حزام الطرطيع!!

                                         

                         د . احمد محجوب

الطرطيع نبته ساحلية تنمو قرب المياه الغزيرة يعرفها سكان ضفاف الانهار في العراق ويحلو لهم احيانا ان يظفروا من اغصانها حزاما لشد الحطب وربما الظهور، غير ان هذا الحزام لا يثبت على حال فكلما شددته انفلت ،تتصوره قويا وعقده ينفرط دائما في منتصف الطريق ، والغريب ان الناس لا يرعوون من تجربته مرة تلو اخرى رغم غدره المتواصل بهم وليس ذلك الا لحاجتهم لحزام لشد الحطب والظهر ولا يتوفر سواه .

وقبل ما يقرب من ثلاثين عاما بدأ الضابط الشجاع ( صطم الجبوري) يفكر بتدبير انقلاب ضد نظام صدام حين كان في اوج قوته وسلطته وسطوته ولم يكن احد يومها يحلم بشتم صدام او انتقاده فضلا عن التفكير باغتياله
الا ان شجاعة هذا الشاب وحماسه واحساسه بالغبن لابناء جلدته من قبيلة الجبور جعله يفكر بجدية للتنظيم لانقلاب ضد النظام انذاك .
جرت العادة من ابناء قبيلة الجبور في محافظة صلاح الدين ان يستشيروا كبيرهم وحكيمهم وشيخ قبيلتهم الشيخ شويش العبد الحميد رحمه الله وهو رجل صاحب حكمة وبعد نظر اضافة الى فكاهة حاضرة في منطقه واسلوبه
همس صطم في اذن الشيخ حين غادر الجميع الربعة الواقعة وسط بساتين الضلوعية المطلة على دجلة ( يا عم .. أفكر بتنظيم انقلاب ضد صدام ما رأيك؟ ) التفت الشيخ دونما مفاجأة أو تعجب وببداهته المعروفة قائلا ( وبيمن متحزم؟؟ ) وهي عبارة تقال لمن يعتزم على أمر عظيم للتساؤل عن حجم المساندة المتوقعة لمشروعه من قبل الغير ، أجاب صطم ( بالجبور ) ضحك الشيخ حتى استلقى على قفاه ورد قائلا ( ابن اخوي ... الجبور حزام طرطيع ) لم يقتنع صطم ومضى بمشروعه وحين وقف على المقصلة ادرك عظيم حكمة الشيخ شويش في ان الجبور حزام طرطيع فقد تركه الكثير منهم في منتصف الطريق وواجه هو وزملائه الضباط الخمسين مصيرهم على مذبحة الاعدام .
رحم الله الشيخ شويش لو عاش الى زماننا لوسع دائرة الطرطيع الى اكثر من قبيلة الجبور ولأدرك أن ان العراقيين جميعهم حزام طريطع كلما ارتفع صوت للاصلاح وانطلق مشروع للتغيير هتفوا له اول الامر وتركوه في منتصف الطريق يواجه مصيره ورحم الله الحسين حين غلضوا له الايمان أن يكونو حزاما لكنهم لم يقولوا له انه من الطرطيع ورحم الله صطم الذي لم يستجب لنصيحة عمه الشيخ

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1024 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع