بقلم: سالم ايليا
تشير المعطيات المتوفرة من خلال البحوث والتقارير الواردة من صنّاع القرار في العراق على ان الحرب على داعش لا تأخذ الأولية في ترتيب اهتماماتهم وذلك من خلال عدم إهتمامهم بتقوية القوات المسلحة ودعمها بالعناصر الوطنية الخالية من الإرتباطات الحزبية والفئوية إضافة الى عدم مراعاة الضوابط والأنظمة العسكرية لمنح الرتب العالية، وهذا ما أكده اللواء غازي خضر الياس عزيزة/ المدير العام السابق للمركز الوطني للعمليات المشتركة في لقاءٍ معه على احدى القنوات الفضائية العربية، حيثُ تحدث عن اعطاء رتبة نقيب في الجيش الى (الجايجي) الخاص لمكتب وزير الدفاع السابق وهو شخص أمّي لا يقرأ ولا يكتب!!.
اضافة الى تنفيذ اجندات خاصة للدول الإقليمية من قبل اعضاء الحكومة المرتبطين بعلاقات (حميمية) مع تلك الدول لأضعاف الجيش العراقي لهذا السبب أو ذاك، كذلك تأجيل مجلس النوّاب لجلسته في التصويت على قانون الحرس الوطني اعطى انطباعاً لا يقبل الشك بأن السلطتين التشريعية والتنفيذية لا ترغبان بقيام جيش عراقي وطني مهني قوي يأخذ على عاتقه مهمة الدفاع عن الوطن ودحر التنظيمات الإرهابية (داعش) وتحجيم دور المليشيات تمهيداً لإلغائها او تحييدها بوضع امرتها تحت سيطرة الدولة بشكلٍ من الأشكال.
فمن الملاحظ بان معظم اعضاء الحكومة السابقة والحالية يجدون في تنظيم داعش المنقذ الوحيد لهم للتغطية على اخفاقاتهم في ادارة الدولة ويتخذون منه سبباً للضغط على المجتمع الدولي لإسنادهم بالمال والسلاح تحت عناوين مختلفة واهمها محاربة (داعش)، كذلك تتخذ مافيات الفساد وسماسرة السحت الحرام من تواجد (داعش) سبباً لتحرير العقود الوهمية لشراء الأسلحة والمعدات او في احسن الأحوال شراء أسلحة باسعار مضاعفة لسعرها الحقيقي وبوسطاء ينتمون الى الأحزاب والقوى المتنفذة في السلطة، حيثُ اصبح الطرفان الحكومي والداعشي كالعَلَق والإنسان المصاب بتخثر الدم في شعيراته الدموية، فيستعين بالعلق لضمان انسيابية الدماء في اوردته وحيثُ يستفاد احدهما من الأخر وبصورة متبادلة.
كذلك تحاول الحكومة ابقاء الجيش بعيداً عن العاصمة ومراكز المدن وذلك باستمرار اشغاله بطريقة التعادل الميداني مع داعش (لا غالب ولا مغلوب)، وبهذا تضمن تحييد خطورته على ميليشياتها التي تسيطر على كل صغيرة وكبيرة في بغداد ومدن العراق كافة، هذا بالإضافة الى الإبقاء على المناطق الغربية والشمالية في حالة انشغال وعدم استقرار دائميين لضمان تحييدهما سياسياً.
فلو تتبعنا حصيلة العمليات الحربية التي تخوضها قوات الجيش والشرطة والمجاميع المتجحفلة معها اضافة الى الأسناد الجوي الدولي ليوم واحد فقط ومن خلال خلية الإعلام الحربي التي تزوّد الفضائية العراقية الشبه رسمية بالأخبار، فسنستنتج بان (داعش) قاب قوسين او ادنى من الهزيمة، وان عناصرها قد ابيدوا ولم يبقى منهم إلا العدد القليل، ثمّ نفاجأ في اليوم التالي بهجوم مباغت لداعش تحتل فيه اجزاء اخرى من الوطن الجريح !!.
وللمتتبع لنشأة (داعش) واعتمادها بشكلٍ رئيسي على المتطوعين الأجانب القادمين من كل فجٍ عميقٍ من ارجاء المعمورة وغالبيتهم لم يحملوا السلاح قبل انضمامهم الى هذا التنظيم، وسرعة انخراطهم وتأقلمهم مع جغرافية ارض المعركة الصعبة لأستنتج بان تنظيم داعش يعمل بإستراتيجية علمية لبناء وحداته وتدريب مقاتليه افضل بكثير من تدريبات قوات الجيش العراقي.
ان النصر لا يأتي بالتصريحات المبالغ فيها ولا بالوعود الكاذبة التي تتردد كل يوم تقريباً عن قرب تحرير المدن والمناطق المحتلة من داعش، وانما يأتي من خلال اعادة بناء جيش مهني محترف ومتطور ومجهز بكافة المستلزمات السوقية والتعبوية، اضافة الى اعادة تنظيمه الهرمي الصحيح من خلال طرد كل منتسب انتمى اليه بتزكية الأحزاب وحَمَلَ المراتب المزيفة التي باتت مثار إستهجان وتندر لعامة الشعب والمجتمع الدولي بصورة عامة.
1532 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع