ثورة الثامن من شباط ( فبراير) 1963

                                                 

                            د علوان العبوسي
 
بناءً على ماجاء في عدد مجلة الگاردينيا الثقافية ليوم 2 تموز (يوليو)2015 تحت عنوان ( في ذكرى الانقلاب على عبد الكريم قاسم واعدامه ) اقترحت على الاخ جلال چرمگا رئيس التحرير ان اوضح  موجز لدور القوة الجوية في هذه الثورة للامانة التاريخية مع تقديري واحترامي لاراء كافة الاخوة المعلقين علما جرى اقتطاع هذا الجزء من كتابي ( القدرات والادوارالاستراتيجية لسلاح الجو العراقي للفترة 1931- 2003 ).

ثورة الثامن من شباط (فبراير) 1963 هي ثوره مسلحة  اطاحت  بنظام رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم بعد ان دبت بوادر الخلاف بين الاحزاب والقوى السياسية والضباط الاحرار ( الوطنيين) بزعامة العقيد عبد السلام محمد عارف وحزب البعث العربي الاشتراكي التي كانت تطالب بالوحدة الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة ، وقد انتهى حكم عبد الكريم قاسم  في هذا اليوم باعدامه  بعد محاكمه صورية سريعه في دار الاذاعه ببغداد  .
خطة الثوره  .شملت خطة الثورة  على قسمين  بري وجوي ..( الخطة البرية خطط لها وقادها العميد  أحمد حسن البكر مع مجموعة من الضباط وبعض المدنيين باشراك الكتيبة المدرعة الرابعة من معسكرها في ابي غريب (1) ، على ان تكون ساعة الصفرعند مرور الطائرات المشاركة بالثورة  بارتفاع منخفض جداً فوق هذا المعسكر باتجاه بغداد ) اما الخطة الجوية كما ذكرها العقيد الطيار فهد عبد الخالق السعدون في مذكراته ،  فتتلخص بالاتي ((كانت الخطط الجوية والبرية في غاية السرية ولم يُبلغ  الا الطيارين والضباط  المشاركين الرئيسيين فيها وعند  التبليغ  يتجمع هؤلاء  بأحد الدورالعائده لهم  في منطقة الاعظمية ومنها ينطلق الجميع  الى الحبانيه ليلاً  متخفين في أحد الدور العائده للضباط المبلغين ايضاً حتى الصباح ، على ان يتم التحرك في الساعة السابعة صباحاً على شكل جماعتين الاولى بقيادة النقيب الطيار  منذر الونداوي مع مجموعته من طياري السرب السادس( هوكر هنتر) والمجموعة الثانية بقيادتي انا( الملازم الاول الطيار فهد عبد الخالق السعدون)  مع طياري السرب الخامس( ميج/ 17 بي- اف )ويتم تنفيذ المهمة المكلفين بها ...في مساء يوم الرابع من شباط ( فبراير) 1963 قام النقيب منذر الونداوي بزيارة خاطفة الى قاعدة الحبانية أتصل خلالها بالرفاق البعثيين منهم  كلا من الملازم سيطرة جوية حامد جواد والملازم المخابر فاضل الجميلي المسؤول عن ضباط ومراتب القاعدة اخبرهم ان ينتظرو قدومنا في مساء يوم الخميس  السابع من شباط 1963 الموافق 13 رمضان  والثورة ستنطلق في الثامن منه ويكون تواجد الطيارين في دار الملازم  حامد جواد (2) . في مساء نفس اليوم التقينا في كازينوا النعمان كلا من ( النقيب الطيار منذر الونداوي والملازم الاول الطيار واثق عبد الله وانا  ومعنا الملازم الطيار  أسامه وهبي- طيارسمتيات- والملازم الفني اسلحة جوية لطيف عبد الرزاق والملازم سيطرة جوية حامد جواد ثم التحق بنا الملازم الطيار تحسين محمد علي جمعة وتوجهنا الى النادي العسكري في باب المعظم حيث التقينا بالنقيب الطيار يونس محمد صالح آمر السرب الخامس وأخبرنا ان كل شيىء جاهز وان هناك اربع طائرات – ميج/ 17 بي- أف-  مسلحه ومعها رف من المراتب المبلغين بالثورة ، بعد ذلك توجهنا الى منطقة علي الصالح في بغداد  قاصدين دار العميد  احمد حسن البكر حيث التقاه النقيب منذر الونداوي وابلغنا موعد التنفيذ يوم الجمعه الثامن من شباط 1963 وكلمة السر ( رمضان مبارك) وساعة الصفر تبدأ بمرور الطائرات فوق معسكر ابي غريب باتجاه بغداد عندها يقوم العميد  احمد حسن البكر باصدار اوامره الى القطعات العسكرية المشاركة بالثوره لانجاز ما اتفق عليه . اخبرنا النقيب منذر الونداوي بان السادة  حازم جواد وطالب شبيب والعقيد محمد المهداوي والعقيد ذياب العلكاوي وحسن مصطفى النقيب ورياض القدوا وعدنان التكريتي وعبد الكريم مصطفى  وعبد الستار عبد اللطيف ورشيد مصلح وطاهر يحيى والمقدم سعيد صليبي والرائد عبد اللطيف الحديثي وانور عبد القادر الحديثي وملازم عامر الناصري (3) هؤلاء جميعاً سيسيطرون على معسكر ابي غريب بواسطة دبابات الكتيبه الرابعه  وهناك العديد من الرفاق البعثيين سيلتحقون بالثوره عند قيامها . غادرنا محلة علي الصالح باتجاه الفلوجة ومنها الى قاعدة الحبانية الجوية وقد وصلناها في ساعه مبكره  من صباح يوم الثامن من  شباط  وهناك في دار الملازم  فاضل الجميلي زارنا عدد من الرفاق لستلام مهامهم هم كلا من - الرفيق كامل ياسين رشيد وفتحي طه ومنذر جاسم وعجاج التكريتي وملازم طيار محمد علي حمزه - حيث اوكلت لهم مهمة السيطره على قاعدة الحبانيه التي كان يقودها العميد الطيار عارف عبد الرزاق الكبيسي المبلغ بالثوره ايضاً . في فجرهذا اليوم  1963 انتقلنا الى مقر السرب الخامس في مطار الهضبه(ضمن قاعدة الحبانية الجوية) واتصلنا بضابط خفر السرب الملازم الطيار محمد سلمان حمد الذي لم يبلغ بالثوره وتم احتجازه من قبلنا ، في هذه الاثناء التحق معنا كلا من الملازم الطيار صفاء توفيق رشدي والملازم الطيار تحسين محمد على جمعة ، عند توجهنا الى  وكر الطائرات فوجئنا بعدم جاهزية و تسليح الطائرات للطيران  كما أخبرنا النقيب يونس محمد صالح آمر السرب الخامس وعليه تمكن احد الرفاق ملأ طائرتين بالوقود وبعد قليل حضر راكضاً  احد مراتب الاسلحه - العريف زينو- وهو يلعن الساعه التي أخرته بتسليح الطائرات حتى لاينكشف امره حيث كان مبلغاً بتسليحها ولكن ظروف الانذار داخل القاعدة منعته من ذلك ، على الفور جلب عتاد 23 ملم و37 ملم وربط مظلات النجاة واصبحت الطائرات جاهزه للطيران .
في الساعه 0845 اقلعت ثلاث طائرات  من الطائرات المبلغة بالثورة بقيادة كلا من النقيب الطيار منذر الونداوي (هوكر هنتر) و الملازم الاول الطيار فهد عبد الخالق السعدون والملازم الاول الطيار واثق عبد الله  ميج/ 17  ، في الساعه 0900 مررنا فوق معسكر ابي غريب معلنين بدأ  الثورة ،هاجم منذر الونداوي وزارة الدفاع ولكن عتاد طائرته لم ينطلق - قد يكون لاسباب فنية نتيجة الارتباك والسرعة  اثناء التسليح  - ، في هذه الاثناء هاجمت طائرات الميج/ 17 مقر وزارة الدفاع واوقعت به اصابات مباشره وتكررت الهجمات من مختلف الاتجاهات وتم تدمير المقرات المهمة من الوزاره ثم بقي التشكيل بواجب الحوم فوق بغداد لتلقي اي تعليمات جديده بعدها اوعز له الحوم فوق قاعدة الرشيد لمنع طيران السرب التاسع  ميج/ 19  الذي اطلق عليه تسمية سرب الزعيم  لكون جميع منتسبيه من الموالين لعبد الكريم قاسم ، استمرالملازم الاول الطيار واثق عبد الله بالحوم فوق  قاعدة الرشيد وعاد فهد عبد الخالق والنقيب منذر الونداوي  الى قاعدة الحبانية  لاستبدال طائرتهم  ثم  اقلعوا  بطائرات  اخرى ومعهم آخرين ( هم الملازم الطيار تحسين محمد علي جمعه والملازم الطيارمحمد علي حمزه والملازم الطيار عمانوئيل شليمون والملازم الطيار صفاء توفيق رشدي  وتاكد ان القاعده المذكورة اصبحت موالية للثورة  ثم تبعه الملازم الاول الطيار واثق عبد الله بعد أستبدال طائرته من الحبانية  واستلام مهمة مراقبة قاعدة الرشيد حيث أستعد السرب التاسع للطيران لمواجهة التهديد عندها هاجم منذر الونداوي هذا  السرب واحرق بعض الطائرات وطالب سيطرة  القاعدة الجوية  بغلق مدرج المطار،وقد  اجابه على الفور آمر القاعده المقدم الطيار عزيز امين -  وهو من المبلغين بالثوره- بانه يحاول السيطره على القاعدة وابلغه بانه اخلى سبيل كافة المعتقلين من سجن رقم واحد  المبلغين بالثورة وهم العقيد صالح مهدي عماش وجماعته ، كما اتصل الملازم الاول الطيارعلي عواد  من مفرزة طائرات اليوشن/ 28 الموجوده في قاعدة الرشيد معلنا وقوفه مع الثوره وقال نحن نسيطر الان على القاعدة وقام على الفور بارسال عجلات الانقاذ واغلق مدرج المطار بها منعاً للطيران ...استمر الطيران حتى مساء هذا اليوم بعد ان احكمت القوات البرية سيطرتها على وزارة الدفاع واعلن البيان رقم واحد من اذاعة بغداد معلناً قيام عهد جديد تخلصاً من الدكتاتورية والفردية التي كان ينتهجها عبد الكريم قاسم ))


ملاحظة
بعد استبدال الملازم الاول فهد السعدون لطائرتة من قاعدة تموز ( الحبانية) وقيامه بالحوم فوق وزارة الدفاع اصيب بواسطة المدفعية م/ ط ادى الى حدوث حريق في الطائرة وبعد محاولته  للهبوط بمطار المثنى لكن  لم يحالفه الحظ  بسبب انطفاء محرك الطائرة وتسببه في انهوائها  وكان القرار الصائب  القذف منها مستعينا بكرسي القذف ، اما الطائرة فقد هوت وانفجرة  بمنطقة غير ماهوله قرب جامع الطبول الذي لم ينشأ في حينه .
 
(1) أختيرت هذه الكتيبه لكون معظم  ضباطها  كانو من البعثيين ولقربها من بغداد ولوجود مخازن العتاد الرئيسة للجيش في نفس المعسكر .
(2) بتاريخ 2- 5 شباط 1963 جرى اعتقال كلا من المقدم الركن صالح مهدي عماش ضابط استخبارات القوة الجوية وعلى صالح السعدي وكريم شنتاف والملازم الملاح عماد شبيب واودعوا سجن رقم (1) بمعسكر الرشيد واصبح الامر خطير على الطيارين لاحتمال  اعتراف المعتقلين بالمنفذين منهم بعد تعرضهم للتعذيب عندها تنكشف خطة الثورة ويكون مصيرها الفشل عليه تقرر بعد التنسيق مع العميد احمد حسن البكر القيام بالثورة قبل انكشافها
(3) هؤلاء السادة عسكريين ومدنيين هم اعضاء في القياده القطريه لحزب البعث العربي الاشتراكي  وبعضهم كان موقوفاً في معتقل رقم(1) بمعسكر الرشيد وهم  المقدم الركن  صالح مهدي عماس والملازم  الملاح عماد شبيب وكريم شنتاف وعلى صالح السعدي وبهاء شبيب وعدنان البدراوي.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

737 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع