لطيف عبد سالم العگيلي
تتوزع أهوار الناصريةِ على عشرِ وحدات إدارية من أصلِ عشرين وحدة تضمها محافظة ذي قار، مشكلة خمس إجمالي مساحة المحافظة، حيث كانت مساحة الأهوار قبل حلول كارثة تجفيفها في مطلعِ القعد التاسع من القرنِ المنصرم تغطي أكثر من مليونِ دونم.
يعد هور ( ابو زركَ ) الذي يقع في ناحيةِ الاصلاح شرقي مدينة الناصرية، ويتغذى من نهرِ دجلة من أهمِ أهوار هذه المحافظة، حيث تصل مساحته إلى ما يقرب من ( 64000 ) دونم، يليه من حيث المساحة هور ( الحمار ) الذي ارتبط اسمه بناحيةِ الحمار الواقعة شرقي مدينة الناصرية بعد أنْ وجدتَ مياه نهري دجله والفرات مستقراً لها منذ أقدم العصور في تربتِها. ويضاف إلى ذلك ثلاثة أهوار أخرى، أولهما الأهوار ( الوسطى ) في منطقةِ الجبايش التي تصلها المياه من نهري دجلة والفرات وتعد امتداداً طبيعياً لأهوارِ ابو زرك والحمار، وثانيهما هور ( السناف ) الذي يتغذى من حوضِ الفرات ويمتد من منطقةِ ( الكرماشية ) جنوبي سوق الشيوخ إلى ناحيةِ كَرمة بني سعيد على مساحةٍ تقدر بـ ( 20600 ) دونم، والأخير هو هور ( العدل ) الذي يتغذى من نهرِ الفرات ويمتد من ناحيةِ ( الطار ) التابعة إلى قضاء سوق الشيوخ حتى الحدود الإدارية لناحيةِ الفهود.
تتباين موجودات هذه المناطقِ البيئية الطبيعة ما بين مختلف أنواع الأسماك والطيور، فضلاً عن النباتاتِ المائية مثل القصب والبردي وغيرهما، ما جعل سكانها يمتهنون صيد الأسماك والطيور وتربية الحيوانات بالدرجةِ الأساس، إلا أنَّ أهوارَ الناصرية على الرغمِ من أهميتها، فإن جهودَ الجهات المعنية بإنعاشِ الأهوار بعد عام 2003 م، اقتصرت على غمرِ نصف مساحة أهوار الناصرية الكلية بالمياه، إضافة إلى ما تعانيه هذه المنطقةِ في الوقتِ الحاضر من مشكلاتٍ تتطلب معالجات حاسمة، ولاسِيَّمَا قلة المياه الواردة إليها ورداءةِ نوعيتها لأسبابٍ عدة، من جملتِها ارتفاع نسبة الملوحة، بالإضافةِ إلى زيادةِ نسبة التلوث بفعلِ رمي مياهِ المجاري الصحي والمبيدات الحشرية، إلى جانبِ المخلفات الصناعية القادمة من أعالي الأنهار. وضمن هذا السياق حذرت دائرة صحة محافظة ذي قار من تلوثِ المياه وانتشار مرض الكوليرا، فضلاً عن تسجيلِ نحو ألف إصابة بمرضِ جدري الماء ونفوق كميات كبيرة من الأسماكِ والثروة الحيوانية بسبب انحسار المياه عن مناطقٍ واسعة منها، حيث أن الفحوصات المختبرية أثبتت فشل نماذج المياه المسحوبة من مناطقِ الأهوار وعدم صلاحياتها للاستخدام البشري، إضافة إلى إعلانِ المستوصف البيطري في قضاءِ ( الجبايش ) عن تسجيلِ عشرات الحالات من مرضِ عمى الجاموس والأبقار، فضلاً عن الالتهاباتِ المعوية بفعلِ ارتفاع نسب الملوحة المتأتية من قلةِ المياه إلى أعلى مستوياتها بسببِ نقص الإيرادات المائية العراقية. ويضاف إلى ما تقدمِ ما يشير إليه المتخصصين باصطلاحِ ( إبادة ) التنوع البيئي، فضلاً عن انقراضِ الأحياء المائية، ولاسِيَّمَا الأسماك التي تعرضت أعداد كبيرة منها إلى النفوقِ بحسبِ السكان المحليين نتيجة لعطش والجفاف، الذي فتك بمناطقٍ واسعة من أهوارِ الناصرية، إلى جانبِ انقطاع الروافد المائية التي تغذيها.
إنَّ أهوارَ الناصرية بتراثِها الثقافي الفريد وتنوعها الحياتي الغني وطبيعتها الساحرة التي تعكس صورة سامية للتعايش، معرضة اليوم إلى كارثهٍ بيئية كبيرة تلوح في الافق، مالم تتخذ الجهات الحكومية المعنية خطوات سريعة بإطلاقِ كميات كبيرة من المياهِ بأسرعِ وقت ممكن، ومصداقاً لما تقدم أعلن محافظ ذي قار في الأولِ من حزيرانٍ الحالي، أنَّ أهوارِ الناصرية، مناطق منكوبة، بعد تعرض مناطق واسعة منها إلى الجفافِ نتيجة النقص الشديد بالمياه التي انخفضت مناسيبها بنهرِ الفرات إلى معدلاتٍ تنذر بالخطرِ الداهم.
في أمانِ الله.
1241 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع