بقلم / طلال معروف نجم
اختلف الكتاب عن مكانة محمد حسنين هيكل عند الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ، استطيع ان اختصر هذه المكانة بالقول ان عبد الناصر أذكى الحماس القومي والعروبي عند الكاتب الكبير، فيما مد هيكل زعيمه برؤاه السياسية الثاقبة وبتنظير لانظير له .
فهيكل صاحب نظيرة اصحاب الثقة افضل من اصحاب الكفاءة، وهي النظرية التي شغف بها كل حكام العرب لغاية يومنا الحاضر. لهذا ظل هيكل وفيا لمعلمه عبدالناصر وفاءا كبيرا. ويوم أقحم ناصر العرب الصحفي العملاق مصطفى امين على السفير الامريكي بالقاهرة كـــ "جاسوس" ، لعب هيكل دورا ذكيا في صناعة الاخبار الملفقة التي مدها للعظيم مصطفى امين ليقوم الاخير بتسريبها للسفير الامريكي على انها معلومات سرية حقيقية.
رحم الله هيكل صحفيا وكاتبا ومفكرا كتبه ترجمت الى اكثر من 30 لغة . واعظم مبيعات لها كانت في اليابان واسبانيا .
اما عن المرحوم عبدالجبار محسن الذي عرفته ايام بغداد ، فكان رجلا دمث الاخلاق والطيبة . وقدر ليّ ان نلتقي ثانية في عمان وبالذات في مركز "حقوق" ويوما دار حديث بيننا صعقت لما كاله من شتائم عن معلمه صدام حسين ، فقلت له "يا ابا مصعب انت آخر من يفترض ان يشتم صدام" واضفت " انت تعرفني لم اكن يوما ما بعثيا وتركت الوطن في زمن صدام لاني لم اظفر بمنصب اووظيفة مرموقة ، اما انت فظفرت من صدام بمناصب لم يحلم بها بشر. فكنت سكرتيره الصحفي الشخصي واصبحت بديلا من طارق عزيز مديرا لمركز البحوث بالجادرية. ومنحت رتبة لواء فخريا. ثم وكيلا لوزارة الاعلام . ثم مديرا للتوجيه المعنوي ورئيسا لتحرير صحيفة القادسية العسكرية . وناطقا رسميا عسكريا للحرب" وتساءلت بأنزعاج الا يكفي هذا لان تترحم لمعلمك لا تذمه ؟".
هنا أستشطت غضبا وهو يفاجئني بسؤال كما لو انه لم يفقه ماقلت الساعة البتة " "طلال كيف استطيع ان اتصل بنوري المالكي؟" ، انذاك قررت ان أقاطعه ولم أره الى ان انتقل الى الرفيق الاعلى . رحمه الله .
قمة الاخلاص ان تموت وانت وفيا لمن صنعك . فالأوفياء كثيرون لقادتهم وحكامهم . والجاحدون يبزونهم في التطاول على معلميهم . واتذكر يوما ان المرحوم حسين الشافعي نائب الرئيس المصري، ان استضافه الاخوانجي احمد منصور في برنامج شاهد على العصر على قناة الجزيرة بداية الالفية الثالثة، وراح هذا الاخوانجي يتطاول على عبد الناصر ، فصرخ به المرحوم الشافعي ان يصمت وهو يلوح له بسبابته بعصبية .
مات هيكل بعد 45 عاما على رحيل معلمه فظل وفيا للحقبة الناصرية . بينما مات عبد الجبار محسن بعد رحيل معلمه صدام بفترة قصيرة من السنين ، جاحدا يحلم يوما بلقاء نوري المالكي.
2848 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع