د.محمد المسفر
منذ الثورة اليمنية الجنوبية مطلع ستينيات القرن الماضي وأنا مناصر ومؤيد لتلك الثورة ضد الانجليز من أجل الحرية والاستقلال، وكنت مناصرا لثورة الشطر الشمالي ضد التخلف والقهر والعبودية والإذلال الذي كان يمارسه بيت حمديد الدين على الشعب اليمني وطموحاته، لكني ما كنت أتمنى النتيجة التي وصل إليها اليمن العزيز اليوم.
(2)
لا أريد أن أستعرض تاريخ اليمن بشطريه منذ النصف الثاني من القرن الماضي، ذلك ماض ليس هنا مجال استدعائه، لكني أتوقف عند محطات في حقبة حكم علي عبد الله صالح لمدة 33 عاما، أقول إن الرجل ليس له عند شرفاء الوطن حسنة واحدة في تاريخ اليمن إلا تثبيت الوحدة بين شطري اليمن عام 1994 وما عدا ذلك فهو حكم كارثي بكل أبعاد الكلمة، لم يستخدم علي عبد الله صالح مكره وخداعه لبناء دولة يمنية حديثة، لم يعمل على محو الأمية بين مكونات الشعب اليمني، لم يبن مؤسسات صحية تداوي المواطن اليمني من أمراض عديدة، لكنه والحق بنى جحافل من المرتزقة والأتباع له ولأسرته فقط، بنى في كل مدينة ومحافظة مليشيات أشبه بالجيش المنظم مجهز بكل أنواع السلاح، وجاءت اللحظة التي استخدم تلك القوة المدججة بالسلاح ضد الشعب اليمني الشقيق كما نشاهد اليوم من حرب ضروس تدور رحاها على صعيد اليمن من أجل تثبيت علي عبدالله صالح ونسله في حكم اليمن، يعينه في ذلك عصبة حاقدة مغرر بها تتستر خلف مذهبية موغلة في التخلف والتبعية.
(3)
اليوم جاء دور الشعب اليمني الشقيق ليحقق وحدته بإرادته لا بإرادة قيادات صاحبة مصالح ذاتية، وحدة تقوم على التسامح والإخاء والعدالة والمساواة، وحدة تخلص الشعب اليمني من براثن العداوة والبغضاء التي غرسها علي عبدالله صالح في نفوس الكثير من أهلنا في اليمن ليفرض سيادته على الكل ويستبد بكل خيرات أهل اليمن ليوزعها مغانم بين أتباعه. نريد وحدة تعطي ولا تأخذ، ترد اعتبار كل من لحق به ظلم، وحدة ترفع مكانة أهل اليمن أهل الحكمة والشرف والفضيلة، إن الوحدة اليوم في اليمن تبنى على أسس شعبية وطنية تروى عروقها بدم الشرفاء.
(4)
المطلوب اليوم من أهلنا في شمال اليمن، وقف جميع الأعمال الحربية ضد إخوانهم في الشطر الجنوبي من اليمن والانسحاب من كل المدن والقرى والأرياف، فالحرب التي تدور رحاها في جنوب اليمن اليوم ليست حربا وطنية ولا وحدوية، إنها حرب من أجل تثبيت علي صالح وأولاده وحاشيته من بعده والحوثي معه، ليحكموا اليمن ويزجوا به في دياجير التخلف والعداوة والبغضاء وينعم ورهطه بخيرات اليمن. إنه جمع ثروة كبيرة على مدى 33 عاما حكم فيها اليمن تقدر بـ60 مليار دولار حسب مصادر الأمم المتحدة والوكالات لدولية المتخصصة والمواطن اليمني يتساءل كيف جمع صالح تلك الأموال في بلد يعتصره الفقر والحاجة؟ الجواب إنها أموال الشعب التي كانت تدفع كمعونات دولية وعربية لصالح الشعب فكان صالح يستولي على تلك الأموال لصالحه واليوم يستخدمها من أجل تثبيت حكمه على اليمن.
مطلوب من أهلنا في الشطر الشمالي في اليمن فتح جبهات قتالية ضد علي عبد الله صالح وعصاباته والحوثي وأتباعه وإلا فإن أهل الشطر الجنوبي سيقولون الحرب علينا من الشمال وهذا ما يريده صالح والباغين حوله من زرع الفتنة بين شطري اليمن وتعميق النعرات القبلية كي يسود أو يدفع باليمن إلى الهاوية. إننا نؤكد بأنه لا عودة لنظام علي عبد الله صالح مهما فعل ولا عودة للنظام الظلامي" نظام الإمامة " فقد طواه التاريخ وعلى ذلك نهيب بكل الذين غرر بهم صالح والحوثي العودة إلى الرشد والحكمة اليمانية من أجل إنقاذ ما تبقى من اليمن بإلقاء السلاح ليسود السلام أرض اليمن السعيد.
(5)
في الجانب الآخر فرحنا فرحة كبيرة بعودة معالي السيد خالد بحاح رئيس الوزراء إلى الواجهة السياسية وتعيينه نائبا للرئيس عبد ربه منصور مع احتفاظه برئاسة الوزارة، السيد بحاح مصدر ثقة الجميع يمنيا وعربيا ودوليا وهو قادر على تحقيق الانسجام الاجتماعي بين مكونات الشعب اليمني الشقيق رغم جراح الماضي والحاضر التي سببها نظام المخلوع ورهطه.
لكني بكل صدق أدعو السيد بحاح نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء الانتباه إلى أن الرئيس عبد ربه منصور، ونائبة رئيس وزرائه، ووزير خارجيته ووزير الصحة المكلف بإدارة الشؤون الخارجية كلهم من الشطر الجنوبي وهذه قد تثير حساسية لدى الكثير من إخواننا اليمنيين الذين لا يؤمنون بالرجل المناسب في المكان المناسب. وعلى ذلك فإن السيد الصايدي يعترف له الجميع بقدرات ومهارات وعلاقات مكان تنفيذها وزارة الخارجية أن معالي الوزير المستقيل عبدالله محمد الصايدي، وهو من أهل محافظة ابين له تجربة في المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ووكالاتها المتخصصة لذا هو الرجل المناسب في المكان المناسب. في مقابل ذلك لابد من جهد سياسي واجتماعي لتغليب مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب هذا لا يعني الانتقاص من قدرات الدكتور رياض ياسين القائم بأعمال وزير الخارجية لكن مكانه كما قال شخصيا وزارة الصحة والإسكان بصفته طبيبا ماهرا في تخصصه.
الأمر الآخر الذي أطالب الاهتمام به هو الإعلام والرأي عندي أن إعلام الحكومة اليمنية الحالية لا يتناسب والجهد العسكري إطلاقا والساحة مفتوحة إعلاميا للقوى المضادة. أقول لأهلنا في عدن أوقفوا مهزلة رفع علم الجنوب في مسيراتكم النضالية ضد البغاة وعلى دباباتكم وسياراتكم نحن في حالة حرب نحتاج إلى رص الصفوف وتوحيد الكلمة والهدف ولسنا في مرحلة مزايدات سياسية أو رفع مظالم تاريخية اليوم.
آخر القول: أدعوكم شعب الحكمة والشرف والبطولات، شعب اليمن، الاتحاد من أجل إسقاط البغاة، علي صالح والحوثي وكل من والاهم، من أجل إعادة بناء اليمن السعيد على أسس حضارية إنسانية منصفة.
1002 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع