عامر السلطاني
البعض يبتعد من النقاشات السياسيه حتى يُريح نفسه ، لأن ارضاء الجميع غايه لاتُدرك ، لمجرد أن تقول رأيك في حدث معين سيخرج لك من يخالفك ويطعن بوطنيتك او يتهمك أتهامات وكأنك السبب في كل مايجري للمنطقه العربيه والشرق الاوسط ،
هكذا أصبحنا لانقبل الرأي الأخر او نتبادل الحديث بأسلوب محترم او ودي دون تخوين او تكفير او تجريح ،فالكل يدعي أن وجه نظره او موقفه السياسي هو الصحيح وهذا من حق الجميع ولكن أحترام الاخرين وعقولهم وطريقه تفكيرهم مبدأ من مبادئ الحوار حتى لايكون الخلاف كبير وتتسع دائره الفتنه والتفرقه ، ولكن واضح أن هذا الامر أصبح مستحيلاً في عالم الديمقراطيه السائبه التي يشعر فيها الفرد أنه فوق المجتمع وذو قوه وسطوه تمكنه من تسخير كل الامور لصالحه تحت خيمه الفوضى وضعف القانون في السيطره على حركه الجهلاء
ويبدو أن تجنب الحوارات او وضع جدار عازل يجعلك في مكان يمنع عنك معرفه الاحداث التي تؤثر على المزاج والصحه ،
وقد نصحني البعض الابتعاد عن سماع نشرات الاخبار عندما تدهورت حالتي الصحيه وتم نقلي أكثر من مره بسياره الاسعاف لأرتفاع مفاجئ في ضغط الدم وعدم أنتظام ضربات القلب وصعوبه في التنفس وبعد أجراء كافه الفحوصات اللازمه ولم يتبين السبب الطبي الرئيسي .
فكانت هذه الخطوه ضمن حساباتي للابتعاد عن كل مايخص السياسه ، وفكرت في داخلي ماذا لو أتجاهل أن محافظات عراقيه محتله من داعش الكفر ، وأن التدخلات الاجنبيه لها اول وليس لها أخر فالكل يسرح ويمرح في بلدي ، وأُغمض عيني حتى لاأرى صور المشردين في خيام لاتقيهم من برد الشتاء وحر الصيف ، أو أنتزع أسمك من قلبي ياعراق ، واستيقظ كل يوم على أنغام موسيقى هادئه تريح الاعصاب واتناول الفطور الصباحي في الهواء الطلق .
واذهب بعدها اتبضع من افخم المولات واقتني من الماركات العالميه
والتقط الصور في كل مكان جميل ، سوف أعيش حياتي كما يعيشها البعض من اللذين فقدوا ذاكرتهم واستبدلوها بأخرى جديده لاتحمل اي علامه من الماضي المأساوي الذي مربالعراق
سأشتري الضحك ولن اسمع بكاء الاطفال وهم يتألمون لحاجتهم للدواء والملبس والمسكن !!!! .
أن مجرد توارد هذه الافكار في داخلي جعلتني أشعر بتخاذل تجاه وطني ، تسألت ماهو الفرق بين ان تكون عراقي وتنتمي لبلدك واهلك ووطنك وبين ان تكون خائن لكل هذه المبادئ ، هل السكوت عن قول كلمه الحق خيانه !!!!!!!!؟ هل سرقه اموال الشعب من قبل المسؤول خيانه !!! ؟ هل الطائفيه خيانه !!!! وهل ؟ وهل ؟ وهل ؟
أسئله كثيره لحالات غريبه لواقع مؤلم يتصاعد كل يوم دون حل وفوضى عارمه دون قانون واموال مهدوره ومسروقه دون عقاب وشعب جائع ومشرد دون ضمير يتألم وتفجيرات هنا وهناك ودماء ابرياء وشهداء دون توقف ووطن تُقطع اوصاله وشعب مغلوب على أمره أنهكه واتعبه زمانه وحكامه ، كل هذا وعلينا أن نسكت ونغلق الاذان ونغمض العيون ونسكت عن قول كلمه الحق !!!!! فما هي التسميه المناسبه لحاله السكوت !!!؟ سكوت عن قول الحق ،
اليست خيانه ؟ أم انها علاج للصحه وراحه واستجمام !!!؟ .
لن أكون ابداً مثلكم واعذروني يامن قدمتم لى النصيحه أن أنسى العراق واعيش بعيداً عن كل مايعاني ، ان جسدي بعيداً عنه لكن روحي فيه ولن استبدل ذاكرتي أو اصدقاء طفولتي وشبابي ، عشنا أيامنا بكل ذكرياتها حلوها ومرها ، مفارقات ومواقف مضحكه كنا نفتعلها لن أنساها كأنها حدثت يوم أمس ، تجولنا في شوارع بغداد ، جلسنا في المقاهي ، اكلنا وشربنا ودخلنا السينما ، فكيف أنسى كل هذا ، وأبتعد عن متابعه مايجري لوطني ، دافعنا عن الوطن في شبابنا بأرواحنا ودماءنا وقدمنا التضحيات ، واليوم مع تقدم العمر لانملك الا قلمنا وكلمتنا من اجل الدفاع عنه ، وسنظل نحارب بسلاح الكلمه ولن أسكت عن قول الحق ولن أخشى او أجامل أحد حاكم او محكوم .
أن لم تستطيع حمل السلاح للدفاع عن الوطن ، فأسكت ودع غيرك يحرر أرضك ويدافع عنها ، ولا تكن بوقاً لترويج
الاشاعات وبث السموم الطائفيه . وبعد أن يُطرد الاعداء
قل ماتشاء وأنتقد كل السلبيات ، أما الأن علينا توحيد كلمتنا
وجهودنا من أجل ماهو أكبرُ منا جميعاً أنه العراق .
عندما يُحتل الوطن ، تَسقط كل الشعارات، تتوقف كل الخلافات
تباً لكل الاحزاب والسياسات ، تتوقف كل المهاترات ، لاطائفه ، لا مذهب ، لا قوميه ، لا حديث الا من أجلك وتوحيد صفوف أبناءك ، ولا سلاح الا للدفاع عنك ولا رجال الا للاستشهاد من أجلك ، وسنظل نقاتل حتى ولو بالقلم ، فأذا ضاع الوطن .... ضاع الجميع .
1108 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع