موفق نيسكو
يتبع ما ذكرنا في ج 3 بأن كثيراً من الباحثين على اختلاف انتمائهم واختصاصاتهم شجبوا قيام الانكليز بتسمية السريان النساطرة بالآشوريين.
(للاختصار انقل ترجمتي للنصوص الانكليزية، بدون النص الانكليزي، باستثناء الفقرة 37 لأهميتها)، كما فاتني القول للقارئ الكريم: إن بحثي هو تاريخي بحت، ولذلك لا استشهد بأقوال كُتَّاب ذات طابع سياسي.
37: يقول الأستاذ السرياني النسطوري George David Malech جورج دافيد (1837–1909م) في كتابه الذي نشره ابنه الكاهن نسطور سنة 1910م في أمريكا، تحت عنوان:
History of the Syrian nation and the old Evangelical-Apostolic Church of the East from remote antiquity to the present time
تاريخ الأمة السريانية والكنيسة الإنجيلية الرسولية الشرقية القديمة، منذ انفصالها عن أنطاكية والى الوقت الحاضر
ويقول في فصل بعنوان (الكنيسة السريانية في الوقت الحاضر– ما يتعلق بتسميات شعبنا وكنيستنا ص 346–347): إن العرب المحمديين (المسلمين) في الشرق يدعونا نصارى (Nazarene) لأننا نؤمن بالمسيح الذي كان من الناصرة، وبعضهم يدعونا توماويين لأن الرسول توما أول من بشر بالمسيح في سوريا وفارس والهند، وهناك اسماً آخر لنا هو "النساطرة"، نسبة إلى نسطور بطريرك القسطنطينية المحروم في مجمع افسس سنة 431م، لأنه أُتهم ظلماً بعقيدة خاطئة، ولذلك الكاثوليك يدعونا نساطرة لتحقيرنا، ونحن لا نحب أن يدعونا أحد باسم النساطرة، لأن ذلك ليس اسمنا الحقيقي، ثم يكمل القول المهم بوضوح وحرفياً قائلاً:
of the East Our right name is: The Syrian Apostolic Evangelica church
اسمنا الصحيح هو: الكنيسة السريانية الرسولية الإنجيلية الشرقية
This is our right and true name, which the first fathers of our church have written in their books far back in time,
and we ask all Christians in the world to call us by this right name
هذا هو اسمنا الصحيح والحقيقي، الذي قد كتبه آباء كنيستنا الأوائل في كتبهم سابقاً
ونحن نطلب من جميع المسيحيين في العالم أن يدعونا بهذا الاسم الصحيح
والأستاذ جورج دافيد هو شماس نسطوري وأب لكاهن بدرجة أرخدياقون اسمه نسطور، والحائز عل شهادة بذلك من الكنيسة الرسولية السريانية الشرقية في 22/ نيسان 1898م، والموقَّعة من قبل المطران حنانيشوع باسم مطران الكنيسة السريانية الشرقية، والمصادق عليها من قبل البطريرك شمعون 18 روبين بنيامين (1860–1903م) بختم بطريرك الكلدان (لأن البطريرك كانت له توجهات قوية للانضمام إلى الكنيسة الكلدانية، راجع لقائه مع الأب ريتوري الدومنيكي، الأب بطرس حداد، أرشيف البطريركية الكلدانية / 2 ص 117)، علماً أن البطريرك كتب رسالة إلى الكاهن نسطور يُسمِّي الكنيسة بالسريانية (ص387). ونرفق صورة الشهادة والرسالة في أسفل المقال.
38: يقول المؤرخ الفرنسي ميشيل شفالييه الذي يستند إلى مئات المراجع وبكل اللغات ومن ناس زاروا وعشوا واحتكوا مع النساطرة: إن النساطرة هم السريان الشرقيين، وهم الذين أعاد الغرب الانكلو سكسونيين اكتشافهم خلال فترة الثلث الثاني من القرن التاسع عشر، وقد اتخذوا هذه التسمية الآشورية عوضاً عن التسمية القديمة النسطورية، وكان ذلك منذ مطلع القرن العشرين، وهذه التسمية اختلفت عن تسمية الكلدان ذلك لأنها سرعان ما تطورت وغدت تعني تسمية قومية ووطنية، فالنساطرة الجبليون هؤلاء هم الذين يُعرفون اليوم"بالآشوريين"، ثم يضيف قائلاً: أرجو الملاحظة في كتابي عندما أتحدث عن النساطرة – الكلدان، أنني استعين بعبارة السريان الشرقيين عوضاً عن عبارة كلدو–آشوريين، التي غَدت تُستعمل كتسمية شعبية منذ سنة1920م فقط خصوصاً من قِبل عصبة الأمم آنذاك، لأن تسمية كهذه أراها تناقض الواقع التاريخي، ولا يمكن استعمالها في البحوث قبل سنة 1914م. (شفالييه، المسيحيون في حكاري وكردستان الشمالية ص 17 و 20 و21).
39: يقول صبحي اكسوي وتوما جليك ومؤلفون آخرون أتراك مسلمين ومسيحيين: عاش السريان الشرقيون بشكلٍ منعزل عن العالم الخارجي في منطقة هكاري الجبلية البعيدة عن الحضارة والتي يصعب الوصول إليها، ولكنهم أعادوا ارتباطهم بالعالم الخارجي في بدايات القرن التاسع عشر من خلال البعثات التبشيرية، ومن خلال هذه العلاقة تعززت المشاعر القومية لديهم، وكان السريان الشرقيون يتحدثون بلهجةٍ يطلقون عليها اسم "سورايا أو سورث"، وهي لهجة الترجوم السريانية، ونتيجة للمكتشفات الآشورية القديمة التي أظهرتها الحفريات الأثرية التي قام بها الغربيون في بلاد ما بين النهرين وزيارات مبشرين انكليكان لمناطقهم تم ربط الهوية الإثنية للسريان الشرقيين بالآشوريين القدامى، وبعد القرن التاسع عشر صار السريان الشرقيون الباقون في كنيسة المشرق (غير المتكثلكين) يطلقون على أنفسهم اسم "الآشوريون". (تاريخ السريان في بلاد ما بين النهرين ترجمه أحمد سليمان الإبراهيم والدكتور محمد يوفا ص311).
40: يقول ريموند كوز: أمَّا تسمية الكنيسة الآشورية فقد ظهرت في القرن التاسع عشر، وأطلقها المبشرون البروتستانت على العشائر المستقلة عن روما والمتحصنة في جبال حكاري، وبالإيجاز فإن كنيسة المشرق وكنيسة فارس والكنيسة السريانية الشرقية والكنيسة النسطورية وكنيسة كوخي تعتبر تسميات مترادفة لبعضها، ونستخدمها حسب المراحل التاريخية التي مرت بها. (تاريخ كنيسة المشرق، مسيحيو العراق وإيران وتركيا، ترجمة الأب عمانؤيل الريس ج 1 ص10).
41: يقول المطران ميشيل يتيم والارشمندريت أغناطيوس ديك: إن النساطرة كانوا متمركزين في جبال كردستان وشرق تركيا منذ القرن السابع عشر، وتخلصوا من اسمهم القديم فأطلق عليم الآشوريين ليتميزوا عن الكلدان، ومؤخراً اتخذوا اسماً رسمياً لكنيستهم هو كنيسة المشرق الآشورية. (تاريخ الكنيسة الشرقية ص364). (اسم الآشورية اتخذ رسمياً في 17/تشرين الأول 1976م ولفرع واحد منها فقط).
42: يقول المؤرخ د. عزيز سوريال عطية: انشقت الكنيسة النسطورية المعروفة بالكنيسة السريانية الشرقية في التاريخ من نسطور، وبعد الانقسام صاروا مجتمعاً خاصاً وأقاموا على حدود تركيا وإيران والعراق، وكان نتيجة الانقسام هو العشائر السريانية الغربية والشرقية التي انتشرت في الأناضول وكردستان وأعالي دجلة والفرات وفارس. (تاريخ المسيحية الشرقية ص223–224).
43: يقول الأب جبرائيل اوشان الذي قام بزيارة مناطق الكلدان والنساطرة خصيصاً للكتابة عنهم عن قرب وألَّف كتاب:
The Modern Chaldeans and Nestorians, and the Study of A Syriac among them
(الكلدان والنساطرة الجدد ودراسة السريانية بينهما) الذي نشرته جامعة جونز هوبكينز سنة 1901م، وهي جامعة متخصصة في الأبحاث ومقرها بالتيمور بولاية ماريلاند الأمريكية كانت قد تأسست سنة 1876م:
لقد كتب الكثير عن الكلدان والنساطرة الحديثين (الجدد) في كردستان وبلاد فارس وبلاد بين النهرين مثل ريج، بوري، اينسورث، بيركنز ، غرانت، لايارد، بادجر ، مارتن، رسام، ساخو، ومولير سيمونيس، وهيفرانت، ولكن تم نشر القليل أو لا شيء عن دراسة السريانية بينهم، ولذلك قد يكون من المثير للاهتمام لنعرف شيئا حول هذا الموضوع. وتستند معلوماتي على ملاحظات شخصية قمتُ بها قبل عدة سنوات عندما أتيحت لي فرصة لزيارة الكلدان والنساطرة الحديثين في معاقلهم الجبلية، ثم يقول: إن ما يُسمَّى النساطرة في جبال كردستان وسهول أعالي بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس، هم طائفة دينية من أتباع مذهب نسطور بطريرك القسطنطينية (428–431م)، أمَّا كشعب فهم منحدرين من السريان الشرقيين القدماء، وإن نساطرة كردستان وبلاد فارس لم يعتمدوا الاسم الانسطوري، بل يُسمُّون أنفسهم سرياني، وبطريركهم يحمل لقب الكلدان، ون لغتهم هي السريانية ( ص79–81).
44: يقول أستاذ اللاهوت في جامعة كمبريج J. F. Bethune-Baker (1861–1851م) في كتابه:
Nestorius and His Teaching A Fresh Examination of the Evidence
(نسطور وتعاليمه، فحص جديد للأدلة، 1908م): أنه بحثَ في المصادر والمخطوطات السريانية، ويُسمِّي النساطرة السريان، وكل سكان بين النهرين المسيحيين يسميهم سريان ميسوبوتاميا. (ص220و231).
45: يقول الباحث الألماني وأستاذ التاريخ الكنسي في جامعة هالّي Fridrich Loofs (1858–1928م) في كتابه:
Nestorius and his place in the history of Christian doctrine
(نسطور ومكانته في العقيدة المسيحية، 1914م): إنه في محاضراته وكتابته عن نسطور اعتمد على المصادر السريانية ويستعمل كلمة النساطرة أو النساطرة–السريان، كما يُسمِّي الأب بولس بيدجان اللعازري المعاصر له بالباحث السرياني. (ص1 و11 وما بعدها).
46: يقول المتخصص بشؤون المنطقة المستشرق الروسي فلادمير مينورسكي (1877–1966م) في دائرة المعارف الإسلامية، وهي موسوعة مجموعة من الاختصاصيين المستشرقين الغربيين مستندين إلى عشرات المصادر والمخطوطات في كل مادة، وفي مادة أرمية يقول: أرمية التي يُسميها السريان أورميا، ولسنا نعرف متى ظهر الآراميون النصارى (السريان) الذين أطلقوا على أنفسهم اسم (الآشوريين) منذ الحرب الكبرى. (دائرة المعارف الإسلامية، سنة 1933م، مج1 ص 671، 680).
47: يقول العميد الركن جورج فيليب الفغالي ماجستير في التاريخ الذي يُسمي النساطرة بالسريان النساطرة أو السريان الشرقيين دائماً: إن النساطرة تعرضوا لاضطهاد ديني كثير في التاريخ فلجأوا إلى جبال كردستان المنيعة وأصبحوا معزولين، وهذا الانعزال في تلك المنطقة جعل أتباع الكنيسة يُعرفون بالآشوريين نسبة إلى البلاد التي توَّطنوها، ثم أدى إلى انقسام الكنيسة السريانية الشرقية إلى كلدانية كاثوليكية وآشورية أرثوذكسية (موسوعة الحضارة المسيحية 2010م، ج 18 ص 39–46). (ملاحظة الكنيسة السريانية الشرقية (الآشورية)في لبنان من سنة 13/3/ 1936م تُسمى رسمياً الكنيسة الآشورية الكلدانية النسطورية، وفي 2/4/ 1951 بدَّلت اسمها إلى الشرقية النسطورية، ثم بدَّلت اسمها في 30/5/ 1994م إلى الآشورية الأرثوذكسية).
48: يقول المؤرخ كوركيس حنا عوّاد: إن النساطرة كانوا منتشرين في أماكن كثيرة، وأن المؤلفين القدماء لم يكونوا يعرفونهم إلا ياسم النساطرة. (حديث مع رياض الحيدري في 19/2، 1972)، ويقول كوركيس عواد: إن السريان المشارقة هم الكلدان والنساطرة، والمراد بلفظة السريان المشارقة التي ترد في مقالاتي هم الكلدان عموماً قبل وبعد انتشار النسطرة بينهم. (كوركيس عوّاد، الذخائر الشرقية ج5 ص 168).
49: يقول الدكتور سعدي المالح الذي عمل مديراً لدار الفنون والثقافة السريانية في أربيل: وفي القرن السابع عشر حدث انشقاق في كنيسة المشرق (النسطورية) والسريانية، وبدفع من المبشرين الغربيين، فدخلت أعداد كبيرة منهم الكثلكة، وسُمِّي أتباع كنيسة المشرق المتكثلكين كلداناً، ومن بقي منهم على النسطورية سَمَّوا أنفسهم آشوريين، بينما سُمَّي المتكثلكين من السريان الأرثوذكس بالسريان الكاثوليك. (كُتب ووثائق وتراث، الأقليات العراقية ص22).
50: يقول البطريرك السرياني اغناطيوس افرم الأول برصوم: إن الاسم الآثوري (assyrian) اخترعه الانكليز البروتستانت في القرن العشرين نحو سنة 1900م ، والبسوه للنساطرة في نواحي الموصل سنة 1919–1920م لغاية سياسية خبيثة وسخيفة جندوا من خلالها شبابهم وسموه آثورياً خدمة لمصالحهم التي فشلت. (في اسم الأمة السريانية ص46).
51: يقول الأستاذ محمود الدرة (1910–1995م): الحقيقة إذا استقصينا أصلهم وتحققنا تاريخهم وعلاقتهم بالشعب الآشوري القديم نجد أن للسياسة الغربية دوراً كبيراً في هذه التسمية مستفيدة من غموض تاريخهم واختلاف الرأي فيهم. (القضية الكردية ص 94).
52: يقول عبد الحميد الدبوني رداً على الكولونيل الانكليزي ستافورد الذي ساهم بتسمية السريان النساطرة بالآشوريين: إن النساطرة لم يُعرفوا بالآثوريين إلاَّ في وقت متأخر. (كراس بخط يده ص 8).
53: يقول كثير من الكتاب والباحثين (راجع الأجزاء السابقة): إن الانكليز بعد أن قاموا بتسمية السريان النساطرة آشوريين بدء النساطرة يتخذون الأسماء الآشورية القديمة اسماً لهم، ويقول الأستاذ جون جوزيف وهو نسطوري: إننا نشكر العهد القديم الذي حفظ لنا الأسماء القديمة لقرون عديدة شرقاً وغرباً، ورغم ذلك فإن الأسماء الآشورية لم تكن موجودة بين النساطرة، وقد قام الأب فييه الدومنيكي بتدقيق نحو 50 صفحة من أسماء الأعلام في تاريخ النساطرة، ولم يجد اسماً آشورياً واحداً بينهم إلى بداية العصر الحديث، والمؤرخ البريطاني إدوارد جيبون أيضاً كان على بينة من هذا الأمر فكتب قائلاً: إن النساطرة لم يتخذوا هذه الأسماء القديمة، سواءً الآشورية أو الكلدانية، إلاَّ مع بداية الاكتشافات الأثرية في القرن التاسع عشر، علماً أن المسيحيين واليهود كانوا على معرفة بهذه الأسماء مدة 2000 سنة من خلال الكتاب المقدس. ( the modern Assyrians of the middle east ص22–23).
54: وكدليل واضح على أن الاسم الآشوري حديث نقول: منذ أن اتخذ السريان النساطرة الاسم الآشوري منذ بداية القرن العشرين، بدؤوا يستخدمون الأسماء الآشورية القديمة بكثرة مثل: آشور، سرجون، سنحاريب، شميرام..الخ، بعد أن كانت هذه الأسماء شبه معدومة عندهم، فمن مجموع أسماء بطاركة الكنيسة النسطورية وهم 130 تقريباً، إضافة إلى مئات القديسين وآباء وكتاب الكنيسة، وهم من زعماء ووجهاء القوم، لا توجد بينهم تلك الأسماء، علماً أن النساطرة كانوا أكثر الناس المسيحيين استعمالاً للأسماء اليهودية، وبالصيغة التي وردت في العهد القديم مثل: ياقو (يعقوب)، أبراهوم (إبراهيم)، داويذ (داود)، إيشاي (إشعيا)، إيزريا (لعازر)، شليمون (سليمان)، شمعون، يوناثان، يوناداب، حزقيال، رأوبين، شاول، شمشون، شموئيل، رفقة، ثامار، مرتا، راحيل..إلخ، ولكن مع بداية القرن العشرين نجد مئات الأسماء الآشورية كأشور وسرجون وسنحاريب واسرحدون ونينوس وغيرها منتشرة بينهم، ولا تكاد عائلة واحدة تخلو من هذه الأسماء، ولأن الدولة الآشورية اشتهرت بالقوة، فبعض الآشوريين يُسمُّون نمرود الذي كان رمزاً للقوة، دون أن يدركوا أن نمرود حامياً وليس سامياً ولا آشورياً لأنه من نسل كوش بن حام وليس من نسل سام، وصادفني أكثر من مرة أن طَلب مني آشوريين وكلدان أن ابحث لهم في كتب التاريخ عن اسم آشوري وكلداني غير تقليدي لكي يُسمِّي به مولوده الجديد. (يتبعه ج 5).
وشكراً
موفق نيسكو
1104 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع