رواية وردة التوليب السوداء / من روائع الأدب العالمي /ح٩

                                            

                          د.طلعت الخضيري

    

  

ألمفاجأه!!
ذهبت روزا  وهي في غايه ألسعاده والأمل  ، نحو فندق ألوزه ألبيضاء ـ  في أمل أن ترى وردتها ألسوداء من  جديد ، يتبعها  صديقها العملاق ، بجسمه القوي والذي بإمكانه قتل عشره من أمثال بوكستل.

وخلال  سيرهما في ألطريق أخبرته أنه يجب مصارعه ألرجل ألعدو إذا حصل ذلك ، ولكنه  يجب عليه أن لا يؤذي  ألتوليب ألسوداء.
وعندما وصلت  إلى سوق ألمدينه، فاجأتها فكره طارئه رهيبه ، ما ذا لو تجمع  ألناس حولنا عند  المعركه وساندوا عدوهم , ستخسر هي و كورنوليوس كل شيء  ، إذا فلتفكر في خطه أخرى.
وأخذت  تراجع  نفسها ،  لو ذهبت إلى ذلك  ألرجل واتضح أنه ليس جاكوب  أللص،  بل شخصا آخر  ، وقد نجح فعلا باكتشاف توليب سوداء أخرى ، ولو أن ألتوليب ألحقيقيه قد سرقت من قبل  شخص آخر غير جاكوب ،  ومرت إلى أيادي أخرى , كيف سأبرهن أنها هي  ألتي كانت لي، أو في حاله إنني وجدت  السارق  جاكوب وبحوزته  ألتوليب ، وتم  ألعراك  بيننا،  فهل ستسلم ألتوليب ،  أم ستتلف ،  ونفقدها إلى ألأبد ‘ إلهمني  يا إلاهاي ما  يجب علي أن أفعله.
في خلال ذلك ،حدث  شييءما في ألسوق ألمسمى  كروت ماركت ، فقد بدأ  ألناس يتراكضون به وفي جميع ألإتجاهات ، وأخذت أبواب  ألمخازن تفتح وتغلق , وبقت روزا وحدها  غير معنيه بما يدور حولها ، والتفتت إلى رفيقها طالبه منه أن  يعودا إلى دار رئيس البلديه,بما أدى إلى  دهشته واستغرابه ،  وخلال مسيرتهما خلال ألطرق ألضيقه  ، أخذا يسمعان ألناس وهم يتراكضون ويخبر أحدهما الأخر بخبر ألتوليب ألسوداء وألجائزه ألكبرى ألتي خصصت لها.
لنعود مره أخرى مع  ألقارء إلى بيت ألسيد رئيس البلديه ألمحترم سيستن ‘ فعندما أخبرته ألخادمه أن هناك من يريد مقابلته بشأن ألتوليب ألسوداء ، لم يتردد في إستقبال ألزائر ،  ولكنه عندما وجد أمامه مره أخرى  ألفتاه روزا ، والذي سبق أن إعتبرها مجنونه ،  أو أمر من ذلك ، لذا تمالكه الغضب لرؤيتها أمامه من جديد.
ولكن روزا خاطبته بتواضع و توسل:
-  سيدي ، أتوسل إليك أن لاتطردني مره أخرى ، بل إستمع إلى ما أقوله لك ، إنك إذا كنت لا تستطيع ألحكم في ألقظيه ، أتمنى لك فقط أن  لا تواجه ربك يوما ما ـ  وأنت متواطىء مع سارق دنيء.
وتملك ألرجل ألغضب ،  إنها ألمره ألثانيه ألتي  تعيقه  تلك ألفتاه من إكمال  كتابه تقريره عن ألتوليب ألسوداء  فصاح  :
- وتقريري ، وتقريري ، إنك تعيقيني أيتها ألفتاه من إكمال كتابته.
- إن تقريرك ، إذا لم تسمعني ، سيبنى على أشياء خاطئه ، وأحداث إجراميه ,  إنني أتوسل إليك أن تحظر  أمامنا  ألرجل ألذي  سميته  بوكستل  ،  وألذي من ألممكن أن يكون ذلك  ألسارق جاكوب  لتتكشف أمامك ألحقيقه ، وأنا أحلف بالله إنني سأترك ألتوليب ألسوداء لصاحبها لوكنت أنا ألمخطئه.
-  وما سيكون  عليه نتيجه  كل ذلك ، حتى لو تعرفت على ألرجل ألذي تدعين  أنه سارق.
- إنك ستكون ياسيدي   بريئا أمام ربك   ، لأنك أعطيتني ألفرصه للتأكد مما أقوله  أمامك ، منذ قدومي إليك.
وتفاجأ ألإثنان بسماع هتافات صاخبه ، تصدر من حناجر ألآلاف من ألجماهير ألمتجمعه حول وفي مدخل  المنزل.
وصاح رئيس ألبلديه - ماهذا؟ ، هل صحيح ما أسمعه، واندفع إلى أعلى سلم ألطابق  ، ليرى  الجماهير تندفع إلى داخل ألمنزل ,وسائرا أمامها شاب ما يقارب ألعشرين  سنه من العمر ، وهو بملابس  ألنبلاء ألفاخره ألمزخرفه بأنسجه ذهبيه , ولم يكن ذلك ألشاب إلا ألأمير وليم أورانج ، حاكم هولندا ألجديد و  بمقاطعاتها ألسبعه.ويسير خلفه عدد من ضباط ألخياله والبحريه  ، وأسرع صاحب  الدار ليركع أمام سيده قائلا:
- هل أستحق  زياره سموكم  إلى داري ألمتواضعه.
- نعم ياسيد سيستن ‘ إنني هولندي يحب ألماء  والزهور،وكذلك ألأجبان  ألتي ننتجها، وإنني سمعت بوجود ورده ألتوليب ألسوداء، لذا حضرت لمشاهدتها وأن أحضر  حفل تسليم جائزه ألمدينه إلى من إكتشفها. ، وأسمع منك أخبارها.

- أه  ياسيدي إنه فخر لنا أن نجدك بيننا اليوم.
-وهل  لديك ألورده؟
-  كلا ياسيدي ، إنها ليست عندي .
-  وأين هي إذا؟
- عند صاحبها.
- ومن هو صاحبها؟
- إنه مزارع من دوردرخت.
- وماهوأسمه ؟
-  ألسيد بوكستل.
- وأين هو الآن؟
- إنه يقيم في فندق ، أتوسل إليك بالتفضل بالدخول إلى مكتبي ، وسأبعث في إحضاره مع ألتوليب ألسوداء.
-  إذا إحضره في  الحال.
- هناك ياصاحب ألسمو مشكله.
- وما هي؟
-  إن هناك فتاه ‘ أضنها محتاله ‘ تدعي أنها صاحبه الورده ، وذلك طمعا للحصول على الجائزه.
-  إن ذلك  ألإدعاء  ، إذا تحقق كذبه ، فهو جريمه  يعاقب عليها  ألقانون.
-  نعم ياصاحب السمو.
- وهل لديك ألبرهان أنه  إدعاء كاذب؟
-  لا ياسيدي أن ألمجرمه..
- يعني إنك  تعني إن  المجرم هي سيده.
- نعم  يا صاحب السمو وأنها موجوده الآن في مكتبي.
-  إنها تدعي كونها  صاحبه الورده؟
-  نعم وهي في مكتبي ألآن ، وكنت قد بدأت في  إستجوابها.
-  إذا لنستمع إليها سويه ، إنني ألقاضي ألأول في  البلد ، وأنا  الذي يجب أن ينطق بالحكم في هذه القظيه.
- نعم وستكون سموكم كلملك سليمان في حكمه ألعادل.
ثم تقدم وراء الأمير للدخول في مكتبه  ، ولكن الأمير منعه  من ذلك ،  وطلب منه أن يتقدم هو أمام  الأمير ،  وأن يدعوه بكلمه سيدي وليس بسموكم ، ليكون الأمير شخصيه غير معروفه أمام ألمدعيه.
ونتوقف قليلا لنذكر ألقارء  أن ألأمير سبق وتعرف على روزا ،  عندما كانت في ضيافه قريبتها ، وألتي كانت مرضعه الأمير وتدير مزرعته ،وأن روزا   سبق وأن توسلت الأمير لنقل والدها من حراسه سجن لاهاي إلى ألسجن الآخر ألذي كان قد سجن به حبيبها ، وقد لبى لها ألأمير طلبها  ،  لذا فقد أشتبه كلا منهما بعد تلك المده الطويله ،أنه قد رأى وجه الآخر في مكان ما ، كما سنتتبع ذلك فيما يلي.
ودخل الإثنان  ألمكتب ، وكانت روزا  دوما في مكانها  ألسابق   قرب ألنافذه ، وهي تنظر إلى حديقه  ألمنزل.
وصاح الأمير-  آه إنها فتاه من  منطقه فريسون. بعد أن لاحظ قبعتها  ألذهبيه اللون وثوبها ألأحمر ،وهو لباس تلك  ألمنطقه.
والتفتت ألفتاه ولكنها لم تتبين جيدا وجه الأمير ألذي إنزوى في ركن مظلم من    ألغرفه.
ولم يكن إهتمام  روزا إلا بالنظر إلى تلك الشخصيه ألمهمه أي رئيس ألبلديه ليس إلى ذلك الشاب ألذي لاريب أنه تابع له.
أما ألشاب ألمتواضع  ، فقد تناول أحد كتب ألمكتبه،  وتضاهر بقرائته،  بينما  أومأ  إلى  ألسيد  سيستن  ياستجواب ألفتاه.
وأطاع سيستن سيده ، وجلس خلف مكتبه وهو سعيد لما أعهد إليه من شرف من قبل ألأمير.وبدأ بسؤاله:
- هل تعديني يا إبنتي أن تقولي ألحقيقه وليس غير ألحقيقه؟
- نعم إنني أعدك  بذلك.
-  إذا تكلمي أمام  ألسيد ألذي هو عضو في لجنه ألتحكيم.
-  وما أضيف يا سيدي  إلى كل ما سبق وقلته لك؟
-  إذا ماذا؟
-  إنني أردد طلبي ألذي  سبق وأن طلبته منك.
-  وما هو  طلبك؟
- أن تحظر  بوكستل والتوليب ألسوداء ، وإنني إذا تأكدت من أنه هو في الحقيقه صاحب  ألورده  ،  فسأعترف له بذلك ، وخلاف ذلك  ، إذا تأكد لي  أنها وردتي فسؤصر على مطالبتي بإراجاعها لي ، حتى إذا تطلب ألأمر رفع شكواي إلى أمير البلاد سيدي ألأمير وليم أورانج.
-  وهل لديك ألبرهان على ذلك؟
-  إن ربي ألذي يعرف صدقي  سيلهمني كل ذلك.
- وتبادل   ألسيد ألمحترم فان سيستن ألنظر  مع ألأمير،  ألذي حاول أن  يتذكر إذا كان قد سبق له أن رأى تلك ألفتاه  ،أو  سمع ذلك ألصوت ألجميل  ألناعم ،  وأمر ألأمير أحد ضباطه  ياستدعاء بوكستل.
واستمرسيستن في  ألإستجواب :
- وماهي ألدلائل ألتي لديك أن تكون ألتوليب هي لك؟
- إنها مسأله بسيطه  ، وهو إني قد زرعت تلك ألنبته ورعيتها في غرفتي.
-  في غرفتك ؟وأين كانت غرفتك ؟
-  في قلعه وسجن لوفشتاين.
-  وهل أنت من سكنه تلك القلعه ؟
-   نعم إنني إبنه  ألسجان بها.
وتحرك ألأمير حركه بسيطه  ، وكأنه  يقول لنفسه، تذكرت ألآن من تكون تلك  ألفتاه.
واستمر ألأمير وكانه يقرأ ألكتاب بينما كان يتفرس  خفيتا الفتاه.
واستمر فان سيستن:
-  إذن إنك تحبين  الزهور؟
- نعم يا سيدي.
-  إذن أنت عالمه في ألزراعه.
وفكرت  روزا قليلا ثم سألت :
-  أيها الساده هل إنني أتكلم مع من يحافظ على شرف ألوعد وسر ألكلام؟
-  نعم تكلمي.
- كلا لست أنا ألتي تفهم في  ألزهور ، لست أنا إلا فتاه بسيطه من أبناء ألشعب ، وفلاحه من  منطقه  ألفريز ، ولم أكن أعرف ما قبل ثلاثه  أشهر ألكتابه وألقرائه ، كلا لست أنا ألتي أكتشفت  ألتوليب ألسوداء.
-  إذا من هو  ألذي  أكتشف ألتوليب ألسوداء؟
-  إنه سجين مسكين.
وسأل ألأمير- ماذا تقولين؟ سجين في لوفشتاين؟
وارتجفت روزا عند سماعها ذلك ألصوت ، وأضاف ألأمير:
-  وهل تعلمين أن ليس هناك في ذلك ألسجن إلا سجناء سياسيون؟
واستمر ألأمير متضاهرا ألقراءه ، وأجابت روزا:
-  نعم إنه سجين سياسي.
وشحب لون وجه فان سيستن  عند سماعه ذلك ألأعتراف وأمام  من ؟ أمام أعظم رجل في ألدوله ، وطلب ألأمير من فان  سيستن أن يستمر  بالإستجواب، أما روزا فهمست:
- آه ياسيدي سأكون إذا مذنبه أمامكم؟
-  نعم إن ألسجناء ألسياسيون في لوفشتاين ،   يجب أن يكون وضعهم سري ،  وأن لا يتصل بهم أحد.
- وا  أسفاه ياسيدي.
-  وحسب ما أفهمه  منك ، إنك أستغليت وضعك كإبنه ألسجان ، لتتعاوني مع  ألسجين في زراعه ألأوراد؟
 -  نعم ، نعم ياسيدي إن علي أن أعترف إنني كنت ألتقي به يوميا.
وصاح فان سيستن -  آه لك من تعيسه.
ورفع ألأمير رأسه عند سماعه صوت روزا ألمرتجف  وشحوب وجهها ألمرتعب  فاضاف:
- ليس من  صلاحيتك  يا سيد سيستن بما يخص ألقضاء أو السياسه  ، وإنما يكون إستجوابك بما يخص ألزراعه فقط.  ، إستمري أيتها ألفتاه ، إستمري بالكلام.
 وقد تشجعت روزا عندما سمعت ذلك ألصوت ألمطمئن،  من ذلك ألشخص ألمجهول  ،فأخذت  تشرح كل ما حدث  منذ ثلاثه أشهر ،  وكيف تألمت  وتعذبت خلال  تلك ألمده  ،وذكرت  قسوه أبيها وكيف أنه حطم ألقطعه ألأولى  من ألبصله، وما سببه ذلك من ألم إلى ألسجين ، وما إتخذته من  حذر للحفاظ على ألقطعه ألثانيه وزراعتها ، وآلام ألسجين وصبره وقلقه ،  عندما إفترقا لمده أسبوع ،وكيف أنه كاد أن يموت من ألجوع عندما حرم من رؤيه ألنبته ، وسعادتهما عندما تم لهما نجاح ذلك ألمشروع ،وحزنهما وألمهما عندما سرقت منهما ألورده.
واستمع ألأمير  إلى  ماقالته دون أن يظهر على وجهه أي إنفعال وقال:
-  إذا  أنت تعرفين السجين منذ مده طويله ؟
ونظرت ألفتاه إلى الشاب  برعب ولكنه أخفى  وجهه  في ظلام  ألغرفه وكأنه يتجنب أن تراه جيدا،وقالت روزا:
- ولماذا هذا ألسؤال يا سيدي؟
- لأن ألسجان غريفس وإبنته  مضى على وجودهم في ألقلعه أربعه أشهر.
-  ذلك  صحيح  ياسيدي.
- وذلك  يدل إنك من عمل على نقل والدك من سجن لاهاي إلى سجن لوفشتاين ، لغرض ملاحقه  ألسجين.
واحمر وجه روزا من  الخجل وأجابت:
- هذا صحيح  سيدي.
وطلب منها ألأمير أن تستمر في إعترافها ، فأضافت:
- إنني أعترف إنني تعرفت على ألسجين في سجن لاهاي.
وابتسم ألأمير قائلا : إنه إذا سجين سعيد حقا.
وفي تلك أللحظه دخل ألضابط ليخبر ألأمير أن صاحب ألتوليب ووردته  ينتظران خلف ألباب.

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:

http://www.algardenia.com/maqalat/21177-2016-01-09-15-44-22.html

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1066 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع