خالد القشطيني
صرح آشتون كارتر، وزير الدفاع الأميركي، مؤخرا فقال: إن الجيش العراقي انهزم في الرمادي لأن القوات العراقية تفتقد لإرادة القتال.
هذا ما شعرت به منذ سقوط الموصل. فضلا عن هزيمتهم فإنهم لم يقوموا بالحد الأدنى من الواجب وهو تدمير أسلحتهم الخفيفة والثقيلة لئلا تقع بيد العدو، وهو ما يقوم به أي جيش محترف. هكذا تصرفوا في الموصل وأيضا في الرمادي. يبدو لي وكأنهم لا شعوريا يريدون من «داعش» أن ينتصر ويسقط النظام القائم، لتتولى إيران الولاية الكاملة عن العراق. وإلا فكيف نفسر كل ذلك؟
تفسيري الشخصي هو أن هناك من الجنود العراقيين من لم يعد يحترم قادته ولا حكومته ولا يعبأ بمصيرهم. وكيف نفسر ذلك أيضا؟ علينا أن نتذكر أولا أن الجنود العراقيين قاتلوا ببسالة في الدفاع عن بلدهم وحكومتهم، حكومة صدام حسين، خلال الحرب مع إيران، ورغم أن أكثريتهم كانت من الشيعة. فلماذا فقدوا الإرادة الحربية الآن والحكومة حكومة شيعية؟ هل لأنهم يحتاجون دائما لقائد سني؟ أقول ذلك وأضحك!
الحقيقة أن الجندي العراقي لم تحكمه حكومة فاسدة ولا سار وراء ضباط وقادة فاسدين كما حصل منذ التغيير (2003). السرقات والاختلاسات والرشوات أصبحت أمرا شائعا في الدولة. كيف تنتظر من جندي أن يقاتل إذا كان يدفع حصة من راتبه رشوة لمن عينه الذي بدوره يدفع حصة من تلك الحصة للأعلى منه؟ وهذا الجندي يقرأ ويسمع بفضائح المسؤولين الذين أخذوا الملايين وهربوها للخارج. وماذا إذا كان هذا الجيش يضم أفواجا ممن يسمونهم بالفضائيين، يتسلمون رواتب يتقاسمونها مع ضباطهم دون حتى الحضور اليومي للتدريب، بل ولا حتى لبس بزة الجندي. والحكومة تعرف بهم وتسكت!
وهذا السكوت من مظاهر فساد السلطة. فهي تسكت عن الحرامية والمرتشين ولا تلاحق وتقاضي أي واحد منهم. والجندي العراقي يردد الآن حيال هذه المأكلة المثل الشعبي العراقي «بس اللي يموت يخسر». فلماذا يموت ويضحي بنفسه؟ من أجل هؤلاء المسؤولين؟
والسؤال لماذا تسكت عنهم السلطة؟ والجواب هو واجبها في احترام الأحزاب الدينية التي تحتضن هؤلاء القوم. لا تجرؤ على تحديها وهي تتحكم بالأكثرية من النواب في هذا البرلمان العليل والأكثرية الأمية في الشوارع والمساجد. وهذا هو الداء الذي يقتل الإرادة للتضحية في نفس الجندي والضابط.
العبادي رجل مخلص في عزمه على إنقاذ العراق. ولكن يده مقيدة أولا بالضغوط من طهران وواشنطن. وثانيا الأحزاب الدينية. وأنا أجد في حساباتي الخاصة أن العراق يعطي الآن مثلا جيدا للفساد وفشل الإدارة بسبب ربط الآراء الفقهية بالسياسة وخضوع السياسة لرجال الدين. هذا ما عانت منه معظم البلاد العربية والإسلامية في هذا الزمن العلماني العولمي. لا أدري كيف سيستطيع العبادي أن يشق طريقا له للخروج من هذه الشرنقة التي يجد نفسه فيها، وهو موضوع لا بد أن أعود إليه.
874 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع