خالد القشطيني
كثيرا ما أسمع بعض العراقيين يتمتمون بشيء من ألحان هذا المونولوجست العراقي في شتى المناسبات.
وليس من دليل أقوى لخلود فنان أو عمل فني من تردده في أذهان الناس أعواما طويلة بعد وفاته. وسر ذلك في عزيز علي الإيقاع القوي في موسيقاه، وتناغم ضرباتها وأنغامها مع الكلمات. نلمس هذه الروح الموسيقية في قوافيه وجناس كلماته:
«عشنا وشُفنا وياما نشوف
قرينا الممحي والمكشوف
ما ظل فد شي مو معروف
عشنا وشفنا في ها الدنيا كل الأسرار
وإحنا فهمنا الوضعية من كنا صغار
شفنا الدنيا مو مضبوطة
مو محطوطة على النوتة
كلها أطماع بأطماع
وإحنا وياها دوم صراع
الله يلعن ها الأطماع
راح توقعنا ع القاع»
مونولوج «الدكتور» من مونولوجاته الشهيرة، ويكشف عن علل مجتمعنا ودورنا فيها وفي أسبابها. يتوسل بالدكتور ويناديه لمعالجتنا:
«دكتور دخل الله ودخلك بس داوينا
دكتور العلة اللي فينا منا وبينا
دكتور العلة تجينا من رجلينا»!
يقوم الكثير من هذا الكلام على أمثال واستعارات شعبية عراقية تضرب على أوتار المستمع.
من أعمال عزيز علي الشهيرة مونولوج الفن «العن أبو الفن!.. مو راح انجن!»، ويتعرض فيه لمحنته مع الجمهور والسلطة وتردده بين عشقه للفن ورغبته في الإفصاح عن أفكاره من ناحية، ومن الناحية الأخرى محنته التي كثيرًا ما وقع فيها بسبب مونولوجاته والتي أودت به أخيرا إلى السجن والاعتقال. برمه من أوضاع العراق وحبه لبلده وللأمة العربية التي آمن بها وضحى من أجلها عذباه كثيرًا. ولا يسعني غير أن أقول الحمد لله أن اختطفته يد المنون، فلم يعش ليرى أوضاعنا الراهنة. لكنه رغم كل تشاؤمه وبرمه من أوضاع بلده فإنه لم يفقد الأمل كليًا، وبقي مؤمنًا إيمانًا دايلكتيكيًا بسنة التطور والتغيير. قال في أحد مونولوجاته:
«كل حال يزول
ما تظل الدنيا بفد حال
تتغير من حال لحال
وكل حال يزول»
909 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع