من صفحات التعددية العراقية

                                                                   

                                        خالد القشطيني

الشرق الأوسط - قلما يوجد شعب بحجم الشعب العراقي فيه مثل ما في العراق من أجناس وألوان وطوائف وأديان.

تلمس ذلك حالما تطأ قدماك أرض مطار بغداد. تجد ضابط السفر أبيض البشرة أشقر الشعر. تخرج وتركب التاكسي فتجد السائق أسود اللون لا تختلف سيماؤه عن أي سائق تاكسي في نيجيريا أو الكونغو. بعد بضعة أيام تشعر بهذه التعددية في كل مسارات البلاد. تجد بينهم من يفضل السرقة من أموال الدولة، وتجد الآخر يفضل أن يسرق من جيوب المراجعين لمكتبه، وتجد فيهم من يسرق ليرضي زوجته، ومن يسرق لينفق على عشيقاته.
انعكس هذا التعدد في أسرتنا. كان بيننا الأبيض الأشقر والأسمر الأسود الشعر. كان والدي، رحمه الله، أبيض الوجه أشقر الشعر، خلف أخي مظفر بنفس الهيئة، وخلف مظفر ابنته غادة ببشرة بيضاء وشعر أشقر وعينين زرقاوين. كلما زارتني في لندن تعذر عليّ أن أميزها عن الصبايا الإنجليزيات.
لم أكن مثلها في مسحتها السكسونية، ولكني وجدت أنني أحمل الكثير من نواحي سلوكهم. فمنذ طفولتي فضلت شرب الشاي بالحليب في الكوب على الشاي الأسود في الاستكان. وفي سن الشباب وجدت أنني أستطيع التفاهم والانسجام مع المرأة الإنجليزية وأفشل في التفاهم مع المرأة العراقية. وفي أيام الدراسة، حرصت على تعلم اللغة الإنجليزية ودراسة تاريخ إنجلترا.
كان مما تعلمته من تتبع تاريخ الإنجليز، أن الفايكونغ كانوا في القرون الوسطى يغزون قراهم ومدنهم الساحلية، ينهبون أموالهم ويحرقون بيوتهم ويختطفون نساءهم. كان الفايكونغ قبائل متوحشة مثل جماعات «داعش» في هذه
الأيام. ولكنهم كانوا يسكنون في السويد. سمعت مؤخراً أن المتحف الوطني في استكهولم يضم مجموعة جيدة من الدنانير الذهبية العباسية. تساءلت كيف وصلت هذه الدنانير إلى السويد؟ فلم يكن النفط قد اكتشف في العراق ليبيعوه للسويد ولا عرف السويديون كيف يصنعون العرق المستكي ليبيعوه للعراقيين. فماذا كانت التجارة بين البلدين لتدر على السويد هذه الدنانير العراقية؟ كما قلت، كان الفايكونغ يسبون النساء الإنجليزيات ويحملونهن إلى السويد.
ماذا كانوا يفعلون بهن؟ فالسويد مليئة بالشقراوات بحيث لا يعرفون كيف يتخلصون منهن. كانوا يفعلون ما تفعله «داعش»، يبيعون السبايا الإنجليزيات للآخرين. فمن هم؟ بقية الأوروبيين أيضاً مثقلون بأمثالهن من الشقراوات ولا يريدون المزيد منهن. سرعان ما اكتشف الفايكونغ هذه الحقيقة، وهي هوس سكان الشرق الأوسط بالبيضاوات الشقراوات. وكانت بغداد أكبر سوق للعبيد والجواري من هذا النوع. من هنا جاءت هذه الدنانير العباسية. راحوا يبيعون أولئك السبايا الإنجليزيات كجاريات لأهل بغداد. اسمعوا يا انجليز كيف كان العراقيون يبيعون ويشترون بناتكم! يخطر لي أن أحد أجدادي اشترى واحدة منهن وشغف بها بعد أن علمته كيف يصنع مشروب الجن. أنجبت له عدداً من البنين والبنات انحدر والدي من صلبهن. وورثت عنهم هذه الجينات التي تجعلني أفضل شرب الشاي بالحليب في الكوب. والله أعلم!

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1051 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع