتّصل، بأيّ شكل وأيّ مستوى، بتصرفات البشر الأسوياء .. إنه سلوك دوني وتصرّف منزوع اللياقة والأخلاق ولا يدخل في باب حسن السير والسلوك، ولا يتوقعه المرء إلا من بعض نزلاء المستشفيات المتخصصة بعلاج المصابين بالأمراض العقلية والنفسية، أو ممن يوصفون بأنهم أبناء شوارع.
هؤلاء النواب، المتشبِّهون في سلوكهم بالمرضى العقليين والنفسيين وبأبناء الشوارع، أظهروا بفعلتهم استخفافاً بحرمة البرلمان واستهتاراً بالقواعد والأنظمة التي تحكم عمل مجالس النواب وأعضائه. وامتدّ هذا الاستخفاف والاستهتار إلى خارج قبة البرلمان ليشملنا جميعاً بارتداداته، فالمشهد الذي تابعناه رغماً عنّا لا يختلف في شيء عن المَشاهد المحظور بثّها بموجب أخلاقيات مهنة الإعلام، كمشاهد العنف والقتل والتمثيل بالجثث، حتى لو كانت لحيوانات، والإهانة الشخصية والتلصّص على الآخرين والتعرّي والاتهام من دون دليل، وما إلى ذلك.
بحدود معيّنة، يمكن إعطاء بعض الحقّ للنائب في أن يرفع صوته داخل قبة البرلمان، وأن يضرب على الطاولة بيديه، احتجاجاً أو لفتاً للانتباه، لكن لا يوجد في طول العالم وعرضه وعلى مدى التاريخ البشري، قانون يُبيح لأحد أن يتصرّف بالطريقة المعيبة التي تصرّف بها الصيّادي والفتلاوي وسواهما، أول من أمس، تحت قبّة بيت الشعب. هذا فعل من المفترض أن يُجرّم تماماً، كما يُجرّم الفعل الذي يُقدم عليه ابن الشوارع وهو يتعدّى على الآخرين رمياً بالحجارة أو حتى بقنينة الماء.
لن يكون من الحكمة في شيءغضّ النظر عمّا جرى في جلسة مجلس النواب على هذا الصعيد، فممّا يهمّنا أن تكون مؤسسات الدولة مُحترمة، وأن يُصان فيها حقّ كلّ مَن يقصدها، مسؤولاً كبيراً أو مواطناً عادياً، في أن يكون محترماً.
إنه لعار حقيقي أن يكون أصحاب السلوك المشين، من النوع الذي شهدناه أول من أمس، أعضاء في أهم وأخطر مؤسسة في الدولة، مثلما هو عارٌ أن يتمتّع بعضوية مجلس النواب إرهابيون صريحون من أمثال مشعان الجبوري.
972 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع