مثنى عبيدة
في أحداث التاريخ القصص والعبرة وتداول تلك الأحداث بين الشعوب رغم مرور الأزمان والعصور أمر وارد وتجدها في أحيانا كثيرة يصل حد التطابق مع فارق الزمان والمكان..
يوم وقف الثائر الفرنسي الشهير جورج جاك جانتون أمام المقصلة المعدة لإعدامه على يد رفاق الأمس قال ( إن الثورة تأكل أبناءها ) وصدق الرجل في مقولته الشهيرة .. لإننا حينما نقلب أوراق التاريخ نجد آلاف الحالات المشابهة للثائر الفرنسي وبشتى التهم التي يساق بها الأحرار نحو أعمدة المشانق وبرعاية أخوية ورفاقية ممن كانوا قد تعاهدوا على المصاحف والكتب المقدسة وأقسموا بإغلظ الأيمان أنهم أخوة ولن يخون بعضهم البعض . وأذا بنا نرى العجب العجاب فمنهم من ذهب للخليفة أو السلطان أو الرئيس ليلاً لكي يخبره بإن هناك مؤامرة إنقلابية عليه من بضعة من الخونة الذين يريدون النيل من عظمتكم سيدي المبجل ويقطع عن نسلكم الطاهر طريق الرئأسة ويريدون المساس بوحدة البلاد والعباد
وهكذا دواليك حتى نرى زوار الفجر يكسرون الأبواب على الثوار وهم نيام أو يتهيون لإتخاذ قرار أو السير في بداية المشوار ..
كما نرى نماذج أخرى نجحوا في قلب نظام حكم وطني مخلص لشعبه وأمته ملوك يحكمونه بكل محبة واحترام لم تتطلخ أياديهم بدماء شعوبهم وأذا بنا نرى ثلة من الضباط المغامرين يقودون دباباتهم ليقتلوا النساء والرجال ويغتالوا الملك أو الرئيس الشريف ولكن هؤلاء الضباط سرعان ما يقتلوا بعضهم البعض ويجروا الشعب الى بحور الدماء وكل ذلك يجري بإسم الثورة والثوار وقد ضاعت الحقيقة على العباد وأمست الحيرة والخراب يعمان الديار . وأمثلة ذلك في التاريخ الحديث عديدة بدأت من مصر والعراق وسوريا وليبيا والجزائر وكل بلاد العرب التي أمست بلاد أحزاني ... حتى باتت المشانق موضة قديمة في فنون القتل والتدمير حيث أبتدع الطغاة الجدد وسائل للقتل والتعذيب لم تخطر على بال الشيطان نفسه ..
أما على الصعيد الأجتماعي والإنساني فإنك تشاهد يومياً مواقف وأحداث تجعل العاقل واللبيب حيران ، ذلك لإنك تعتقد أنك أمام غابة يفتك فيها بعضنا البعض وليست حياة آدمية تستحق السعي بكل السبل الشريفة للوصول الى الغايات النبيلة ،
مواطنون شرفاء يعملون في وظائف مختلفة ومتنوعة منهم الموظف أو العامل أو المهندسة والطبيب والمدرس أو أو أو كثيرون جداً هم الشرفاء الذين هم أغلبية وليسوا أقلية تجدهم يتحدثون بكل صدق ونزاهة وإخلاص ويعرضون الحقائق مبتغين فيها وجه الله وأمانة المسؤولية وحبهم للمكان والمهمة التي ضحوا لأجلها بالكثير الكثير من صحتهم ومن وقتهم الكثير حتى باتت عندهم مقدمة على أعز ما يملكون لذا نجدهم مطمئنين الى صحة موقفهم وأنهم عملوا ما يمليه عليهم ضميرهم وصدقهم ونبل إحساسهم خصوصاً وأن هذا المسعى النبيل ليس من أجل منصب ولا جاه ولا مال أنما الخير للمكان الذي بات أهم جزء في حياتهم حتى أذا نجح التغير المراد والمطلوب فرح أهل الخير وأشاعوا هذا الفرح والأمل في قلوب الأخرين وبشروهم بالنصر والغد الواعد الجميل وأن الأمور سارت نحو أفضل ما يتمنونه وأن من سيتقدم الصفوف هم المخلصين الثقات وأنه وأنه ... ولكن كما قال جيفار ( إن الثورات يصنعها الشرفاء ويسرقها الأوغاد ) حيث تباشر ماكنة المخادعين والمنافقين وفي محاولة مستميتة لتغير دفة التغير بالاتجاه الذي يخدمهم ويحقق مصالحهم وتجدهم قد وحدوا صفوفهم ساعين الى رسم صورة غير واقعية وبعيدة عن الحقيقة مدعين أنهم يعلبون الدور الكبير في تقدم العمل وأنهم أحرص الناس وأنهم وأنهم حتى يخيل إليك من سحرهم وتطابق كذبهم أن هذا هو الحق وسط دهشة وصدمة تعلو وجوه الشرفاء وهم غير مصدقين ما يحدث وكيف يحدث ؟؟
نعم نجد كل ذلك يومياً وفي كل مكان على وجه هذه الأرض وهكذا ترى الراقصة تصبح مديرة على الموظفة المخلصة والمقاول الفاسد رئيساً للدائرة الهندسية وتحت إمرته أمهر وأخلص المهندسين والمهندسات والطبيب الذي يبيع الأدوية والمستلزمات الطبية مديراً عاماً لدائرة الصحة أو وزيراً حتى . ولكي لا نسترسل في عرض المشهد نتسأل أين الخلل وأين المشكلة ؟ هل كان موقف الشرفاء خاطئاً في التصدي للواقع الفاسد أو المريض وهل كانوا مخطئين في عرض ذلك الواقع السيء ؟ أم كانوا متفائلين أكثر من اللازم ؟ أم عليهم الأنتظار حتى تتبين الرؤيا وأفاق المستقبل وأن عليهم أن يؤمنون دوماً بإن الشمس لا تحجب بغربال مهما حاول الغربان ..
وهل كل ما تقدم يشكل عوامل هزيمة وضعف وتراجع عن الدور والمهمة التي يؤمن بها الشرفاء ؟
هل يـُترك الميدان للمنافقين في الأرض ليجهزوا على ما تبقى من خير وأمل ؟؟ نعم إنهم أساءوا وأخطئوا وتمادوا في حق الشرفاء وظنوا انهم الغالبون ولكن ؟
أسئلة تدور في الرأس والروح والوجدان تكاد تفتك بها ولكن الثابت والمؤكد هو أن طريق الشرفاء والأحرار الحق المبين وليس فيها أي غش أو تدليس أو تزوير للواقع والحقيقة وأنهم ماضون في طريقهم ولن يعيقهم عائق أو يمنعهم مانع .. نعم ربما يخسرون النزال في جولاته الأولى مثلما خسر الكثير من الشرفاء أرواحهم الزكية في درب الحرية والكرامة والعدل ولكن على بقية الشرفاء تكملة الطريق مهما صعبت المهمة وعدم ترك الساحة والأنزواء والاختفاء فذلك غاية ما يتمناه المفسدون والمنافقون أن يجعلون الشرفاء غير واثقين من خطواتهم او من أنفسهم .
على الشرفاء الوثوق ببعضهم البعض وتقوية خطوط دفاعهم والتصدي لكل محاولة للأستفراد بهم وتفريق صفوفهم من خلال خلق مشاكل واهية او صورية وتضخيمها في اعين الصادقين من أجل خلق العداوة والبغضاء بينهم وبذلك تضيع جهودهم ووتفرق كلمتهم ويضعف فعلهم الإيجابي يجب على المخلصين تفويق الفرصة على من يريد تعكير المياه العذبة ..
نتسامح نعفو نصفح نغفر نتنازل بعضنا البعض من أجل صدق الرؤيا والمنهج الذي آمنا به وصدقناه وفديناه طوال حياتنا .. علينا أن نعلم أننا نسير وسط الأشواك وليس في طريق مفروش بالورود ..
علينا أن نبقي جذوة الأمل والعمل والسعي يشع منها الضياء والنور علينا المطاولة في النزال حتى الرمق الأخير ذلك لأنه من المعيب حقاً أن يتنازل الشرفاء عن المبادى والمثل التي أمنوا بها طوال أعمارهم وأعمار من سبقهم في هذا الطريق النبيل ...
أن الثابت على الحق ليس بمثل المرتجف الغاطس في الوحل ..
نعم الصبر والعمل وبهما الأمل والنصر وأن غداً لناظره قريب قريب بإذن الله رب العالمين ..
961 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع