فلاح ميرزا
الاوضاع التى تشهدها المنطقة بصورة عامة والعراق بصورة خاصة لم تأتى وكانها مفاجئة ولكنها جاءت نتيجة سياسات غير متوازنة ساهمت بها انظمة اصابها الغرور لتحقيقها بعض الانتصارات سواء كانت عن طريق حروب اوسقوط انظمة استبدادية او احتلال غيرمسبق دوليا وان مما يؤسف له انهفي حالة ضعف دول المنطقة، انها اصبحت تخضع لقوى من خارجها ،
وان هذه المنطقة تشهد الان رسم حدود وصراعا وتنافسا بين قوى اجنبية لم تاتى مضطرة ، بل ان بعض قادة المنطقة يذهب لدعوتها تحت لافته قوى خارجية للتدخل، اعتقادا منهم ان قوى اجنبية وحدها قادرة على اتخاذ القرار وفرضه، واقدم مثال على ذلك الدعوة المتكررة لتدخل الولايات المتحدة في الصراع العربي في الوقت الذي تتعالى فيه صرخات الاتهام ضد الاستعمار الامريكي. وان الدعوة التى يدعو لها اسلامي الانظمة والحركات تحقيقا للديمقراطية دعوة خادعة وغير صحيحة وان دعوتهم اليها هي بهدف الوصول للحكم، وعندما يتحقق هدفهم ينقضون علىها وعلى كل من يخالفهم الرأى كما حدث فى ايران والعراق وليبيا , وان الديمقراطيات التى تنادى الانظمة والحركات اشبه ما تكون بضاعة تباع وتشترى وتخضع لقانون العرض والطلب وقابلة للتفاوض مع ديمقراطيات اخرى بمواصفات والوان لاتتشابه مع غيرها, وببساطة ان الشعوب فى المنطقة ستضطر الى التخلي عن قيمها وتاريخها بسبب تلك الاوضاع وان تستسلم للقوى الاخرى بالهيمنة والسيطرة , والا لماذا لم ينتفض المجتمع الدولى على انظمة ظالمة فى وقت ابدى تعاطفه مع موضوع المهجرين والهاربين من ظلم وفساد الانظمة والكل يدعى انه غير مسؤول عن الذى يجرى بما فيهم الولايات المتحدة ولكن دعنا نأخذ بعض ممن قاله المحللين والخبراء الذين مازالوا يعتقدون بان احداث المنطقة تسير وفق ماخطط لها ولكنها لم تجتاز سوى مرحلة بسيطة .
يتنبأ »برنارد لويس« انكليزى الاصل امريكى الجنسية يهودى الديانة امريكى الميل وصهيونى الاتجاه بان الدول العربية هي الاكثر تعرضا لخطر التفكك وانها ليست الوحيدة، فالاتجاه نحو التفكك سيزداد بتشجيع من الشعور الاثني والشعور الطائفي المتناميين، وقد تسربت الفكرة المغرية بحق تقرير المصير الى عدد من الاقليات الاثنية التي لم تعد تكتفي بوضعها السابق، لكن »برنارد لويس« لم يبن لنا من الذي يغذي عملية التفكيك في الدول العربية والذي لا يريد لدولة عربية واحدة ان تأخذ وضعها الطبيعي تحت قبة السماء كما ويشير الى بعض التنبؤات الغيرمسرة، ان النفط لا بد ان ينضب في يوم من الايام وهو المصدر الاساسي للثروة في الشرق الاوسط الذي لم تعد الزراعة كافية لاطعام جميع سكان المنطقة والحاجة للطعام تتنامى في استمرار، والطعام يعتمد على الزراعة التي تعتمد على التربة والماء، ولكن الشرق الاوسط لا يملك السهول الشاسعة الموجودة في مناطق العالم فمعظم سطحه جبال وصحارى بينما المناطق الزراعية محدودة وتعتمد على الانهار، وتدور حول الانهار مشاكل تقنية وسياسية في آن معا، هذا يعني في نظره ان الصراع في المنطقة سيمتد ويطول، فأنهار العالم العربي مثل النيل والفرات ودجلة ستكون جزء من هذا الصراع كما وان الاردن محاط بمخاوف ولابد من وجود ارادة عربية حازمة وقوية تنهي عملية الصراع حول الانهار لصالح الذين لهم الحق في مياه الانهار العربية. وتلك امور بحاجة الى حزم والى سياسة محنكة .
في الدول الكبرى يعطى مجال للمفكرين في ان يدرسوا ويفكروا ويخططوا ويتنبأوا ثم يأتي قادة السياسة لينفخوا الروح في تنبؤات المفكرين ويطبقوها على الشعوب في الشرق الاوسط التي لم ياتى وقت ذلك لمفكريها اوانها كى تعلي من شأن المفكرين والمثقفين بأنهم اصحاب رؤية ودراية بالصراعات الدولية وهم ايضا قادرون على وضع الحلول للمشاكل والازمات... بينما كان لمدير الاستخبارات المركزية السابق مايكل هايدن راي وتصورا اخر عن مايجرى فى المنطقة واشار ان العراق وسوريا لم يعد لها وجود وذهب ابعد من ذلك الى ان المنطقة ستشهد حالة عدم الاستقرار قد تستمرثلاثون سنه , ومابكل وهو الخبير عندما يصرح بذلك فهو يعى مايقول سيما انه الخبير المتمرس فى عدد من المواقع الامنية المهمة بين عامى 1999-2005 وهو بين عامى2005-2009 رئيس الاستخبارات المركزية الامريكية وهو اليوم مستشار لدى المجموعة الخاصة تشيرتوف التى تعمل فى عالم الامن الصناعي ويذكر ان لبنان دولة فاشلة تقريبا ومن المرجح أن تكون ليبيا هكذا أيضًا واتّفاقيات سايكس بيكو الّتي وضعت هذه الدول على الخارطة بمبادرة من القوى الأوروبية في عام 1916 لم تعكس قطّ الوقائع على الأرض ويقول هذه السياسة الرسمية لهذه الادارة وهذا أثّر في قراراتها حول إعطاء الأسلحة إلى الكورد على سبيل المثال، الكورد حلفاؤنا المفضّلين في المنطقة وبغضّ النظر عمّا سيحدث، سيبقون هكذا لأنّ مصلحتهم المباشر متوافقة مع التحالف مع الغرب، ولكن إذا ما تمّ حرماننا من خيارات لأنّنا نعتقد أنّ بإمكاننا إحياء العراق وسوريا، سنزيد الوضع سوءًا. هل رايتم الجيش العراقى قادرًا على استعادة السيطرة على الموصل؟ هذا لن يحدث فالجيش الّذي سيطر على تكريت هو ميليشيا شيعية مدعومة من قبل الضبّاط الإيرانيين. أمّا فيما يتعلّق بسوريا، أيّ مستقبل يمكن تصوّرها؟ ربّما سيكون هناك مقعد سوري أو عراقي في منظمة الأمم المتّحدة ولكن البلدين قد اختفيا ويتابع فى حديثه الذى نقلته التقارير الامريكية، "الدعم الأمريكي كثير ولكن إذا ما عدنا إلى التاريخ، نشهد أن العراق كان مقسّمًا إلى ثلاث ولايات في الإمبراطورية العثمانية: ولايات الموصل وبغداد والبصرة. فما نسمّيه العراق لم يكن موجودًا. هذه الحقائق العلمانية مهمّة. ومرّة أخرى، لا أعتقد أنّ العراق وسوريا سيظهران من جديد. يجب البحث عن أمور بديلة أخرى. ولهذا أدعو إلى تسليح الكورد مباشرة".هكذا يرى الامور وفى ضوء المعلومات التى اطلع عليها
وحول داعش يقول "علينا ضربه وإضعافه لأنّنا نمتلك الحقّ في الدفاع عن أنفسنا. يجب استخدام القوّة الجوية وضرب الخدمات اللوجستية والمقرّات العامة والقادة. وثانيًا، علينا احتواء تمدّده لأنّ تقدّم الدولة الإسلامية نحو سيناء أكثر إثارة للقلق من سيطرته على الرقّة. علينا حماية حلفائنا المصريين والسعوديين والأتراك والإماراتيين وغيرهم. وثالثًا، علينا مساعدة المسلمين الّذين يمكنهم القتال على المستوى الديني لأنّ في الواقع المعركة قائمة على الإسلام بينما يرى الدكتور عبدالرحمن الزهان السعودى ان موضوع الشرق ليس جديدا بل ان موضوعه قد تناوله السير كامبل قبل مئة عام وقبل ظهور البترول حيث كان يفكر بانشاء كيان تحت اسم (البفرزون) فى منطقة الشرق الاوسط حتى يمكن تفتيتها والسيطرة عليها ولا تتمكن من السيطرة على العالم؛ لأن منطقة الشرق الأوسط تملك عناصر القوة الكاملة حتى قبل ظهور البترول مثل الحضارة والثقافة والقيم الإنسانية التي يمكن أن تنتشر من الشرق الأوسط، ذاكراً أن دعوة "كامبل" لتفتيت الشرق الأوسط جُددت عبر "برنارد لويس"، الذي يعد أحد الكتاب والخبراء في الشرق الأوسط، والذي درس الحضارة العربية والثقافة العربية والدين الإسلامي واللغة العربية بهدف إظهار مشاكل الشرق الأوسط، وأن هذه المشاكل لن تتم معالجتها إلاّ بتجزئة الشرق الأوسط؛ لأن فيها ثقافات من مكونات مختلفة وديانات مختلفة.
وأضاف أن "برنارد لويس" كان يعمل مستشاراً شخصياً ل"بوش" أثناء حربه على العراق، إضافةً إلى رجل آخر، كان يعمل مستشاراً للأمن القومي، مؤكداً على أنه ما زالت الدراسات مستمرة، وما حصل ليس أمراً عشوائياً، وإنما وفق برمجة محسوبة وممنهجة، موضحاً أن "معهد بروكن" مازال يدرس العالم العربي بجميع مشاكله الطائفية والسياسية حتى يستطيع أن يدخل فيه، مبيناً أنه عندما جاءت "الارهاصات" الأولى الخاصة بتنفيذ مخطط الشرق الأوسط كان يدرس في أمريكا وتم الإعلان على الهواء مباشرة أننا سنعمل كذا وكذا وكذا، متأسفاً على أنه لو كنّا قد تنبهنا لتلك المسائل مبكراً لاستطعنا أن نضع "سيناريو" لكل موقف ولظروف العمل، مشيراً إلى أن هذه المنطقة ستظل تحت السيطرة والتحكم من قبل القوى الدولية إلى الأبد ما دامت دول الشرق الأوسط لا تصنع سلاحها بيدها، وبالتالي سيصبح مصيرها ليس في يدها!
1088 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع