د.عبدالحي زلوم*
حرب الاجيال..الكشف وثائقياً عن المستور في “الحرب الامريكية الطويلة” على العالم العربي والاسلامي إنها حرب الاجيال أو الحرب العالمية الرابعة أو اكذوبة الحرب على الارهاب
لا يمكن لهدف الحرب الطويلة )وكما سنبين إن اسمها المستعار الحرب على الإرهاب ( ان يكون اكثر وضوحاً مما جاء جهاراً نهارا في دراسة من 230 صفحة بعنوان الكشف عن مستقبل )الحرب الطويلة) والذي تم بتكليف من الجيش الامريكي سنة 2008 قامت به مؤسسة Rand Corporation . في المقدمة تقول الدراسة انها ستتناول الفترة بين 2008 و 2020 لتحديد الاتجاهات الهامة ولاعبيها والامور غير الواضحة وما قد تسفر عنه هذه الحرب الطويلة . جاء في الدراسة بالنص
“: أن الولايات المتحدة تتعامل اليوم ما تمّ التعارف على تسميته بالحرب الطويلة والتي وصفها البعض بانها مواجهة الاعداء المصممين على تأسيس عالم اسلامي واحد لمواجهة الهيمنة الغربية ، بينما يسميها البعض بشكل مختصر انها هي امتداد الحرب على الارهاب.” كلام واضح لا لبس فيه إن الحرب الطويلة واسمها الأخر هو الحرب على الارهاب هي لمواجهة وحدة العالم الاسلامي الذي عند إذن سيتحرر من الهيمنة الغربية. ولهذه الحرب اسمان آخران احدهما حرب الأجيال والأخر الحرب العالمية الرابعة . اختر أيها العربي والمسلم الإسم الذي يروق لك ولكن تهيأ لحرب طويلة لأجيال خوفاً من وحدة إسلامية لا لشيء إلا أنها قد تزيل الهيمنة الغربية عنها!!
ولقد حددت الدراسة 7 خيارات لهذه الحرب . وتم استنباط هذه الخيارات بدراسة دقيقة لانعاكاسات الايديولوجيا وطريقة الحكم والارهاب على القوات المسلحة الامريكية التي قامت بتمويل هذه الدراسة .
تضيف الدراسة “كما من المهم لفهم الحرب الطويلة هو تحديد من هم الاعداء . وحيث ان هؤلاء في أكثرهم يمتلكون ايديولوجيا اساسها الاسلام، لذلك ستتفحص هذه الدراسة المجموعات العاملة اساساً في البلدان الاسلامية وتقسيمهم بناءً على فهم افكارهم وأهدافهم… . والدراسة تهدف الى معرفة العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تحرك كل هؤلاء ليصبح واضحاً أن بعضهم أكثر خطراً من الاخر وللمساعدة في ايجاد الحلول لمجابهتهم. “
حددت الدراسة سبع خيارات استراتيجية يمكن للولايات المتحدة أن تتبعها في هذه الحرب :-
الخيار الاول : فرق تسد (هذه هي الترجمة الحرفية كما جاءت في الدراسة). جاء في الدراسة بالنص:
” التركيز على استغلال الفروقات الفكرية بين الجماعات الجهادية السلفية المختلفة ليصبحوا الواحد معادياً للأخر ولتوجيه كل طاقاتهم نحو الاقتتال الداخلي … ويعتمد هذا الخيار بقوة على العمل السري ، وعمليات معلوماتية ، وحروب غير تقليدية ومساندة الاجهزة الامنية المحلية.” ويضيف التقرير :” أن خيار فرق تسد هو الخيار المفضل لتقليل التهديدات على الولايات المتحدة وحلفائها وتستطيع الولايات تحريك الجهاديين المحليين ضد الجهاديين العالميين لنبذهم وكراهيتهم في المجتمعات المحلية … إن خيار فرق تسد هو خيار قليل التكاليف وهو خيار مناسب للولايات المتحدة وحلفائها لشراء الوقت الى حين ان تتمكن الولايات المتحدة من استعمال كامل قوتها ضد الحرب الطويلة . كما يمكن لقادة الولايات المتحدة خيار استغلال واستعمال الخلاف بين السنة والشيعة لديمومة الخلاف ….”
هناك ست استراتيجيات اخرى لا يتسع هذا المجال هنا لذكرها حيث نركز هنا على استراتيجية فرق تسد والجارية الان على قدم وساق . إن سيادة فرق تسد قد نجحت لتاريخه نجاحاً منقطع النظير . جيء بالسلفيين والتكفيرين من كل ارجاء الكرة الارضية وتم تسهيل تجنيدهم وتأشيراتهم ونفقات سفرهم ، وتدريبهم وتسليحهم وادخالهم الى ساحات المعارك لِيِقتِلوا ويُقتُلوا ويرتاح الغرب من مشاكلهم كما جاء في الدراسة اعلاه . ليست هذه السياسة قليلة الكلفة بل انها مربحة، فهي تشغل مصانع الأسلحة الغربية وكل الفواتير تسددها بترودولاراتنا والقاتل والمقتول عربي أو مسلم!!! وسيتم ارجاعنا إلى العصر الحجري بعد تدمير البنية التحتية والبشر والحجر كما هو حاصل اليوم.
في العراق آتى الامريكان بمليشيات الطوائف مع احتلالهم . حلو الجيش العراقي لاشاعة الفوضى ، وأوجدوا دستوراً طائفياً وقسموا البلد اليوم رسمياً الى ثلاث دويلات يتم التعامل معهاً مباشرة كل واحدة على حده .
كان الهدف من حرب اليمن أن يتمكن علي صالح وانصار الله الحوثيون من احتلال اليمن الشمالي فيهرب منصور هادي الى عدن لينفصل جنوب اليمن عن شماله فيصبح يمنان و لتوريط العربية السعودية ودول الخليج في فيتنام عربية حتى آخر بترودولار في خزائنهم.
في سوريا يتم تنفيذ المخطط الفرنسي أبان الانتداب الفرنسي لتقسيم سوريا الى اربع كيانات : مسيحي في لبنان الكبير وعلوي على شاطئ المتوسط ودولة سنية واخرى في الشمال . وهذا المخطط ما زال تحت التنفيذ . تم فصل السودان الى سودانيين وتم سلب نفط الشمال الى الجنوب . في ليبيا أصبحت هناك دول المليشيات والقبائل . ادخلت مصر الحرب الطويلة هذه لكن الانقلاب إختار لها أحد اسمائها الأربع فسمى حربه الطويلة الحرب على الارهاب قبل أن يكون هناك إرهاباً، فدخلت مصر في حرب أهلية ما زالت في بدايتها والقادم أعطم .
لو كان ولاة امور شعوبنا يعتقدون أن اوامر امريكا هي قضاء وقدر وان تنفيذ فراماناتها قد يساهم على الحفاظ على صداقتها وكراسيهم أقول ما جاء في مقدمة كتابي ‘امبراطورية الشر الجديدة’ :
“بينما كان حلفاء الامبراطورية البريطانية العرب يقاتلون الدولة العثمانية إبـّان الحرب العالمية الأولى كانت حكومة صاحب الجلالة تخطط سراً لنظام ما بعد الحرب، نظام دويلات سايكس بيكو . و ُأعطيت فلسطين ممن لا يملك لمن لا يستحق. وكان حلفاء الامبراطورية العرب أول الضحايا: فكلام الامبراطوريات في الليل يمحوه النهار. لقد علـّمنا التاريخ قديمه وحديثه بأن حلفاء الامبراطورية الجديدة اليوم لن يكونوا أكثر حظاً من حلفاء الأمس، فاليوم ينتظر حلفاء الامبراطورية الجديدة العرب “خريطة طريق” للشرق الأوسط الجديد يرسمها الصهاينة والصهاينة المسيحيون الذين استولوا على حكم الامبراطورية الجديدة. وإلى أين ستأخذنا وتأخذهم هذه الخارطة؟ كانت آنئذٍ اسمها اتفاقية سايكس بيكو واليوم فإنها اتفاقية شارون بوش.
ليس للأباطرة أصدقاء ولا صداقات. مات ماركوس في منفاه، وضاقت الأرض بما رحبت لقبرٍ يـُوارى به جثمان شاه إيران. جنـّدت الولايات المتحدة ألوف المتطوعين البسطاء ليجاهدوا معها ضد الكفار السوفييت في أفغانستان. وبعد أن قـُضي الأمر، أين أصبح هؤلاء؟ منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر في غوايتنامو! ثم أين هو سوهارتو؟ وأمـّا مانويل نورييغا فلقد بدأ حياته مخبراً ثم عميلاً من الدرجة الممتازة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية حيث أوصلته إلى حكم جمهورية بنما. أما اليوم فهو السجين رقم 41586 في أحد سجون ميامي الفيدرالية بولاية فلوريدا.”
كل هذه الموامرات وشيخ في مصر أفتى ان تسريح الرجل لشعره اكثر من مرتين في اليوم حرام وشيخ اخر في الجزيرة العربية “اثبت ” ان الارض ثابتة لا تدور وثالث يستجدي أميركا لان تهاجم بلدا عربيا مسلما مستغيثا بمروءتها وهذا وذاك وثالثهم هم “علماء”الامة التي لا تستطيع ان تتفق على مشاهدة قمر شهر رمضان وقد شد الآخرون رحالهم اليه فوصلوه قبل حوالي نصف قرن من الزمان. أنتساءل بعد هذا كله لماذا تداعت علينا الامم ونحن اكثر من مليار ونصف من البشر لتقسيمنا ونهبنا وتغيير حضارتنا وهويتنا؟
*مستشار ومؤلف وباحث
900 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع