أعرف رجلا أصبح الآن ما شاء الله (ملو هدومه) - أي أنه أصبح صاحب شركات وعقارات وأسهم و(الذي منه)، كما أن والده رحمه الله كان في حياته ذا سطوة ونفوذ - أي أنه رجل دولة من الطراز الأول - وتقلد مناصب مرموقة.
ويقول عن والده: إنه ربانا أنا وإخوتي على المثل العليا، ومشانا على (الصراط المستقيم)، إلى درجة أنه رفض زواجي من إحدى الفتيات عندما عرف أن بيننا قصة حب، وامتثلت لأمره وسلطته وجبروته، وفي أحد الأيام وبينما كنت في مكتبه بالمنزل فتحت أحد الأدراج الممتلئ بالأوراق، وإذا بي أقع على خطاب غرامي مشتعل ومضمخ بالعطر، وكان بخط والدي وموجه لوالدتي، وتاريخه يدل على أنه أرسله لها قبل أن يتزوجها، فما كان مني بالاتفاق مع أخي إلا أن نقرأه عليه بصوت مرتفع على أساس أنه من أحد أصحابنا الذي يبث لواعجه لعشيقته، وما إن سمع ذلك حتى انتفض غاضبا وهو يقول:
إن من كتب هذا الكلام إنما هو شاب متهتك ليس لديه ذرة واحدة من الأخلاق، ويجب عليكما أن تقطعا أي علاقة أو صلة به.
ضحكنا في سرنا ووعدناه بذلك.
وفي اليوم الثاني ذهبت إلى والدتي وعرضت عليها ذلك الخطاب بكل خبث، وما إن وقعت عيناها عليه حتى خطفته من يدي وأخذت تقبله قائلة: (سقى الله أيام زمان)، إنني أبحث عن هذا الخطاب منذ مدة طويلة، وقد أرسله لي والدك قبل سنة من زواجنا، عندما كان غزلنا يدور كله من خلف الشبابيك.
* * *
بحكم أنني إنسان ليس لدي ملكة المبادرة، وسريع التصديق والتأثر والانقياد لكل ناصح وغير ناصح، فقد أتاني أحدهم طالبا مني أن أخوض معه على حد قوله في هذه اللعبة.
وعندما استفسرت منه عن ماهية اللعبة، قال: اختر عشرين اسما (على العمياني) ممن أرقامهم مكتوبة في تليفونك الجوال، وأرسل لهم جملة واحدة تقول فيها: (أهنئك على موقفك النبيل)، وشوف رد الفعل.
وهذا ما فعلته، وبعدها أتتني الردود، وكلها تقريبا تشكرني، وبعضها كانت تتصنع التواضع، غير أن واحدا منهم أتاني رده قائلا: تهنئتي فعلا تأتي بعد أن (تغور) أنت من وجهي يا سخيف.
* * *
سأل رجل أوروبي مسيحي أحد الصينيين مازحا أو ساخرا: لم أنتم تضعون الطعام على قبور موتاكم؟ هل تتوقعون أن يبعث الميت فيأكله؟!
ففكر الصيني قليلا ثم قال له: ولم أنتم بالمقابل تضعون الأزهار والورود على قبور موتاكم؟ هل تتوقعون أن يبعث الميت فيشمها؟! - انتهى.
والحمد لله أن المسلمين لا يضعون على قبورهم غير التراب، وهو لا يؤكل ولا يشم، ولكن من الممكن أن يتمرغ به الميت.
1216 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع