علي السوداني
كلّما اتّسع ثقبُ الجيب ، عدتُ إلى أعتاب لعبتي اللذيذة .
فتحُ المخيال المدهش على مصاريعهِ ، وتشكيل البطّانية بصورة خيمة قائمة ، وتدها الركبة الراكبة على ساق ، وتشغيل شرائط أحلام اليقظة العذبة . في العتمة المطمئنة التي توفّرها خيمتي ، سأهبط صبحية الغد إلى سوق المدينة العتيق ، فأقع على دكان ينزل تحت الرصيف عشرة أذرع وينزرع بخاصرته شائبٌ مئويّ . سأختار من خلطة سلعهِ الغريبة ، ملفوفة قماش لم تثرْ أحداً من قبل . ساشتريها منه بليرةٍ واحدةٍ أو ببعضها . في الدار الآمنة سأكتشف أن تلك اللفافة هي لوحة أصيلة من لوحات رامبرانت . سأبيع اللوحة بملايين مملينة من دولارات خضرٍ ، وأصبّح على العجوز فأشتري له قصراً جميلاً ودكاناً منيراً ، وأشتل تحت قدميه سلة مالٍ تكفيه بهجةً وطعاماً لما تبقى من العمر . إذا فشل حلم اللوحة العزيزة ، سأصعد نحو أفخم بقعة في المدينة ، فتصدم جسدي الناحل سيارة ثريّ تحت يمينه بنك دولارات . ستنكسر يدي اليمنى التي أكتب بوساطتها ، وسأسحل الرجل الغنيّ الطيب إلى القاضي ، وأطالبهُ بمليون دولار لأنه تسبب في إعطاب يميني وربما بترها ، وهي التي كانت ستعينني على كتابة رواية عظيمة ثمنها هو جائزة العمّ القلق نوبل .
سأشتري سيارة فخمة وأتعلم سياقتها في شوارع المدينة ، ومع أول منعطفٍ ستنقلب السيارة وتتدهور في وادٍ أجرد وسأفقد عيني . سيأتي المحققون في الواقعة وسيكتشفون انّ هذا الفقد الموجع كان بسبب عطبٍ خلقيّ في كوابح السيارة . سأجرجر صاحب المعمل نحو قفص العدل والإنصاف وسأطلب تعويضاً دسماً بخمسة ملايين دولار . سأُلبّي كل الشروط التي تجعلني كاتباً تنبلاً ، وسأُنادي الصحبَ يا صحب إنَّ في مالي حقٌّ لكم من دون فضلٍ أو منّة أوتعبيسة .
سأكتشف بمصادفةٍ الهية رحيمة ، دواءً يهزم السرطان ويطيّح حظّهُ . سأفتشُ عن دولة شريفة عفيفة تصنّع هذا الإكسير العجيب ، وتدفع لي براءة اختراع بسبعة ملايين دولار ، مشروطية أن يتمّ علاج المسرطنين المعذّبين على الأرض ، من دون أن يدفعوا قرشاً أحمرَ .
سأترك طقس البطانية بعد سطرٍ من الآن ، وأهجُّ صوب المطبخ ، لأنّ سعدي الحلّي شرعَ يغنّي في بطني .
1036 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع