ياسين الحديدي
نحن امام فلسفة الحكومة العراقية بقرار اجراء اصلاحات لمواجهة الازمة التي تقابلها بعد تدهور اسعار النفط الذي يشكل 89% من ميزانية الدولة العراقية و11% من الزراعة والقطاع الصناعي العام والخاص بعد ان كانت ميزانية الدولة في العهد الملكي عكسية للنسبة اعلاه
وانطلاقا من هذه الفلسفة التي كانت ردة فعل سريعة لامتصاص نقمة الجماهير المتظاهرة في ساحة التحرير في بغداد والمحافظات الاخرى التي تطالب بتحسين الاحوال المعاشية لعموم المواطنين وكذلك اصرار الجماهير المنتفضة لمحاربة الفساد الاداري والمالي الذي يُمارَس علنا ويعلن عنه بالاسماء من قبل الاعلام العراقي المرئي والمقروء وباعتراف ضمني من قبل الحكومة والمرجعيات الدينية ان الفساد المالي والاداري ينخر في كافة اجهزة ووزارات الدولة بدون استثناء ومدعوم من قبل الكتل السياسية في البرلمان ومرد ذلك هو تشكيل الحكومات جميعا السابقة والموجودة حاليا على اساس نظام المحاصصة وينطلقون من مبدأ الاستفادة من امتيازات الوزير لدعم كتلهم السياسية في الانتخابات وانتقل مرض الفساد من الاعلى الى الاسفل الى مستوى الموظفين من الدرجات الدنيا في عموم الدوائر وهناك بعض الموظفين في الدوائر هم اغنى حتى من اعضاء البرلمان يقومون بسرقة المواطنين وخاصة العاملين في محطات تعبئة الوقود الحكومية ولو تم رصد هؤلاء الموظفين لرايت العجب من الغنى الفاحش على حساب سرقة المواطنين الذي يقوم بتعبئة سيارته والظاهرة معروفة للجميع ووصلت الى قيام بعض مسؤولي المحطات بخلط الماء بالبنزين والبنزين المحسن مع البنزين العادي وبيعه بسعر المحسن والممتاز , وتقوم اجهزة الرقابة في الدولة وخاصة اجهزة التفتيش بحمايتهم وغض النظر عن ممارسات السرقة وفق مبدأ تبادل المنافع "حملني واحملك" وبدلا من ان تتجه الحكومة لمحاربة الفساد والسرقات من الاختصاصيين والمعروفين ذهبت الى المتقاعد الذي ليش له لا ناقة ولا جمل في هذا الانهيار واستقطاع نسب من رواتبهم التي هي اساسا لا تسد حاجة المتقاعد وعائلته ورمت شبكة الصيد على هذه الطبقة المسحوقة باستثناء اصحاب الدرجات الخاصة بعد ان كانت الحكومة واعضاء من البرلمان يطلقون الوعود والآمال بتحسين احوال هذه الطبقة التي افنت عمرها في خدمة العراق ولكن هذه الوعود الزائفة القائمة على استيعابهم من اجل الفوز بالانتخابات ومن ثم مغادرتهم والانشغال بالكسب المادي غير الشرعي على حساب ناخبيهم غير مبالين بالعهود التي قطعوها على نفسهم والتقبل لكل الانتقادات اللاذعة التي يتعرضون لها من الشعب المنتفض وسوف تعاود هذه الوجوه الكالحة السوداء المختومة بختم الخداع لعبتها عند اقتراب مواعيد الانتخابات ولكن ليكن في علمهم ان الشعب سيلفظهم ولايمكن ان يكون ساذجا الى هذه الدرجة ويمنحهم ثقته بعد ان فاق من هول الصدمة التي جناها منهم وان جيوبهم التي انتفخت من السحت الحرام سوف ترد اليهم ما دام هناك اصرار من الشعب ومن رئيس مجلس الوزراء بالاستمرار بنهجه في محاربة الفساد والمفسدين وباعادة الاموال المسروقة وما ضاع حقٌ وراءه مُطالب , ولا يمكن ان تكون قاعدة السراق اكبر من قوة الشعب مهما بلغوا من سطوة ونفوذ دعهم في غيهم يعمهون ولا بد ان يكون بعد الظلام الحالك من فجر .
1772 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع