د.عبدالقادر القيسي
ان تسمية المدعي العام او النائب العام تعود الى ان الشخص الذي يتولى هذا الدور يكون بمثابة نائب أي (وكيل قانوني) لينوب نيابة عامة طبقا للقانون عن المجتمع في تحريك الدعوى الجزائية حين تتضرر المصلحة العليا التي حددها الدستور والقانون الخاص بواجبات الادعاء العام او النيابة العامة، فالوكالة اما ان تكون اتفاقية (عقد وكالة بين طرفين مصدرها العقد) او وكالة قانونية مصدرها نص القانون مثل النائب العام او المدعي العام.
في العراق يعتبر جهاز الادعاء العام في العراق جزء من السلطة القضائية وهو النائب عن المجتمع والممثل له ويتولى تمثيل المصلحة العامة ويسعى في تحقيق موجبات القانون وهو بذلك دعامة أساسية ومن مرتكزات العمل القضائي ويعمل ضمن أطار قانون رقم 159 لسنة 1979 المعدل بموجب القانون رقم 10 لسنة 2006 وقرار مجلس قيادة الثورة المنحل ذي الرقم 97 لسنة 2001، ونعتقد لو حقا طبقت جميع مواد قانون الادعاء العام بصورة صحيحة لكان العراق والعراقيون يعيشون بسلام وأمان وينعمون بالطمأنينة والراحة ، وقد حددت المادة الاولى من قانون رقم 159 لسنة 1979 النافذ وتعديلاته الاهداف المتوخاة من تنظيم جهاز الادعاء العام وأهمها :
اولا – حماية نظام الدولة وامنها ومؤسساتها.
ثانيا – دعم النظام الديمقراطي الاتحادي، وحماية اسسه ومفاهيمه في أطار مراقبة المشروعية، واحترام تطبيق القانون.
خامسا – الاسهام في تقييم التشريعات النافذة لمعرفة مدى مطابقتها للواقع المتطور.
سادسا – الاسهام في رصد ظاهرة الاجرام والمنازعات، وتقديم المقترحات العملية لمعالجتها وتقليصها.
سابعا – الاسهام في حماية الاسرة والطفولة.
اما المادة الثانية من القانون فقد حددت مهام الادعاء العام واهمها:
اولا – اقامة الدعوى بالحق العام، ما لم يتطلب تحريكها شكوى او اذنا من مرجع مختص.
ثانيا – مراقبة التحريات عن الجرائم وجمع الادلة التي تلزم للتحقيق فيها، واتخاذ كل ما من شانه التوصل الى كشف معالم الجريمة.
أن العديد من الدول العربية والإسلامية تحجب المواقع الاباحية عن شبكاتها العنكبوتية، كالسعودية وإيران، (وقامت مصر مؤخرا بحجب مثل هذه المواقع، بعد أصدار محكمة القضاء الإداري المصرية مؤخراً قراراً يلزم الحكومة المصرية بحجب تلك المواقع وفي 7/11/2012 النائب العام المصري المستشار الدكتور عبد المجيد محمود يقرر حجب المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت وتقنين استخدام الانترنت بحجب اي صور او مشاهد إباحية وافده فاسده تتعارض مع قيم وتقاليد الشعب المصري والمصالح العليا للدولة، وقد ارسل المستشار عبد المجيد محمود خطابات رسميه لكل من وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ورئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ووزير الداخلية، ووزير الإعلام، لاتخاذ الإجراءات اللازمة وقال إن هذه الخطوة تأتي تنفيذا للحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة المذيل بالصيغة التنفيذية، والذي تقدم به مجموعة من الشباب تسمى حملة "بيورنت" لغلق المواقع الإباحية.(منقول من موقع عبدالرحمن فوزي للاستشارات القانونية).
أن إغلاق المواقع الإباحية لا يختلف أحد عليه في الشعب العراقي وبناء على ذلك، فأن الادعاء العام يجب ان يتحرك لإقامة دعوى لحجب المواقع الإباحية عن الشبكة العنكبوتية باعتباره صاحب مصلحة مشروعة، اذ لا دعوى بلا مصلحة مشروعة، ومصلحة الادعاء العام هنا هي حفظ المصلحة العليا للدولة والمجتمع، والدعوى تأتي انسجاما مع الأهداف التي وردت في نص المادة الأولى من قانون الادعاء العام رقم 159 لسنة 1979 وتعديلاته، وتنفيذا للفقرة أولا من م/2 من قانون الادعاء العام النافذ، ولذلك فان الادعاء العام حين يقوم برفع الدعوى امام المحكمة المختصة انما تكون صفته الوكيل القانوني، وهو محامي الشعب وعليه المحافظة على الاسرة العرقية من التفكك والضياع بسبب كثرة وسهولة الوصول للمواقع الإباحية على شبكة الانترنيت وبطريقة باتت تشكل خطرا على الأمن القومي وعلى النظام الأخلاقي للمجتمع العراقي وتعد الاسرة العراقية ابرز معاقله، والمسألة في منتهى الخطورة، خصوصا، ان العراق يحتل المركز العاشر على مستوى العالم في تصفح تلك المواقع(مصر ثانيا)، وهذا الواجب يعد جزء أساسي من الالتزامات والقرارات الملقاة على عاتق الادعاء العام لان حجب هذه المواقع الإباحية بقرار قضائي يحافظ على القيم والأخلاق في المجتمع.
واذا كان الفرد هو الذي يتولى المطالبة بحقوقه أمام القضاء سواء بنفسه ام من خلال توكيل ممثل قانوني عنه فان الادعاء العام يتولى تحريك الدعوى على من ارتكب فعلا ضارا بحقوق المجتمع او مؤسسات الدولة؛ أي الأذى ضد الحق العام، باعتباره الممثل الذي يدافع عن هذه الحقوق وتأدية الواجبات التي حددها القانون، ومن واجباته الرئيسية ان يقوم بحجب المواقع الإباحية، وهو بذلك يمارس دوره الحقيقي، بان تكون الدولة بمؤسساتها، تطبق قوانينها ببث السكينة والمحافظة على القيم والأخلاق والاسرة العراقية، ومقاومة مثيري الفساد والانحلال الخلقي، سواء بالاكتفاء بحجب مواقعهم أو بمحاكمتهم لمخالفة الأنظمة والاعتداء على الحقوق العامة والخاصة.
ان من واجب عضو الادعاء العام ان يقف على كافة مايشاهده ويراه ويسمعه في الشارع العراقي من سلبيات وظواهر خارجه عن القانون وفي كافة جوانب الحياة، ويقوم بالتصدي لها من خلال تفعيل نصوص قانونه.
ان الحق العام هو المصلحة العامة المشروعة للمجتمع والتي (وفقا للقاعدة العامة) لا يجوز التنازل عنها ولا العفو فيها، ويتولى المدعي العام الدفاع عن هذه المصلحة لأنه يمثل المجتمع والدولة باعتباره نائبا قانونيا في الدفاع عن هذه المصلحة، ففي جرائم الابادة والجرائم ضد الانسانية والاختلاس والسرقة والقتل والاعمال الارهابية والفساد المالي والاداري والتحريض على القتل وكل ما يزعزع سلامة وأمن الدولة توجد مصلحة عامة مشروعة يجب الدفاع عنها وحمايتها طبقا للقانون الخاص بالادعاء العام والقوانين ذات الصلة ويجب على الادعاء العام القيام بدوره بكل فاعلية لأداء واجباته المحددة قانونا.
لقد كان من الواجب ان يتحرك الادعاء العام طواعية لتحريك الدعوى العامة في قضية حجب المواقع الاباحية امام محكمة النشر وقضايا الاعلام وغيرها من القضايا الخطيرة التي تمس المصلحة العامة العليا للبلد دون ان ينتظر تقديم الشكوى من طرف ما وفقا لقانون الادعاء العام (وفقا لما يفسره البعض).
وسبق ان أكدنا في مقالة سابقة، بان من واجب الادعاء العام، ان يتعاون مع القضاء في الكشف عن الجرائم لاسيما تلك الجرائم التي تصيب بالضرر سلامة وامن الدولة والمجتمع مثل جرائم الإرهاب، وجرائم الفساد المالي والإداري؛ كما يجب ان يتحرك الادعاء العام ضد من يثير النعرات العنصرية والفتن الطائفية التي تؤثر على النسيج الاجتماعي وعلى التعايش السلمي بين المواطنين لأن الدولة ضامنة لحق الأمن والسلم الاهلي.
ان حجب المواقع الاباحية يتيح تأمين مضاعف على شبكات الانترنت من الاختراقات المتوقعة لاسيما ان اغلب تلك المواقع تستخدم لأغراض اختراق وتجسس على المستخدمين بمناطق معينة.
ان العراق يحتل المرتبة 10 على مستوى العالم لدخول على هذه المواقع؛ مما يعد مؤشر سيء على كافة المستويات الاخلاقية والدينية والثقافية والحضارية والعلمية، ولا بد من الاستعانة بداية بشركات الحماية وتأمين الشبكات التي توفر حلول لحجب تلك المواقع يمكن استخدامها على مستوى شخصي أو تعميمها في الدولة ككل.
أن الكلمات التي تتضمن الإشارة للمواقع الإباحية، الاكثر بحثًا على محرك جوجل، وفي الأردن هناك حملة عنوانها (حجب المواقع الإباحية من صفحات الإنترنت في الأردن) طالبوا بحجب المواقع الإباحية، ونتمنى ان تنطلق حملة مشابهة لها في العراق.
مركز وطني لمكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الاسرة:
ان فكرة إنشاء مركز وطني لمكافحة جرائم المعلوماتية مطلب جوهري وعاجل، وأن تكون المهمات التي يتولاها المركز؛ السعي في المزيد من التشريعات واللوائح التي تعالج الجرائم المعلوماتية سواء المعتدية على الحقوق العامة أو الخاصة، وتوعية وتثقيف المجتمع بحقوقه تجاه الجرائم الواقعة عليه، واستقبال جميع الشكاوى والدعاوى الإلكترونية وتبنيها ورفعها لدى جهات التحقيق والمحاكمة وحتى التنفيذ، وفقا للأنظمة واللوائح والتعليمات ذات العلاقة.
وان تفتح في داخل المركز، (إدارة للأمن الفكري والاسري الوقائي) يكون من صلب واجباته العمل الى مراعاة المصلحتين العامة والخاصة المتمثلة في دفع الضرر عن المواطن والوطن من خلال محاربة اي مظاهر تحرض على الإفساد ووجود البذاءة والفجور، ومنها إيجاد تنظيم قانوني صارم لهذه المواقع الإباحية وفرض شروط والتزامات على تلك المواقع ومواقع متطرفة اخرى، والعمل على إقرار نظام النشر الإلكتروني، حتى نضمن التعامل مع كل هذه المواقع بشكل جيد ومنظم قانونيا وفنيا، ومن خلال إيجاد اطر ومعايير تؤمن المساعدة على تحقيق الأمن المعلوماتي وحفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع لأوعية المعلومات وحماية المصلحة العامة والأخلاق والآداب العامة والاقتصاد الوطني.
أن مكافحة الجرائم المعلوماتية في الدول العربية مازالت بلا غطاء تشريعي يحددها ويجرم كافة صورها ومنها العراق، ونحتاج الى إيجاد الية لترشيد وضبط واستخدام محتوى الانترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي بما يحقق نفعها ويدفع ضررها.
أن أبرز إيجابيات وسائل التواصل الجديدة تتمثل في الفورية والحرية شبه المطلقة مما جعل كل إنسان عبارة عن وزارة إعلام يبث ويستقبل من جواله أو حاسوبه ما شاء متى شاء بدون قيود.
أن عملية تقنين وضبط استخدام محتوى الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ما زالت تشكل هاجسا لجميع حكومات العالم لما تسببه في الوضع الراهن من مشكلات أخلاقية وطائفية وسياسية قد تهدد الأمن القومي لأكبر دول العالم، وفي أوروبا حاليا جدل بين دول الاتحاد الأوروبي حول حجب المواقع الإباحية مثلا حيث هناك من يرغب في إصدار تشريعات بمنع عرضها في الوقت الذي يدافع أصحاب المواقع الاباحية عن هذه الصناعة ويطالب بحماية الاتحاد الأوروبي لممارستها تحت مظلة حرية التعبير.
وأخيرا نقول ان جهاز الادعاء العام الذي نجزم انه صمام الأمان للهيئة الاجتماعية لما له من دور مهم وحيوي اذا ما كان هناك خطر ما يهدد الاسرة والطفل وله دور رقابي استنادا الى قانون الادعاء العام على قرارات القضاء وعلى اعمال السلطة التنفيذية على حد سواء اذا ما كان هنالك خطا او خرق في تطبيق القانون.
1027 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع