أجمل ما قيل من شعارات في تظاهرات الشعب

                                           

                             بقلم : سالم ايليا

قال مصطفى كامل:" قولوا للشعوب إنها ما خلقت لتعيش عيشة الأغنام بل تحيا وتعمل وتستثمر الأرض ".(1)

أوردت القول اعلاه لإعطاء المبرر الأخلاقي والسياسي لثورة الشعب الداعي الى الإصلاحات وتحرير الأرض، وقد كنا جميعاً نراقب الشعارات التي رفعها المتظاهرون وكان لغالبيتها عمق في  الطرح والدلالة على الوعي للمتظاهر العراقي وخلفيته الثقافية، علماً بان التظاهرات الحالية هي الوحيدة في تاريخ العراق المعاصر الغير مسيسة وإن تحاول الحكومة وأذنابها الصاق تهمة التسييس عليها، والدليل على عدم تسييها هو تشعب المطالب وضبابيتها وعدم وضوحها وتوحدها خاصة في اليوم الأول للتظاهرة وذلك لعدم وجود قادة حقيقين لتلك التظاهرات التي دللت على عفويتها وصدقها في التعبير عن مشاعر الملايين من العراقيين.
 فمن المتظاهرين من خرج للمطالبة براتبه الذي لم يستلمه لأكثر من ستة أشهر، ومنهم من خرج للمطالبة بتثبيته على الملاك الوظيفي، ومنهم من طالب بتوفير الماء الصالح للشرب والكهرباء أو توفير فرصة العمل له، ومنهم من خرج للمطالبة بتحسين الخدمات الصحية أو تحسين التعليم وبناء المدارس، فلم يخرج المتظاهر للمطالبة بإسقاط التجربة (الديمقراطية) ونظامها السياسي أو إسقاط الدستور كما يحاول الترويج له بعض المندسين، لكن الثائرين طالبوا بتصحيح بعض فقرات الدستور التي تعطي المبرر القانوني للمحاصصة المقيتة، كما وطالب المتظاهرون بتقديم حيتان الفساد من المسؤولين الى القضاء وإستعادة الأموال التي سرقوها، وجميع هذه المطالب مشروعة لا غبار عليها.
وعلى الرغم من عفوية التظاهرة الأولى ومحاولات البعض لتسييسها وتجيير نتائجها لحسابهم فيما بعد، إلا ان المتظاهرين افرزوهم ولفظوهم وعملوا على بلورة مطاليبهم واحتجاجاتهم في التظاهرات اللاحقة وذلك من خلال التواصل الميداني مع بعضهم البعض واشتراك شرائح اخرى من المجتمع لها ثقلها المعرفي، فعمدوا الى رفع الشعارات المنددة بالفساد والمُطالبة في ذات الوقت بملاحقة الفاسدين وتحديد هوياتهم والتي كان لها صداها الواسع في الشارع العراقي، حيثُ اعطت تلك الشعارات والأهازيج التي كانوا يرددونها زخماً اضافياً لشحذ وادامة الثورة، فمنها ما كان يندد بدعاة الدين الذين تسلقوا المناصب المهمة لسرقة اموال الشعب، فخاطبتهم جموع المتظاهرين الغاضبة من خلال الأهازيج والبوسترات والرسوم الكاريكاتورية قائلة: باسم الدين باكونة الحرامية ـ ـ ـ مانريد واحد ملتحي، نريد واحد يستحي ـ ـ ـ عذراً وطني الجريح لقد انتخبتُ اللصوص نصرة للمذهب ـ ـ ـ صار حامينا حرامينا ـ ـ ـ ردناكم عون، طلعتو فرعون ـ ـ ـ نادمون على انتخابكم ـ ـ ـ انتم تسرقون ونحن ندفع الثمن ـ ـ ـ ما نريد حزبية، ولا دولة حرامية ـ ـ ـ لبيك اللهم لبيك، بكنه البلد وجئنا اليك ( الشعب يتندر على المئة والستين برلماني ومسؤول ذهبوا الى الحج).
كما هتف الشعب مخاطباً رئيس الوزراء السابق ورئيس وزراءه الحالي قائلاً: المالكي يا زبـ ـ ـ يا قائد النشالة ـ ـ ـ اغلقوا عيادة الدكتور حيدر العبادي للتخدير ـ ـ ـ مخدر الأصلاحات انتهى مفعوله ـ ـ ـ اتوكل لو تتكتر هاي الساحة تريد اسباع ـ ـ ـ يا لعبادي الظالم طلعه ـ ـ ـ أما ان تكون حزبي أو تكون عراقي ـ ـ ـ نريد افعال لا اقوال ـ ـ ـ يا رئيس الوزراء انت معنا أم ضدنا؟ ـ ـ ـ صح النوم يضرب ثريد ولا يضرب من حديد.
 وعندما طالب حيدر العبادي تفويض الشعب له للتحرك لضرب المفسدين، رفع المتظاهرون لافتات كتب عليها : من اجل مستقبلي ومستقبل أقراني فوضتك، وعندما لم يستجب حيدر العبادي لمطاليبهم رفع الشعب لافتات اخرى كتب عليها :  من أجل مستقبلي ومستقبل أقراني أسحب تفويضي منك وأفوّض أمري الى الله .
ورفع المتظاهرون شعاراتهم ايضاً ضد أعضاء البرلمان واعضاء الحكومة واحزابها قائلين لهم: الوطن بحاجة الى مخلص وليس الى مخ لص ـ ـ ـ أنا العراق مَن أنتم؟ ـ ـ ـ الشعب أقوى من الطغاة ـ ـ ـ سنبقى نتظاهر حتى يتم الأصلاح ـ ـ ـ حكومة فارغة كالفلين ـ ـ ـ وجودكم يزعجنا ورحيلكم يسعدنا ـ ـ ـ انقذوا العراق من الغدة السرطانية ـ ـ ـ اطلعو بالمروّة احسن ما نطلعكو بالكوّة ـ ـ ـ حرامية حرامية والله شلعتو كلوبنا حرامية ، وقال الشعب عن القضاء الفاسد: اذا صلح القضاء، صلح كل شئ .
أمّا في أربيل فقد كانت شعارات المتظاهرين المسيحيين المهجرين من الموصل وضواحيها ومن سهل نينوى عموماً من نوعٍ آخرٍ تعبّر عن مآسيهم وما يجيشُ في نفوسهم من المٍ وحسرةٍ ومخاطبين المسؤولين والشعب العراقي ومن لهم ضمائر في العالم أجمع لإيجاد حل لمشكلتهم، حيثُ رفعوا شعاراتهم بالقول: تذكر قبل ان تغفوا على اي وسادة، أينام الليل من ذبحوا بلاده ـ ـ ـ ماذا نقول لهم !! لقد أصبحنا أمَة (اي مستعبدين) ـ ـ ـ متى؟؟ تقفون مع الحق، والباطل يسرح طليق دون ردع أو محاسب ـ ـ ـ المجهول ينتظر مستقبل اطفالنا، فماذا ننتظر أكثر ـ ـ ـ عهد أنتحر فيه الإلتزام وانتشرت اوهام حريات جامحة، زائفة، مزرية، مقيدة بقيود الكذب والزيف ـ ـ ـ لا للهجرة، نعم للتحرير والعودة ـ ـ ـ كفى ضحكاً على الذقون نريد التحرير ـ ـ ـ عائدون، عائدون، سهل نينوى ـ ـ ـ تذكر: لا تستقيم الحياة إلا بصوتك الحر ـ ـ ـ كرامتنا سُلبت وإغتصبت أرضنا وممتلكاتنا، ماذا ننتظر لنعلنها أمام الملأ " نكون أو لا نكون" ـ ـ ـ جفّت ضمائركم، وما جفّت دموع الأبرياء.
لقد أثبتت الشعارات المرفوعة في التظاهرات على وعي كامل من قبل الشعب لِما يفعله السياسيون وهذا بحد ذاته مؤشر مهم لإقتراب ساعة الحساب للمافيات المسيطرة على مقاليد الحكم وإنها لآتية قريباً لا محالة.

إنتباهة :
(1)مصطفى كامل(1874ـ1908م): شخصية سياسية وطنية مصرية ومؤسس للحزب الوطني المصري.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

610 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع