حريم الشيخ المراهق
حدوثة تنقصها الصراحة
بقلم / الدكتور عبدالرزاق محمد جعفر
أستاذ جامعة بغداد / سابقاً
ومشـينا في طريق مُقمر = تنشد الفرحة فيه حولنا
وضحكنا ضحك طفلين معاً = وعدونا فسبقنا ظلنــا
********
يحكى أن شيخاً مُراهقاً مَنَ الله عليه بالصحة والخير الوفير , فجمع في كنفه أربعة من النساء الجميلات وفق شرع الله تحت سـقـف واحد وجهزلكل زوجة غرفة عصرية تحوي أجود الأثاث ومخزن بما لذَ وطاب من خيرات ذلك الزمان,... وكانت كل زوجة تضع راية فوق باب غرفتها مكتوباً عليها كتابة مميزة ليتعرف (الحاج) على ساكنتها!
سارت حياة الشيخ المراهق وفق خريطة طريق,... ُرسمت بدقة متناهية ألا أن بقاء الحال من المحال, فدبت أشاعة بين زوجاته,مفادها أن الحاج قد شغف قلبه بحب صبية آية في الجمال, جاءت على ظهر دبابة أمريكية... فأرتعبت الزوجات لخوفهن من أزاحة أحداهن عنه!, ولذا عقدن أجتماعاً للحوار, وأتخاذ القرارات اللازمة لما يجب عمله للتصدي لهذه المؤامرة القذرة التي دخلت بيتهن من وراء الحدود,.. وهكذا تمخض الأجتماع بعدم السماح للحاج بالدخول الى صومعة أياً منهن في هذا اليوم عند المساء!, وقضي الأمر الذي كُنَ فيه يستفتين, وما أن أقترب موعد تشريف الحاج لبيته , كانت الزوجات قد أحكمن غلق أبواب غرفهن,..وهكذا نجحت خريطة الطريق لمواجهة عاصفة الصحراء ,... ألا أن ذكاء الحاج أفشل خطتهن, معتبراًعملهن أنقلاباً غيرمعترف به دوليا !
أعتادت كل زوجة أن تجهزللحاج حمام في فضاء الدارعند الفجر, لكي تبرهن لضراتها أن الحاج قد أتم عمله الثوري في تلك الليلة,.. بالتمام,.. ولذا تراه يستحم لأزالة الجنابة والوضوء لتأدية صلاة الفجر
حدس الحاج بوجود مؤامرة حيكت خيوطها بمهارة,.. وهذا أمر ليس بالغريب ,... وقال هذا من كيدهن أن كيدهن عظيم ,..ولذا توجه نحو المطبخ ونام ليلته بسكينة,... ورسم في مخيلته خطة للأيقاع بينهن,..
وهكذا, نهض الحاج مبكرا قبل الفجر وأعد كل مستلزمات الأستحمام وراح يستحم كالعادة في فضاء الدار!,..وكانت الزوجات ترصد بحذر الجبهة في صحن الدار خوفاً من خيانة أحداهن من خرق المعاهدة ! , وبعد دقائق دب الشك لدى كلاً منهن بحدوث خيانة وطنية لا يمكن السكوت عنها البته!, و هاجت العواطف,.. وحملت كلاً منهن السلاح
الأبيض والخرطوش ,وراحت كل واحدة تتهم الأخرى بالخيانة وعدم وتبادلن أقذرالشتائم السوقية الوفاء, وهددن بأستعمل الذخيرة الحية, والقذائف الصوتية!, ونجحت خطة الحاج, وغَـصَ بالضحك عليهن,
مبدياً تأسفه على جهوده التي ضيعها مع تلك الزوجات المتخلفات!!, وعلى قادة الأمة التي ترعى مثل تلك النوعيات من البشرالخانعة الى شهواتها الجنسية كالبهائم لا نفع منهن سوى رضى ولي نعمتهن,..أو قل سي السيد!,..كما في اللهجة المصرية!
ترك الحاج داره وتوجه كسـائح نحو تونس الخضراء , الدولة العربية التي أندلعت فيها أولى الثورات الموسومة بالربيع العربي ,... فجفت ربوعها الخضراء وأضمحلت فيهاالحرية والكرامة والعيش الرغيد!,
وراح الحاج يتجول في تلك الربوع بمفرده متفحصاً بدقة وجوه كافة الناس, آملاً التعرف على أحد من جيله, وبالصدفة وجد جمع من الناس يحيطون بشخص كان بالأمس رئيساً وصاراليوم ذليلاً أسـمه:
" زين الهاربين",واقفاً يصغي لشاعر تونس الخالد أبو القاسم الشابي:
أذا الشعب يوماً أراد الحياة = فلا بُدَ أن يستجيب القدر!
شاهد الحاج شيخاً جليلاً وسأله عن سبب تغير لون الحقول؟,..فقد كانت بالأمس خضراء وصارت اليوم حمراء من الدماء الزكية؟!
أبتسم الشيخ وقال:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى = حتى يراق على جوانبه الذمُ
تمعن الحاج بوجه الشيخ وسأله : هل (جنابكم) المتنبي؟, فقال نعم! فقال له الحاج ولمَ أصابنا الكدر,.. وصرنا شَذَرَ مَذر؟ فقال :
الظلمُ من شيم النفوس وأن = نجد ذا عفة فلعلة لا يَظلمُ
962 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع