بقلم/ محمد الحمادي
كان هناك انسجام بين المكان والطقس والناس . حينما تتناغم الاشياء تشعر بالمثالية تحيط من حولك انه الحي القديم في مدينه زيورخ السويسرية حيث لكل بنايه قصة .
التاريخ يتحدث هنا اني اسمعة جيدا علم بانني وحيدا" بدأ يحاكيني يؤنس وحدتي . اخيرا" لم اغدو غريبا هنا فقد امسينا اثنين الأن .اخترنا احد المقاهي الرصيفية وأجلسته الى يميني , واسرد اليه بعض من تاريخي عسى يقرر ان يحجز لحكاياتي ملفا أو كراسا " بل ربما قرص مدمج يضمه الى مكتبته العملاقة .أحسست به يسمعني .
الشمس في أعلى يساري معلقه فوق نهر المدينه تمنحني دفئا" مجانيا" يبدو انها تعلم بأنني اختزنت بعضا " من صقيع وصمت القطب الشمالي , رفضت ان تكمل رحلتها الى الغروب انها واقفة مسكينة هي الاخرى أعجبها المشهد مثلي .كلينا لم يصادفه سابقا .نظرت الينا أنا ونديمي.تعبت من الوقوف وتقدمت بطلب الانضمام الى الصحبة رحبت بها . صرنا ثلاثة أنا والتاريخ والشمس ورابعنا القلم .
رحبت بالندامى مرة ثانيه ودعوتهم لتناول عصير الشعير السويسري بينما نهر ليما يحيّنا ويخترق المدينه القديمه ناثرا"المقاهي على ضفتيه والنساء يغدقن بأريجهن على امثالنا من المساكين .التاريخ يشرب ويثرثر لايسكت والشمس صعدت عندها الحرارة وطلبت كأسا" ثانيا" من عصير الشعير المثلج .ابتسامات الناس هنا نكاد قد نسيناها هناك فيما كانت تسمى اوطان بسبب عطب في العضلة المسؤولة عن الابتسامة من كثرة الاستعمال .
مازلت متواصلا مع كأسي حتى جلست امامي شقراء لم أتمكن من تقدير عمرها لانها كانت ترتدي تنورةقصيرة .يبدوانها مسكينه الحال لاتستطيع دفع ثمن تنورة طويلة أو ربما أرادت ان تهنأ بكاس نبيذ .من المال اللذي تم توفيره من فرق السعر بين التنورتين.
ضحكات متواصلة تأتي من قريب .التفت الى المصدر بشكل غير ارادي وعدت خلال ثانية لأتابع موضوع هذه المسكينه صاحبة التنورة الانيقة لكنها ااختفت كشذى سرقته الريح وعاتبت التاريخ لانه أضاع على الفرصة والشمس تشهد لي بذلك طالما أدفع لها ثمن المشروب فالشمس ترتشي أحيانا".
يبدو ان المدينه ادركتني اذ دخلت الى المقهى فاتنه اخرى بديلا عن التي تاهت تبحث عن مكان بين ألحوريات وترتدي نفس التنورة ربما انه زي موحد لجميلات زوريخ او ربما استعارتها من صاحبتنا الاولى لكن بلون رصاصي هذه المرة وجدت لها مكان وجلست الى يمين صاحبي العجوز وبدا يثرثرمعها استغل قربها منه .لم يمنحني فرصة ولا حتى تبادل نظرة انه ثرثار واناني في نفس الوقت.
لاادري ماذا يجري حولي الاماكن مشغوله بالكامل .تحدثت معي للتو شابة ارادت ان تشاركني الطاوله مع صديقتها البدينة وطبعا" ملئت وجهي ابتسامة اعرض من الطاولة وسمحت لها بالجلوس. أخيرا" التاريخ غفل عني لكن مابرحت ان تجلس حتى فرغ مكان اخر بعيد جدا" اقترحت صديقتها اللئيمة ان تاخذها هناك .تبدو انها المعقدة الوحيدة في هذه المدينه او ربما تم استيرادها سهوا".الشمس ثملت الشراب المثلج أطفأ دفئها وبدأ الصمت يسود المكان .مازال صديقي الاناني يثرثر مع الفتاه .تسللت منسحبا" من المقهى وتركت الحساب يدفعه التاريخ .
الأخ / محمد الحمادي...
754 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع