الدكتور مهند العزاوي*
يعد التفكير الابداعي هو المصنع الذي ينتج الفكر المبدع , ويعد من أعلى الإنجازات الإنسانية مرتبة, ولأهميته العظيمة في حياة الأمم والشعوب, وما يحققه الفرد من إنجازات حضارية ,
ويبرز من خلال ما نشاهده من تقنيات ومخترعات وأنظمة وقواعد وقوانين تنظم حياة الناس, كان الاهتمام منذ القدم بدراسة الإبداع حيث لم تكن في البداية دراسة علمية منهجية دقيقة, فقد كان الناس ينظرون للمبدعين سواء كانوا علماء أو كتاب أو شعراء أو رسامين أنهم يتمتعون بقدرات خارقة غير عادية تميزهم عن غيرهم ممن لا يملكون تلك القدرات, وقد تكون هذه النظرة سبباً من الأسباب التي وقفت حاجزاً عن إمكانية التوسع في دراسة الإبداع في ذلك الوقت بطريقة علمية وموضوعية.
يجري استخدام نمطية تدريبية ومعرفية علمية في اقتناء مهارات التفاعل الابداعي , ولعل كافة العلوم الفكرية والاستراتيجية والادرية العلمية ومسارات المعرفة والبرامج التدريبية المعنية بالتنظيم والتخطط والتنسيق المعنية بالفرد والمؤسسة المتعلقة بالبيئة التفاعلية والجمهور المستهدف لم تشخص العنصريين الاساسين اللذان يشكلان الذرة الاساسية في كيمياء التفاعل الفردي والمؤسسي و يشكلان القيم المحورية في المحيط التفاعلي وقد ححدتهما وفقا للتطبيق والتفاعل العملي بما يلي :-
الانسان : هو الوحدة الاساسية في الهيكل التنظيمي القيادي والبشري والحكومي والاجتماعي وعنصر التفاعل الذي لايعوض سواء كان فردا ام جماعة سواء كان قائدا او رئيسا او مسؤولا او مديرا او أي عنصر فاعل ضمن فريق العمل او موظف اذن فهو الانسان الذرة الاساسية في كيمياء الحياة
العقل هو الداينمو الذي يخطط ويستنتج ويحلل ويمحص ويفرز ويصنع القرارات ويتخذها وهو العامل المشترك الذي يجمع غالبية المخلوقات البشرية بكافة مستوياتها ويستخدم العقل لتطوير وترسيخ قيم النجاح والتمييز وبنفس الوقت الفشل والاحباط , ويتم من خلال العقل عبر المخزون المعرفي الذي يكون بمثابة الحاسوب الذهني الذي يؤمن صنع واتخاذ القرارات والسلوكيات وتنمية المهارات, بغية تحقيق التاثير في المحيط التفاعلي الوظيفي الداخلي والخارجي وباستخدام مقومات النجاح والتمييز العقلي وتنمية وتطوير القدرات والمرونة التفاعلية في مجال العمل واستخدام الذكاء الالكتروني والوجداني العاطفي برمتها تجعل مسيرة القيادة مميزة وفاعلة .
الجمهور عنصر الديمومة
يمر غالبية الموظفين بمشاكل مختلفة نابعة احيانا من سوء التصرف الشخصي او ضغوط العمل او غياب التحليل والتقييم والتقويم , وقد يؤدي الى فقدان جمهور المؤسسة ثقته بالمؤسسة وتردي الصورة الذهنية للمؤسسة وقد تفقد سبب الديمومة بعد انهيار مقومات البقاء الوظيفي , ويلاحظ شياع ظاهرة الاضطراب والتشكيك بالكادر الوظيفي من خلال تراجع الجهد الفردي والمؤسسي وغلق ابواب المستقبل والتحدد بالمتيسر من المهام ولعل سببها مايلي :-
غياب التحسب والتقدير المتوازن لماهو مطلوب وماهو ضروري
غياب التخطيط المسؤول المعتمد على التحليل الدقيق لواقع المؤسسة وجمهورها
غياب المعرفة الدقيقة العميقة بتصنيف الجمهور وفقا للتطبيقات الحديثة .
غياب خارطة توزع المهام والمسؤوليات الذي يرسم شكل العلاقة بين الاطراف , و هو سبب محوري لتداخل الفعاليات وعدم التمييز في المهام ونطاق الصلاحيات وكذلك سوء التوزيع للمهام .
تصنيف الجمهور الدقيق يجعل الاسبقيات والأوليات متداخلة ولكنها مفروزة بشكل انسيابي يحقق الرضا العام لكافة الاطراف , خصوصا اذا علمنا ان الجمهور الهام هو المهتم والمراقب والمحاسب الفعلي لاداء المؤسسة وكادرها , والجمهور الوسيط المعني بتنفيذ الاهداف الاستراتيجية وتحقيق الغايات المنوطة بالمؤسسة من خلال المدراء والكادر الوظيفي الذي من مهامه الاساسية التحليل والمتابعة وإطلاق المبادرات والاستراتيجيات الوسيطة التقويمية والتعرف على امزجة ورغبات الجمهور العام ومشاكل وخلل الجمهور الخاص , والجمهور الخاص هو الجمهور الذي يستفيد منه الجمهور الوسيط والعام من خلال تقديم الخدمات كوسيط مشارك يستثمر امواله في هذا الصدد وهو الشركات والمنظمات الغير حكومية المعنية بتسهيل الخدمات المقدمة من الدولة الى المجتمع
التحليل الابداعي
يشكل التحليل العمود الفقري لفلسفة الابداع والتفكير الابداعي ويعد المادة الاساسية في رحلة الابتكار الوظيفي او الاجتماعي , ونظرا لاهمية المخرجات التي يحصل عليها التحليل الدقيق يستطيع المبدع ان يتخذ القرار السليم ويحدد الاولويات والاسبقيات والاهمية للابتكار , وبكل الاحوال يعد التحليل ان كان فرديا يعتمد على المخزون المعرفي منتج الافكار او على نماذج التحليل المعتمدة بمثابة قاعدة البيانات المستخرجة والمعتمدة الواقع الفعلي والتطورات المصاحبة لها , ومن خلال بحث مدخلات التحليل سواء المعتمدة على العوامل المرتبطة بالبيئة الداخلية والخارجية التي تؤمن الرؤية الاستشرافية الدقيقة والتي تحقق التقرب التنبوئي الى نسب متقدمة تفوق نسب الاحتمال التي تقدر 50% , وهنا لابد ان يكون التحليل الابداعي منهج منظم ياخذ دوره في مسارالتخطيط والتنبوء القريب والبعيد الذي يحقق الاستشراف الدقيق والرؤية الفاعلة .
لماذا نحلل
يعتبر التحليل الإستراتيجي الأداة الرئيسية لتحديد العناصر الإستراتيجية في البيئة الخارجية من فرص متاحة ومخاطر تحد من قدرة المؤسسة على الاستفادة من هذه الفرص ، وموازنتها مع عناصر القوة والضعف في البيئة الداخلية للمؤسسة . وعملية التحليل الإستراتيجي تحضى بأهمية بالغة عند تقييم المؤسسة نظرا لأنه يؤدي إلى تحقيق ما يلي :
تحديد الفرص المتاحة امام المؤسسة ، وبالنظر إلى إمكانات وخبرات وموارد هذه الأخيرة تتم المفاضلة بين الفرص التي يمكن استغلالها وأي الفرص الممكنة استبعادها
يساعد التحليل الإستراتيجي على فحص الموارد المتاحة وتحديد طرق استخدامها
تحديد ما يسمى بـ: القدرة المميزة للمؤسسة والتي تعرف على أنها القدرات والموارد التي تمتلكها المؤسسة والعمليات التنفيذية المستخدمة في توظيف تلك القدرات والإمكانيات لإنجاز الهدف .
يعد التحليل الإستراتيجي ضرورة ملحة ، نظرا لأنه يؤدي إلى جودة الأداء ، وهذا ما تجمع عليه كل الشركات العالمية التي تستخدم التحليل الإستراتيجي .
الهدف الرئيسي من التحليل الإستراتيجي هو معرفة أربع مفاهيم أساسية ؛ نقاط القوة والضعف الداخلية ، الفرص والتهديدات الخارجية وهذا التحليل يبنى على دراسة المؤسسة من جوهرها والمحيط الذي هو حولها .
يتوقف نجاح المؤسسة إلى حد كبير على مدى دراستها للعوامل البيئية المؤثرة ، ومدى الاستفادة من اتجاهات هذه العوامل ، وبدرجة تأثير كل منهما ، حيث تساعد هذه الدراسة على تحديد الأهداف التي يجب تحقيقها ، وبيان الموارد المتاحة ونطاق السوق المرتقب ، وأنماط القيم والعادات والتقاليد السائدة... .
سعي الكثير من المؤسسات إلى التأقلم مع عوامل بيئتها المتغيرة وجعلها تؤثر بشكل إيجابي على هذه البيئة ، وبالتالي القيام بدور فعال تجاه التطور والمتغيرات المختلفة
التحليل هو عملية فردية يمكن ان يستخدمها الفرد لتحليل بيئته الوظيفية والاجتماعية والمستقبلية
نماذج التحليل
في إطار الرؤية التي تود تحقيقها المؤسسة والمهام الرئيسة التي تؤديها لتحقيق رسالتها، يتوجب على القيادات العليا والإشرافية بتكليف اخصائي الاتصال والعلاقات العامة بتحليل الوضع الذي عليه المؤسسة حاليا للتمكن من التعرف على إمكانية تحقيق الرؤية من خلال معرفة جوانب الضعف والقوة والفرص والقيود التي تؤثر في الأداء المؤسسي سعياً لمعالجتها. وهنالك العديد من الأساليب والنماذج التي تستخدم في التعرف على فعالية المؤسسة أو المؤسسة ومنها:
نموذج تحليل بيست
نموذج تحليل بيستل
نموذج تحليل ستير
نموذج تحليل سوات
عناصر الإبداع
الطلاقة :
تحرر العقل وانطلاق التفكير خارج حدود الزمان والمكان والظروف والتحديات والأفكار السابقة في اتجاهات متعددة ومتنوعة، وبذلك يمنح العقل القدرة على توليد عدد كبير من الأفكار والبدائل والتصورات المتعددة والمتنوعة والتي يمكن تركيب بعضها لتصل في النهاية للأفكار الإبداعية الابتكارية .
المرونة :
سرعة التكيف والانتقال والتحول بالتفكير إلى اتجاهات تفكير متعددة ومتنوعة من البعد الزمني والبعد المكاني مع سرعة الاستيعاب والتكيف مع المتغيرات الجديدة , ونقد ومراجعة الذات وإجراء التعديل والتطوير اللازم والارتقاء من مسار نوعي إلى مسار نوعي آخر يحقق الابداع النوعي
الأصالة :
الإدراك الجيد للمتغيرات واستخدام الربط الثلاثي بين الماضي والحاضر والمستقبل وحسن توظيفها لتقديم الافكار الابداعية والابتكارية مع عدم التكرار للافكار المطروحة والمنفذة سابقا لان هذا يفقدها خاصية الابتكار
المهارات والحواس
تطويع المهارات الابداعية التي بحيازة القائم بالابتكار مع تطويع حواس الاستقبال والرصد والتفسير للمشكلات وتحديد جوانب الخلل والنقص والضعف
يبقى الابداع ميدان حر مفتوح يتسق بالعناصر الذهبية للتفاعل وهو الانسان والعقل ولايتحدد بوقت ولا هدف ويستمر في انتاجه الى ما لانهاية لان الابداع ينتجه الفكر المتوقد والطموح المسؤول والارادة الصلبة
مقتطفات من مادة الابداع والابتكار المؤسسي –الدكتور مهند العزاوي
*خبير استراتيجي
12-12-2015
663 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع