يكفى أن تكون إعلاميا .. لتغسل « السمعة»!

                                              

                            ماجدة الجندى

لم يعد الأمر بحاجة لأكثر مما أوردته فى العنوان, كى تعود فى نظر «مجتمعنا المقلوب هرمه» الى حال يوم ولدتك أمك، أيا ما كانت ذنوبك أو حتى «جرائمك».. يكفيك أن تشهر «اللقب» فارغ المحتوى «فى وجه اكبر كبير، الذى لا يهمه ولن يهتم: عن أى شيء «تعلم» بضم التاء، ولا لأى نوع إعلامى تنتمي، ومن تسعى لإعلامه ولا اى محتوى «تعلم» به..

تلك الاسئلة شبه البديهية لا تلزم أغلب مجتمع ذاكرته مثقوبة، وعلى الرأس منه «المسئولون»، الذى بيننا وبينهم ميثاق وعهد، أول بنوده أن يكونوا أمناء علينا وعلى مصالحنا. الوقائع والتجربة، تؤكد أن أى منحرف لم يعد بحاجة الى أن يزور «فيشه وتشبيهه» الذى يصمه بعار، ولا أن يختفى ويرحل إلى حيث لا يعرفه أحد إن أراد مجددا، الاستمرار فى غيه وجرائمه، يكفيه أن يجد  فاعلا، آثما شريكا من حاملى «لافتة» الإعلام ينطوى تحتها، فتصبح كل انحرافاته كأن لم تكن. واقع بذيء، مستعد لأى شيء وكل شيء، واقع متجاوز لأى عتبة أخلاقية، بكل أسف واقع,الجزء الاكبر منه صنيعه «الإعلام»، ليس  الإعلام بإطلاقه، لكنه فى صدارته إعلام من أهم أدواره أنه «عراب» للإثم والفساد فى سهرات ليالى «النحت والسلب»، وناصح ومرشد للوطنية، فى أمسيات البرامج التى يثير مقدار الكذب فيها غثيانا لا يقاوم.

 حالة السيد محمد فودة ، سكرتير وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني، والمتهم أخيرا فيما عرف باسم قضية الفساد فى وزارة الزراعة، حالة أهون ما فيها واخف وطاة ما فى خيوطها, هو خيط المتهمين المعلنة أسماؤهم، أما الأهم والأجدر فى نظرى  بالتوقف، فهو «المطبخ»  و«الطباخ» الذى أخذ على عاتقه مهمة إعادة إنتاج» السم», وتقديمه الى الناس، (ايا ما كان سوف يتكسبه من الطبخة). وهذا المطبخ  أو الطباخ، الذى يعى وعلى يقين من فساد محتوى ما يقدمه،  يواجه الناس ورجال الدولة، «ببراءة» ذئاب محنكة، (من حقك أن ترسم علامة تعجب متسائلا: وهل للذئاب براءة؟) لكنها الحقيقة، فى بلدنا خاصية غير متكررة، خاصية استئصال الذاكرة، حتى لو كانت ذاكرة الأمس القريب، يعنى تعيش وتشوف ولا يحكى لك أحد, ترى وتقرأ بأم عينيك عن متهم يدخل السجن خمس سنوات عن تهمة مخلة بالشرف، وينال حكما باتا، بفساده وإجرامه، من قاض اطمأنت نفسه لثبوت الفساد، (هذا غير عشرات التهم الأخري)، ثم يخرج  ويعيد أحد الاعلاميين ومؤسسته «تعميده» ويهبونه، ميلادا هو «الخطيئة» بعينها، ويصدرونه إلى المجتمع: إماما للكلمة، كاتب مقال ومدير تحرير، و..«إعلامي» و مرشح منتظر لمجلس النواب !!.

لسنا قضاة ولا فتشنا فى النيات التى كانت فى «الما وراء»، ولا ألمحنا عن أول تساؤل مشروع يتبادر فى مثل هذه الظروف،  عن الدوافع  التى تجعل من «كيان صحفي» محترفا, ومتمددا اعلاميا، يأخذ على عاتقه إعادة إنتاج للفساد، وليس لنا شأن بسهرات الليل التى نسمع أنها كانت تجمع ما بين الثروة والإعلام والسيد فودة  الذى خرج من سجنه ليسكن  شقة فندقية فى واحد من أغلى  فنادق القاهرة، لكن الظاهر يكفى ويزيد كى تحكم على «أطراف»، لم يأت ذكرها فى السياق الرسمي، لكن دورها ومسئوليتها عن «إذكاء الفساد» لا يمكن تجاوزه، لأن هذه الأطراف التى تعتلى قباب الإعلام باعتبارها «حاملة مفاتيح جنة الوطنية  وحامية حمى يناير ويونيو وطوبه وأمشير، وشهيدة ما فات من انظمة»، هى نفسها التى تسممنا بعفن أدورها، وتواطئها. المشكلة أن الله سبحانه وتعالى قد قيض لبعض منا، نحن الذين اختبرهم بالعمل الصحفي, أن يطلعوا على مجريات وأحوال «فساد المطبخ» الذى يخرج على الناس بكعكاته المزينة، المشهية، وأيضا فاسدة المكونات!

بقى التصريح الذى خرج به علينا السيد  شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء الجديد، الذى يتنصل فيه من صور جمعته بالسيد محمد فودة ويقول: إن فودة قدم نفسه الى السيد شريف باعتباره صحفيا واعلاميا  وكاتب مقال, ولا تمثل هذه الصور،  اى دليل على وجود اى علاقة شخصية. طيب اسمح لى يا سيدى ان اسالك: كم كان عمرك عندما ملأت حكايات فودة كل اجهزة الإعلام عندما دخل السجن خمس سنوات باعتباره سكرتير وزير الثقافة المرتشي؟ أما انك  فى هذه السن كنت تقاطع كل ما يجرى فى مصر من أمور،  لابد أن تتوقف عندها باعتبارك مواطنا أولا  يهم ماذا كنت تعمل، وفى هذه الحالة نحن, كمواطنين،  ازاء معضلة حقيقية لانك  كرئيس وزراء، أبسط الأمور الواجب توافرها  فيك،  أن تكون ملما» بأحوال البلد» الذى تترأس مجلس وزرائه، أمس واليوم ولن أقول غدا،  لأنه كيف تقود التنفيذيين  فى بلد يجهل مساره، حتى ولو لشهور؟ أم أنك، وهذا هو الافتراض الثاني، وباعتبار أن لك ذاكرة، من غير نوع ذاكرة السمك، وباعتبارك أيضا مواطنا،  كنت تعلم بحقيقة وأصل «السيد فودة»، و ما رمز إليه من انحراف وعفن، لأنها واقعة كانت أشبه بالفضائح السياسية، وبالتالى لم يكن من المقبول على الإطلاق مد جسور معه وأنت جالس على «مقعد الوزير»، ومع ذلك غضضت بصرك عما يمثله من فساد، واصطنعت تصديق أنه «إعلامي» وهنا، ليس عندى ما يمكن ان استسيغ معه  لا هذا الخيار.. ولا ذاك، ومع ذلك قد أكون أخطات الطرح، ومن حقك قبل حقى أن اسالك: من  أى خندق من الاثنين جئت تتولى رئاسة مجلس وزراء مصر؟

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

978 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع