بثينة خليفة
نحن العرب نعيش في حالة يرثى لها، ونحاول فهم المصائب الكبيرة التي نعيش فيها ونحلل ما وصلت إليه أحوالنا وما هو متوقع في قادم الأيام، دون ان نفعل شيئا يذكر على أرض الواقع، فمصيبتنا الدائمة أننا لا نتعامل مع المصائب إلا بعد ان تقع ولا نعير للمستقبل ولا لتطور العلاقات الدولية وتغير المصالح أي اعتبار.
عشنا في وهم كبير عندما اعتقدنا أن الولايات المتحدة هي الحليف الذي يضمن لنا المستقبل ويدرأ عنا الأخطار،على اعتبار أننا أهل النفط الذي يدير كل محركات العالم، ولم نفكر في استخدام النفط في تكوين الجيوش القوية وامتلاك الأسلحة التي تجعلنا قوة يحسب لها حساب، قوة لا يشغلها كثيرا ما يجري من تحولات على مستوى القوى والتحالفات.
ننظر إلى ما تقوم به الولايات المتحدة في سوريا، فنعتقد أن الولايات المتحدة ضد إيران، فهي تحارب الأسد جنبا إلى جنب مع تنظيم داعش، ثم ننظر إلى ما تقوم به الولايات المتحدة في العراق، فنعتقد ان الولايات المتحدة تعمل إلى جانب إيران وليس ضدها.
نفرح عندما تقوم وسائل الإعلام بتطيير تصريح لممثل أميركي يقول فيه إن جورج دبليو بوش هو الذي كون تنظيم داعش هو وديبك تشيني ورامسفيلد وبقية عصابة المحافظين الجدد، على اعتبار أن هذا الكلام يؤيد ما قاله كتابنا في آلاف المقالات، ثم نهلل عندما يقول كرستوفر ماير في جريدة التلغراف البريطانية إن إيران لابد ان تكون حليفهم القادم، لكي ندلل على أن المؤامرة ضدنا شيء ثابت وأن الكل ضدنا!
وكأننا أمة قد برعت فقط في تحليل ما يحدث لها من مصائب ولم تمتلك أية قدرة على التعامل مع هذه المصائب قبل أن تحدث.
أميركا ليست مع داعش وليست مع إيران وليست معنا، فأميركا مع أميركا وحدها ومع إسرائيل، هذه هي الحقيقة ولا توجد أية حقيقة أخرى، وإذا كانت تقف في هذه البقعة الجغرافية مع فريق معين، وفي الوقت ذاته تقف ضده في بقعة أخرى، فهذا ليس معناه أن هناك تخبطا أو فشلا في السياسة الأميركية، ولكن النتيجة المطلوبة التي تسعى إليها الولايات المتحدة هي التي تحتم اللعب بهذه الطريقة أو بغيرها في هذا الموضع أو في غيره.
أميركا تقوي داعش هنا إلى حين، أميركا تضعف داعش هناك إلى حين، حتى تسير اللعبة إلى نهايتها محققة النتائج التي تسعى إليها دون انحراف، والنتائج معروفة لطلاب المدارس الابتدائية في العالم العربي، وهي تفتيت الدول العربية وتحويلها إلى دويلات ضعيفة لا شوكة لها في مواجهة إسرائيل.
لا حل لنا سوى أن نمتلك الجيوش ونمتلك السلاح كما تمتلكه إيران وكما امتلكته باكستان، فالجيوش هي التي تحمي مقدرات الدول وتواجه ما تتعرض له من أخطار، ولهذا السبب كانت الجيوش هي العقدة الأولى أمام المؤامرة، وعندما انحلت هذه العقدة لسبب أو لآخر انهارت الدول وتحولت إلى عصابات مسلحة يضرب بعضها بعضا.
953 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع