يخضع المواطن العراقي لارهاب السياسة اضافة الى ارهاب القتل والتفجير ، فمنذ سقوط النظام الصدامي تحولت حياة المواطنين الى جحيم متواصل .
نجح الارهاب في قض مضاجع العراقيين واوقع فيهم السيف، فـنـثـر الدماء تسيل على الارصفة والطرقات .
كان الجميع يأمل أن يتمكن الساسة من تلمس الطرق الناجعة في معالجة مشاكل البلد التي ورثها من النظام السابق ، لكن المفاجأة كانت ان المشاكل زادت وزادها المسؤول الحكومي زيتا على نار فالتهبت اسعار المواد الغذائية والبيوت والوقود وغيرها مثلما التهبت الاحزاب في سباق محموم على نهب ثروات البلاد فضاعت مليارات الدنانير هباء منثورا لا احد يعرف للصوص مكمنا رغم انهم يتجولون في بلدان محكومة باصعب قوانين النزاهة ، ففي بلد مثل بريطانيا حيث يحل سراق المال العام العراقي ضيوفا معززين مكرمين ، يصعب على المواطن البريطاني ان يتحايل بجنيه واحد على الضريبة ، اما السياسي الذي تتسرب عنه زلة قدم او تتطاول يده على المال العام او عدم دفع الضريبة كاملة ، فسيجد نفسه مادة دسمة للصحافة الفضائحية .
وفي بلد مثل امريكا حيث لنا اسماء معروفة اشتهرت بنهب الجمل بما حمل ، نجدها تحتمي بالعم سام ، بينما في امربكا اياك ان تتطاول على الضريبة اوتنسى تقديم كشوف حساباتك المصرفية وارباحك ، حتى رجال الكونغرس لا يستطيعون الهرب من سلطة الضريبة ، اما اذا كانت هناك سرقة من المال العام ، فتلك مصيبة تحل بالسياسي تنهي مستقبله . ولا اعرف لماذا يستطيع لصوص العراق الفرار الى مثل هذه الدول المقيدة بقوانين صارمة ، ولا حكومة او سلطة تتابعهم ولا سلطة قضائية تـسأل عنهم ربما تمثلا باغنية الفنان يحيى حمدي : اني من يسأل علي حتى اسأل عليهم....
كما تلجأ الاحزاب العراقية الى شـحـن الاجواء السياسية بالمحفزات ، احيانا طائفية ، واخرى عنصرية ، وربما اقتصادية ايضا ، فبين الغاء البطاقة التموينية وتحريك القوات العسكرية شمالا نلمس خيوطا نسجتها عقلية المسؤول الذي لا يحسب حسابا بعيد المدى ولا حسابا لما عليه الواقع العراقي من اشكالات عويصة بحاجة الى حلول اكثر منها حاجة الى مشاكل .
إن التوتر الناجم عن مجمل أفعال المسؤولين الحكوميين ينذر بالخطر المحدق ليس على الحكومة فقط وانما على البلد من شماله الى جنوبه ، فالاحداث في الشرق الاوسط تتسارع نحو اهداف لا أحد يستطيع وضع حدود لها وحصرها في نطاق اقاليمها ، ولربما سنشهد تغييرا واسع النطاق شبيه بالتغيير المفاجئ الذى حدث في تونس وحمل معه تحولات عديدة في المنطقة لم نكن نـتـصورها .
لامناص من اطفاء الحرائق لا اشعالها هنا وهناك دون شعور بالمسؤولية ، ويجب أخـذ الحيطة والحذر لما ستأتي به الايام القادمة بما لا يحمد عقباه ، فالتـغـيـير المرتقب والحـتمي في علاقات الشرق الاوسط وبلدانه وشعوبه آت لا محالة ، والامر الممكن فقط هو تـقـلـيـل الخسائر التي تحيق بشعبنا ووطننا ، وعلى رأس تلك المشاكل تفتيت الوطن وتشريد شعبنا وتشرذمه الى قبائل وفرق متناحرة .
عسى ان لا ينطبق علينا قول الشاعر :
امرتكم امري بمنعرج اللوى .... فلم تستبينوا النصح الا ضحى الغد
1005 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع