سهى بطرس قوجا
ردود الأفعال والضد السلبي من كل شيءٍ وسلوكيات البشر ولا نقول الإنسان كثيرًا ما تستهويني الكتابة عنها والغوص فيها، كوني غالبًا ما أصدم بسماع أو برؤية بشر انتهى عمرهم وهم ما زالوا في طوّر التطور ولم يصلوا إلى مصافي الرقيّ الإنساني والرقيّ بالأفكار وإيجاد الذات!
بشر ما زالوا مُتمسكين بقديمهم الباليّ، داخلهم ما زال في جمود وتجردّ وظلام، ما زالوا تائهين عن واقعهم وضميرهم ما زال في غيبوبة ويدهم تلمسّ الشوك قبل الورد! بشر يعيشون حياتهم بصورة مزخرفة بكل زيف أمام الآخرين، وهم على حقيقتهم وفي باطن نواياهم ذئاب خاطفة وفي أفواههم سموم قاتلة! لذلك أرغب بالكتابة عنهم وبيان سلبياتهم للعظة والعبرة مُستقبلاً، ولكي يعلموا أن الحياة أسمىّ وهي واحدة ولا تشوه أبدًا بالتوافهّ؟!
عندما رأيتهُ ماشيًا في شارع محلتهِ بــ نفسًا مذلولة ورأسًا مُنحنيًا إلى الأرض وبخطوات تأخذهُ يمينًا وشمالاً، أدركت إن ذاك الكيان قد سمع أو عاش ما جعلهُ مكسورًا هكذا، أنهُ قد عاش الفشل المُحتم من حالة هو من دعاها للمثول في حياتهِ بسبب أفكارهِ وخيالاتهِ المريضة! وبسببها وخزّ وخزات أرعشتهُ وهو في غرفة الإنعاش من أجل أن يحظىّ بالحياة. عاش حياتهُ ماضيًا فيها ما بين الميل والفعل المُتناقض لواقعها وللآخر، فكانت هنالك لاحقًا عصّا قوية ضُربت على رأسهِ أفاقتهُ من غيبوبة الرغبات ولكن بعد فوات الأوان وبعد أن أدرك أن خطواتهِ في الحياة قد أخذتهُ للبعيد ورصيدهِ فيها السلبي في ارتفاع! كان بتصوره ومن وجهة نظره وحسب ما كان يعيشهُ في بيئتهِ التي خرج منها أو بالأحرى التي آوتهُ لاحقًا، أنهُ قد يجد مكان للأوهام التي طرحها فكره مُسبقًا ولكن صدمتهِ وفشلهِ مع نفسهِ أفاقتهُ وجعلتهُ يعيّ ويُدرك أن الأزمان والأحداث تختلف وتتغير ومعها الإنسان ولكن ليس كل إنسان! ليست كل الطيور تقع وليس كل صياد ماهرًا ويُصيب الهدف؟!
من لهُ إرادة قوية وإيمان بذاتهِ مُستحيلا أن يرضخ لواقع يرفضهُ وينبذهُ حتى وإن كانت الظروف أقوى منهُ وتعكس معظم القادم ما في حياتهِ وأحلامهِ! وطبعًا كل فرد يختلف عن الآخر بكل شيءٍ وإن صادف وتقابل اثنين بنفس الصفات وباختلاف درجة الميل والفعل، فهذا من النوادر! قد يكون هنالك شبه طفيف في الشكل ولكن من الداخل مُستحيل أن يكون هنالك تقارب. لذلك كثيرًا ما أهتم الإنسان بذاتهِ وحاول أن يتعرف على مكنوناتهِ وأن يجد الأجوبة للكثير من الأسئلة التي تراود مُخيلتهِ سواء كان بخصوصهِ أو ما يخص الآخرين وما يخص الكون من حولهِ بأكملهِ اللامتناهي. وكثيرًا ما كان يقف حائرًا ومُستغربًا ومُترددًا على تثبيت الحالة وإرسائها على شاطئها! كون سلوك كل إنسان يختلف عن الآخر حسب البيئة والظروف والأشخاص المرافقين والأزمان!
فالسلوك الإنساني يختلف مفهومهِ ومضمونهِ، ولا يمكن حصره ضمن حدود حالات قامت ولكنهُ الإنسان هو من يأتي بهذه السلوكيات على اختلافها وتنوع درجاتها ويستدعيها في واقعهِ بغض النظر عن البعض منها المتوارثة، يعيشها مع نفسهِ وفي خيالهِ المريض ويُريد أن يُمارسها على غيره. وإن أردنا إعطاء وصف تقريبي للسلوك الإنساني السلبي حسبما أراهُ أقول بأنهُ:" مجموعة أفعال أو أقوال مجبولة من ضمن كيان، تصدر منهُ ويظهرها في وقتها المناسب حينما ينقلب على إنسانيتهِ وينسىّ بأنهُ إنسان، راجعًا بها إلى العصور البدائية! طبعا أنا أتكلم عن حالة تماثلت في الواقع ومن خيالات إنسان يعيش الفراغ في بيئة من الأشياء.
لكل إنسان كيان وشخصية مُستقلة بذاتها، وعندما تجد شخصًا معظم حديثهِ أو الأصح بأكملهِ هو عن نفسهِ ويستعين بأسماء أشخاص مرموقين من أجل تعزيز موقفهِ وبناء شخصيتهِ المُركبة، فتأكد بأنهُ يعيش في دائرة خيالاتهِ المريضة، أنهُ لا يملك ذاتهِ التي تُبنى طوبة طوّبة منذ مولدهِ، بلْ يعيش الـ ( أنا، دائمًا، كثيرًا، كل الأحوال ) وهو لذلك الـ ( قليل) لم يصل، يحاول أن يبنيّ شخصية وهمية، حالمة، مُقتدرة، طموحة، مالكة .... من خلال فكر مسموم مُؤثر على الجسد بأكملهِ ومحقون بحقنة مُخدر دائمي لا يفيق منهُ ألا على جرعة أكبر منهُ ومن حقيقة الواقع التي يصادفها ويسمعها فتبقيه على أرضهِ في اهتزاز وحيرة وفشل ذريع!
لذلك حاول دومًا أن تتحكم في سلوكك قدر الإمكان من خلال أفكارك وطريقة معاملتك للآخر، وكنْ حذرًا في كل فعل وقول تسعى فيهِ، وغير ذلك علق لافتة بحجم تراهُ مناسبًا في رقبتك مكتوب فيها بخط أحمر كبير:" أنا للإنسانية عديم وللضمير مشلول ... فاحذروني"، أفضل بكثير من أن تتلقى ما لا يعجبك في دنيا العجب!
1162 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع