فلاح ميرزا
في خضم الازمات التى يعانى منها المجتمع الدولى وابرزها حاليا موضوع الهجرة الجماعية ولنقول عنها الهزيمة المفتوحة الاجبارية والاختيارية التى تشهدها بلدان الربيع العربي فى حالة اليأس والخوف مما سيكون عليها مستقبل المنطقة فهى حالة ليست بجديدة
فقبلها عانت منها بلدان اوروبية ابان الحرب العالمية الثانية وقبلها الحرب الاولى ونزوح الالاف من الاتراك الى اوروبا وامريكا وبالمعنى الاعمق هو مااصاب العالم من ثغرة اعتبرت تغير تاريخى للخريطة الكونية قبل ثلاثون عام من الزمن عندما شهد العالم انهيار الاتحاد السوفيتى ومعسكره الاشتراكى ولربما يعاود التاريخ الان وهو مكره للطريقة التى اصابة الولايات المتحدة الامريكية فتكون الازمة الاقتصادية نذير شوؤم لانهيار لامبراطوريتها كما حدث للاتحاد السوفيتى فبعد سلسلة من الاخفاقات التى سببتها السياسات الامريكية منذ تولى جورج بوش الرئاسة عام 2001 وساد منطق استخدام القوة والقفز على الشرعية الدولية والامم المتحدة فى حل مشاكلها مع الانظمة وكانت فكرة ان العالم متعدد الاقطاب تلقى الرفض ولا تلبى طموحات الراسمالية الاحتكارية بعد ان سادت افكار تدعو الى العولمة التى خطط لها صموئيل هنتنحتون وبرجنسكى وكسنجر واخرين التى تحتوى على مجموعة متكاملة من الافكار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتكنولوجية ساهمت فى ارباك الاقتصاد الدولى تاثرت بها البلدان النامية رغم دعوتها الى اتباعها بوجود فواصل تعيق تطبيق تلك الوسائل بين الدول التى لاتتماشى سياستها معها اضافة الى خصوصياتها كما وان الاخفاق الامريكى باحتلالها العراق عام 2003 وكذلك الازمة الاقتصادية العالمية فى عام 2008 ومازالت لحد الان فان مايدعو اليه مخططى السياسة الامريكية يبدو مجرد كبرياء كاذب لذلك فان العودة الى عالم متعدد الاقطاب ليس ببعيد بل ان انهاء الامبراطورية الامريكية والنفوذ الغربي بات على المحك , وهناك تقرير لمجلس الاستخبارات الامريكى يشير الى ان عام 2025 سيكون عام العودة الى نظام دولى متعدد الاقطاب وفقا لما ذكره روجر التمان نائب وزير الخزانة الامريكى السابق فى مجلة فورن افيرز العدد الاخير وذكر بان الازمة المالية فى 2008 تعد الاسوء خلال 75عام وتعد انتكاسة جيوسياسية كبيرة للدمار الذى خلفته والتى وضعت النموذج الامريكى لرأسمالية السوق الحر تحت المجهر فقد اصيب النظام المالى بما يشبه الانهيار وبتاثير الصعود الاقتصادى الصينى وعودة الحياة للدب القطبى واتفاقية شنغهاى ومنظمة بركس بقيادة روسيا والصين ويلاحظ ايضا تنامى الدور الاوروبي الغربي فى السياسة الدولية الفرنسى والايطالى فى هذا الاتجاه بعد ان كان هذا الدور ولوقت قريب ملحقا بالسياسة الامريكية وهذا يعنى مغادرة لسياسة الازاحة وعودة لمفهوم الشراكة والتنافس بين القوى العظمى وحتى وان لم يكن على قدر المساواة ومن جهة اخرى تحاول روسيا الاتحادية ترتيب اوراقها وتحاول الدخول بقوة الى مسرح التنافس الدولى لما يضمن ايضا مصالحها الوطنية بشكل حثيث وتعمل على توسيع مساحة سوق اتحادها الكمركى مع استانا ومنسيك لتتنافس مع الاتحاد الاوروبي لتضيف بذلك الى المتغيرات التى تجرى عل الصعيد الكونى وفى توازنات القوة عنصرا اخر وعصى فى عجلة السياسة الامريكية لذلك كان لابد لها ان تتوقف عند هذه النقطة فى محاولة لمراجعة حسابتها فى بعض الامور الشائكة مثل موضوعها مع ايران وسوريا والعراق فلكل واحدة من هؤلاء ينبغى لها اعادة النظرلطريقة التعامل معها, وبالتاكيد فان اثار اتفاقها حول برنامجها النووى مع ايران سيتيح لها فرصة جدية للتعامل مع الملف السورى الذى تولى ادارته المخابرات الروسية فى حين سيكون للعراق شأن اخر تحاول من خلاله ادارة الرئيس اوباما فى مراحله الاخيرة تسليمه الى الجمهورين القادمين فى الانتخابات القادمة والذين كانوا مسؤولين عن ادارتة ولبؤس تلك الادارة منذ احتلالها للعراق فى 2003 ويبدو انها ادركت ان البرنامج الذى وضعته خلال السنوات الماضية للقوى السياسية عوضا ان تأتى فى مصلحتها ذهبت لصالح ايران والاكراد وبذلك فقد الكثير من مؤيدى سياستها فى المنطقة والعالم, لذلك فقد اوعز الرئيس الامريكى باراك اوباما مهمة الخروج بموقف جديد من خلال فريق عمل تتولى مستشارة الامن القومى سلوزان رايس متابعته وفى جلسة خلوة شارك فيها عدد من وزراء الخارجية السابقين جميس بيكر ومادلين البرايت وكوندليزا رايس وهيلارى كلنتن وكولن باول وجون كيرى وكان عنوانها كيف تتعامل امريكا مع الوضع الجديد فى الشرق الاوسط اكدوا على ضرورة انتهاج ادارة البيت الابيض سياسة جديدة فى الشرق الاوسط وتحديدا الملفات العراقية والسورية والمصرية وانتقد التقرير السياسة الناعمة التى يتبعها جون كيرى مع تلك الملفات مما اثار عليه انتقادات لانها فشلت فى تقدير مايحدث على الساحة المصرية وقراءة المشهد العراقى لانها تفاجئت فى تطورات الاحداث هناك وبهشاشة حكومة بغداد وان الاجهزة الاستخبارية الامريكية لم تكن تتوقع ولم تضع العراق على راس قائمة المخاطر بالنسبة لها وحذر التقرير من تداعيات ذلك على راس قائمة المخاطر بالنسبة لها وحذرمن تداعيات الموقف على دول الاردن ولبنان واسرائيل وان هناك جهل امريكى بما يجرى فى العراق وفيما يتعلق بالوضع الحالى ذكر التقرير ان السياسة الامريكية اثبتت فى الفترة القصيرة الماضية انها لم تكن على علم ودراية بكل تحركات قوى التغيير فى المنطقة فما يحدث فى العراق الان كان ينظر له ععل انه من فعل مجموات ارهابية تابعة للقاعدة وتناست الادارة طيلة الفترة الماضية ان تنظيم القاعدة الذى عمل فى العرااق اصبح من الصعب اجتثاثه لان عوامل كثيرة ساعدت على نمو هذا التنظيم وخلق بيئة فى صفوف الشعب العراقى تحتضنه واضاف “لقد تعامينا عن واقع العراق ونظرنا للنظام القائم هناك على أنه نظام حليف ويعمل وفق اجندتنا وهذا ما كان ينفيه الواقع فتأثير إيران في المعادلة العراقية أصبح أكثر من دورنا وتأثيرنا هناك”. هكذا كانت قراءات الادارة الامريكية لاحداث المنطقة والتى اغمضت عينيها عنها فترة من الزمن كنشوة المنتصر ولكنها تفاجئت بواقع اخر ما ستضطر الى اعادت حساباتها مجددا
925 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع