د. محمد صالح المسفر
رغم كل المعارك القتالية الدائرة على صعيد اليمن الشقيق، ورغم كل الخسائر المادية التي لحقت بأهلنا في اليمن، إلا أن فجرا عربيا قد بزغ من هناك في يوم الـ26 من مارس من هذا العام.
نور ذلك الفجر، كان القرار الشجاع الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ببدء الحملة العسكرية على الطغاة (الحوثي وعلي المخلوع) اللذين قادا اليمن إلى ما نحن فيه اليوم، سيسجل التاريخ المعاصر للعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز بأنه ملك العزم والحسم.
(2)
إن قرار الحرب على البغاة، صالح والحوثي، أثبت مكانة المملكة العربية السعودية، عربيا ودوليا، بأنها قادرة على جمع تحالف دولي لمواجهة كل باغ متربص بأمن وسلامة الخليج العربي وأخص المملكة العربية السعودية.
لقد راح بعض أصحاب الأهواء السياسية في وطننا العربي يرددون بأن المملكة السعودية منحرفة نحو السلبية والجمود وأنها غير قادرة على تفعيل قوتها العسكرية التي بين يديها وأنها تعتمد على الولايات المتحدة الأمريكية في تسيير أمورها الأمنية، لأنها لا تثق في جيشها ولا قادتها العسكريين وأن عسكرها فقط للتشريفات الملكية لا غير.
لقد سقطت تلك المقولة عمليا وأثبت الطيارون السعوديون وإخوانهم من دول مجلس التعاون أنهم صف واحد في الأزمات التي تمس أمن دولهم وسيادتها.
اليوم أثبتت القيادة العسكرية السعودية أنها قوة وطنية عقيدتها حماية الوطن من كل من تسول له نفسه المساس بأمن وسلامة المملكة وقيادتها السياسية.
لليوم الخامس على التوالي لم تلحق بقوى التحالف الجوية التي تجوب الأجواء الحربية أي خسائر مادية، وإذا استثنينا سقوط طائرة في البحر الأحمر حتى ولو فرضا بنيران معادية، إلا أن ذلك لا يحسب في الحسابات العسكرية خسارة يعتد بها. وعلى ذلك يمكن القول إن هناك قيادة ماهرة مدربة على خوض حروب حاضرة ومستقبلية، نسأل الله أن يجنب هذه المنطقة ويلات الحروب.
(3)
رغم كل الاتفاقات الأمنية والدفاعية المعقودة بين دول مجلس التعاون، منفردة أو مجتمعة، مع قوى دولية أخرى، مثل (الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الكبرى)، إلا أن تلك الاتفاقيات والمعاهدات لم يطلب منها أن تطرح مطرح التنفيذ في هذه الأزمة، لقد كان القرار سعوديا / خليجيا اتخذ بسرية كاملة، وأبلغت تلك الدول الغربية الحليفة بالقرار لحظة تنفيذ العملية العسكرية ضد (جيش علي المخلوع وحليفه الحوثي ومليشياته) ولم يكن قبلها، وذلك إعلان بأن قادتنا يملكون الإرادة السياسية لا اتخاذ قرار السلم والحرب، ونظرا لمكانة المملكة العربية السعودية فقد نالت التأييد العربي والإسلامي والدولي.
(4)
لا يفوتنا أن أشيد بموقف القيادة التركية من هذه الأزمة والوقوف إلى جانب دول مجلس التعاون، معلنة تأييدها "لعملية عاصفة الحزم".
لقد حمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إيران في خطاب متلفز المسؤولية الكاملة عن العبث الذي تقوم به في الشرق الأوسط، خاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وطالبها علانية أمام الرأي العام بوقف تدخلاتها في الشؤون الداخلية لتلك الدول.
إنه موقف مشرف نحتفظ بالجميل للسيد أردوغان رئيس الجمهورية التركية وللشعب التركي على تلك المواقف الشجاعة.
(5)
نتابع بقلق بالغ ما تتناقله بعض وسائل الإعلام العربية والدولية بأن قوات صالح والحوثي احتلت مطار عدن للمرة الثالثة وآخرها بالأمس الإثنين، وكذلك معسكر (بدر) المجاور للمطار، كما تشير المعلومات الميدانية المؤكدة إلى أن جميع قوات المقاومة الموالية للشرعية اليمنية قد انسحبت من مسرح المطار وكذلك السكان المحيطين به، ليفسحوا المجال لقوات التحالف الجوية بتدمير المطار بما حوله على رؤوس من فيه من أتباع الحوثي والمخلوع صالح، كما أن قوات حوثية تتواجد بشكل كثيف في منطقة برية اسمها (بير النعامة) تبعد عن مدينة عدن قرابة الخمسين كيلو مترا باتجاه باب المندب ــ الصبيحة.
كما توجد أرتال عسكرية، دبابات ومدرعات وحاملات جند في (مزرعة غازي) بالمدينة الخضراء، والطريق الممتد بين المدينة الخضراء والشارع الرئيسي المؤدي إلى لحج، وهناك قوات متقدمة نحو عدن في منطقة اللحوم أي (خط عدن ــ تعز) وهذه المزرعة تعتبر غرفة عمليات الحوثيين وعلي المخلوع، فلابد من تدميرها بمن فيها.
كما تشير المعلومات الموثقة إلى أن معسكر اللواء 33 داخل مدينة الضالع بجوار مستشفى السلام وسط المدينة لم تمسه طائرات التحالف، أي أنه لم يضرب، وهو يعتبر المعسكر الرئيسي وسط المدينة والقائد ضبعان يتواجد في ذلك المعسكر.
وتشير المعلومات الميدانية إلى أن اللواء 15 ميكانيكي مشاة، متواجد في أبين جنوب شرق مدينة زنجبار على بعد 3 إلى 5 كيلو مترات ويتخذه الحوثيون مركز تجمع لقواتهم وقاعدة خلفية للإمداد والتموين للقوات المتقدمة من (أبين إلى عدن).
السؤال، لماذا لا يحسم أمر مطار عدن والمعسكرات في الضالع وما حولها وكذلك بعض المعسكرات المتواجدة في جنوب اليمن مرة وإلى الأبد؟.
الحرب لابد أن يكون فيها ضحايا من المدنيين وغيرهم، لكن نتمنى أن تكون في الحدود الدنيا.
إن إستراتيجية صالح المخلوع والحوثي هي الاحتماء بالمدن وعلى ذلك لابد من إسناد القوى المحاربة اليمنية المؤيدة للشرعية تحت غطاء جوي وصاروخي لملاحقة العابثين بأمن اليمن الشقيق قبل أن يستفحل الأمر.
آخر القول: أتمنى ألا تتحول الحرب الجوية إلى حرب استنزاف تشغل قوات التحالف عن الهدف المقصود وهو تطهير اليمن من صالح المخلوع وجنده وكذلك الحوثي ومليشياته المؤيدة من إيران.
1000 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع