فلاح ميرزا محمود
معرض بغداد الدولى مرأة العراق القديم والحديث للعالم
الحديث عن بغداد ليس حديثا عاديا عابرا تمر عليه كبقية مدن العالم لان له من المعانى يتوقف القلم عندها كى يتمكن عنده فى الوصف والتعبير عنها بصورة صحيحة لان التاريخ امتلئ بقصص اشبه بالخيال عند وصفها حيث السحر والجمال والخيال وحضارة بابل وسومر واشورواكد وحمورابى ونبوخذنصر وهارون الرشيد والفقهاء وعلماء الدين والمذاهب والفلسفة وبلاد مابين النهرين ودجلة والفرات وقصص الخيال والسندباد البحرى فكل تلك لاشياء تتزاحم فى عقل كل من يريد زيارتها والتعرف على معالمها الاثرية وكيف والحالة هذه سيكون بها معرضها الذى عرف باسمها وتتسابق الدول اليه للمشاركة فى فعالياته التى تميزت عن غيرها من الفعاليات بما يحتوية من قصص الخيال والسحر والجمال .
الانسان لايصنع الاصدقاء بل يتعرف عليهم والصديق هنا ليس فقط الانسان وانما قد يكون كتاب اووظيفة اوشئ اخريترافق معه فى سعادته وشقائه فيها الاشياء المفرحة والسعيدة التى تسليه حينما يأتى ذكرها مع نفسه ومع الاخرين فهي بذلك تتشابه مع راحة الورد يفوح عطره حتى لو تقادم الزمن عليه وفيها الخطأ الذى لولاه لما اشرق الصواب انها ليست عبارات بلا معنى بل انها احلام تتعايش معك وغالبا يجدالانسان نفسه يبتسم وهو يتعايش مع ما تركت له ذكرياته التى فيها ومضات سعيدة بنظرالاخرين, تجعل منه انسان قد ادى واجبه فى المجتمع وامام محبيه, ومااجمل ذلك حين يظن الاخرون انك سوف تحزن على مامضى من العمرولكن تلك هي منتهى السعادة ولاشك فان من لايملك ذكريات سعيدة سيبقى متالما ولا يعرف معنى للحياة .
الانسان ليس له صديق اصدق من ذكرياته فهى تلازمه فى كل يوم فى اليل وفى النهار ولكنها ايضا تعمل وفق القول ماينفع الناس سيمكث فى الارض وما لا ينفع يذهب جفاء فهى والحالة هذه كالوردة معطرة برحيق رائحتها اينما تكون وتحت اى ظرف وفى اى مكان وقد لااكون مبالغا فى وصف ذكرياتى مع مسؤولتى فى معرض بغداد الدولى الذى امتلئت فيها خزائن ذاكرتى لما احتوته من مواقف مررت عليها وتوقف عندها وكنت بحاجة فيها الى المقدرة والكفاءة والشجاعة والحرص والاستعداد فى مواجهة مواقف فى غاية الدقة والمسؤولية لما تتطلبه تلك الوظيفة من مواصفات وخصائص فى جوانبها المتعددة الادارية والدبلوماسية والفنية ولانها تتعامل مع نمط خاص من الناس قدموا من الخارج وبجنسيات متنوعة واختصاصات مختلفة وثقافات متعددة الامر الذى يتطلب الالتزام باخلاق الوظيفة وصدق التعامل معهم وتسهيل مهمتهم ولانهم ضيوف بغداد قدموا اليها بدافع الرغبة لتعريف الاخرين بما سيعرضوه من صناعات وافكار خاصة لمعروضاتهم من مكائن وادوات صناعية واقتصادية وحضارية وما يحملوه من حب و رغبة كبيرة للتعاون وتبادل الخبرات والمعلومات مع من يشاركم تلك الرغبة وذلك الحب ,انها بلا شك ثقافة دوليه مشتركة للدول والشعوب اخذت تتعظم وتزداد اتساعا وتنوعا لدى الدول والشركات واصبحت ذات شأن لمصالحها وتبادل خبراتها مع الاخرين واصبحت لها من التقاليد والاهداف المتنوعة تساعدها على التنوع والاختصاص ناهيك التاثير الذى تأتى به على ثقافة الشعوب وتطورها الاجتماعى , الذكريات تزدحم امامى وانا اتخيل مئات الالوف من العراقيين يتسابوق فى المجئ الى المعرض والتعبير عن سرورهم وسعادتهم للتعرف على ماسيقدمه معرض بغداد لهم من ااشياء تدخل الفرحة الى قلوبهم سواء كان ذلك بطبيعة المعروضات والوان من البشرالذين قدموا مع معروضات بلدانهم فتجد ابيض البشرة والاسمر والاصفر والاسود كلهم واقفين فى اجنحة دولهم ويقومون مايطلب منهم من معلومات واستفسارات عن معروضاتهم ناهيك عن ماهو جديد فى صناعة بلدهم والوان اخرى من المعروضات كما ترى فى وجوه العارضين الفرحة فى المجيئ الى بغداد واطلاعهم على اهتمام العراقيين بتلك التظاهرة الواسعة التى شملت كل الوان الحياة فى العالم , ورغم ضخامة الحدث وسعة قبوله وكثافة استجابة الناس له الا ان الذى لايعرفه الاخرين هو ان هذا النشاط كان يقام بامكانيات مادية محدودة لاتقارن بما نعرفه عن النشاطات الدولية المشابهة التى تقيمها الدول الاخرى الا ان تعاون اجهزة الدولة والخبرة التى تمتلكها من اصحاب الاختصاص من اجهزة فنية وكفاات بشرية هى التى تقف وراء النجاح الذى تحقق للمعرض وهو بلا شك يدفعنى الى ذكرها بسعادة ليس بمفردى بل استطيع القول بان ذلك شعورا مشتركا لكل من كان يعمل معى وكل مشارك فى الاعداد الى تلك التظاهرة كما ان تلك السعادة لازال يتذكرها الاخرين من غير العراقيين فى دول العالم وكنت اسمعها منهم حين اللقاء بهم فى الاجتماعات الدولية لهيئة المعارض الدولية الذى كنت عضوا فيها ممثلا ل12 قطر عربى وفى حضورمشاركة العراق فى المعارض الدولية,لقد كانت بدايات معرض بغداد بسيطة لاتتعدى سوى مشاركة لبعض الدول وقليل من الشركات وتعود لفترة الستينيات 1964 ولكنها تطورت بسرعة لتشمل عشرات من الدول والاف من الشركات وباهتمام الدولة لتلك الظاهرة التى كان لها ابعاد سياسية واقتصادية واعلامية مما احاط لها الرعايةوالاهتمام وتم تخصيص ارض واسعة للمعرض وبناء قاعات كبيرة لتتسع مشاركة الدول الصناعية الاوروبية والبلدان الاشتراكية والصين واليابان والولايات المتحدة ودول اميركا اللاتنية ودعوة وزراء الاقتصاد والصناعة والتجارة لحضور افتتاح دورات المعرض السنوى وتطورت الى المعارض التخصصية النوعية وافردت الدولة اسبوعين من ايام عملها لتستوعب نشاطات المعرض ومقابلات الوزراء المدعوين وحضور حفلات الايام الوطنية التى تقيمها الدول فى اجنحتها وفى السفارات كما يتم تقليد قسم منهم بالمداليات الذهبية والشهادات التقديرية تكريما وتعظيما لمستوى مشاركتهم فى دورات المعرض ومن الطبيعى فان منح الجوائز والمداليات تكون وفق ضوابط دولية تحددها هيئة المعارض الدولية وان تقليد كهذا يعمل به فى كبرى المعارض الدولية , ان نشاط كهذا الذى نتحدث عنه يساهم فى تقريب وجهات النظربين الدول والحكومات والاحزاب ليس للعراق فقط وانما مابين الدول المشاركة فى المعرض ولديها اختلافات سياسية مع بعضها البعض , ولقد تقدم نشاط معرض بغداد على انشطة كثير من المعارض الدولية لا بل كان اكثرها شهرة واهتماما لدى الدول لمستوى حضور عدد كبير من وزراء الدول وحتى على مستوى رؤوساءوزراء واحزاب ومما تمنحنى ذاكرتى السعادة ان وزاراء من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة كانوا يبدون اعجابهم بالمعرض ويترك هذا الاعجاب اثرا ايجابيا فى تحسين العلاقات بيننا وبينهم ,وللتاريخ فاننى وجدت بشخص وزير التجارة حسن العامرى كل الاندفاع والتشجيع لانجاح دورات المعرض وكان يتعرف على الصغيرة والكبيرة فيما يخص نشاط المعرض ولقد سخر كل وقته لنشاط دورات المعرض وهذا مما اعطانا زخما وجهدا منقطع النظير لايام المعرض والامر هذا يستدعى احيانا الى البقاء الى الفجر لتهيئة مستلزمات اليوم التالى , ان متابعة العمل وبكل جوانبة الادارية والتنظيمية والاخلاقية يستوجب التعرف على متطلبات العمل بين العاملين الرسمين وغيرهم من غير العاملين واقصد هنا الجهات التى تنسب للعمل لتسهيل مهام الزائرين الاجانب وتشمل(الفنادق ,الصحافة, الخطوط الجوية, الاقامات ,الصحة, البنوك والشرطة والامن) وهى اشبه بخلية عمل تحتاج الى متابعة ورقابة وتوجيه, فالجانب الامنى مهم جدا للمحافظة على حرية العارضين والذين يعملون معهم وبغض النظر عن طبيعة الزائرين ومستوىاتهم الاجتماعية والثقافية فان المحافظة على الاجواء الطبيعية والاخلاقية والذوقية كان ايضا يلعب دورا فى مستوى تنظيم ايام المعرض وخصوصا الايام المخصص لزيارة المدارس , ولاشك فان الفرحة التى لاتغادرنى وانا اتذكر ايامى فى معرض بغداد الدولى هى التى تعطنى الامل باننا وبتلك الامكانيات البسيطة تمكنا من تقديم خدمة كبيرة للعراق سياسيا وصناعيا واقتصاديا واعلاميا لازالت ذكراها باقية عند العراقيين وكل دول العالم .
763 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع