إبراهيم الزبيدي
كنت وما زلت وسأبقى أتمنى أن يُصدر مجلس الأمن الدولي، ووفق البند السابع، قرارا صارما، وأن يطبقه بشدة، يفرض على كل أمة، قبل اختيار رئيسها أو رئيس وزرائها، أن تجعل شكله الخارجي المقبول والمعقول، حتى في حدوده الدنيا على الأقل، شرطا أساسيا في الاختيار، حفاظا على البيئة وحقوق الإنسان. فهو سيلتصق على شاشات التلفزيون، وستخرج صورته على الصفحات الأولى من الجرائد، كل صباح وكل مساء، وحرام أن يتصبح الناس بـ (بشيء مقزز) كل يوم.
وأكثر من ابتلي بهذه الآفة القاتلة هي شعوبنا العربية مع الأسف. فهي الأكثر، بين شعوب الدنيا الواسعة، تعاسة بحكامها.
والمصيبة أن عددا غير قليل من رؤسائنا وزعمائنا ذوي الأشكال الكريهة بلا مضمون أيضا. والأنكى من كل مصيبة أن غرور العظمة والحكمة والمعرفة يصيبهم في الصميم فور جلوسهم على كرسي الرئاسة الحزين، فينسون أنهم صعاليك، ويبدأون بتصدُّر المجالس، وضخ الكلام الماسخ الثقيل، والفتاوى والنصائح والدروس، على جالسين مغلوبٍ على أمورهم، صابرين محتسبين، يدعون، في سرهم، على يد الرئيس (المفدى) التي يبوسونها بالكسر القريب.
والحديث هنا ليس فقط عن موديلات هؤلاء الزعماء وأعمارهم، وأسنانهم، وأشكال عيونهم، وقلة ذوق لباسهم، بل عن غبائهم، وجهلهم، ولغتهم العربية (المفشكلة)، وانكليزيتهم المكسرة، كذلك.
منهم سيادة فلان الفلاني. فمنذ أن حكم علينا حظنا العاثر بتنصيبه رئيسا، لم أستطع، وأظن أنني لن أستطيع ذات يوم، أن أكتم قشعريرة جسدي حين أرى وجهه وعينيه وفمه على شاشة أو صحيفة. لا يمكن أن يكون هذا في عداد القادة والزعماء والرؤساء. قميء جدا بأقصى ما تكون القماءة، وبشع جدا بأقسى ما تكون البشاعة. وقماءته وبشاعته ليستا فقط في عينيه الزائغتين، ولا في ابسامته البليدة، ولا في فمه المائل نحو اليمين، ولكنهما في كلامه الممل، ومنطقه الأعوج، وتصريحاته المسخرة.
وآخر ما طيره هذا الذي لا يصلح إلا (مرؤوسا) في خمارة، او في دكان سجائر وعصير، تصريح ناري عجيب يوازن فيه بين الجماعات الإرهابية وبين بشار الأسد، ويفضل بقاء بشار على الجماعات الإرهابية، لأن شره وضرره على المنطقة أقل.
هل رأيتم، وسمعتم؟ ألم أقل لكم إنه قميء لا شكلا فقط بل مضمونا أيضا؟. فبعينه (الحولاء) يرى إرهاب (الجماعات الإرهابية) أخطر من إرهاب بشار الأسد. تأملوا هذه الصفاقة.
يعني أن الذي زرع الإرهاب وسقاه بدماء الملايين ودموعهم، وملأت يداه سوريا والعراق ولبنان بالمقابر، وأطلق العنان لكل ذابح وحارق ومعتصب أرحم وأقل خطورة من تلاميذه الصغار.
ويعني أيضا أن السيد الرئيس يريد أن يقول إن دكَّ القرى والمدن والأحياء المدنية الآمنة على أهلها العزل المسالمين الذين لا شأن لهم بالسياسة، بالبراميل المتفجرة، واقتلاع عيون الرهائن، وانتزاع حناجر المنشدين، وقطع الألسن، وحرق البشر أحياء، ليست مخترعات خالصة ومسجلة باسم بشار وحده لا شريك له.
فلو تأملنا جرائم داعش، على بشاعتها وهولها، لن نجد وجه مقارنة عادلة ومنطقية ومعقولة بين القاتليْن، وبين أفعالهما المنكرة.
داعش يقتل العشرات كل شهر، وبشار يقتل المئات كل يوم. داعش يحرق واحدا كل شهرين، وبشار يحرق المجاميع كل ساعة، وداعش يذبح 21 قبطيا مرة في العام، وبشار يتفنن في تقطيع أوصال آلاف المعارضين في سجونه، بالسكاكين، كل ساعة، بل كل دقيقة.
وبشار، في أغلب جرائمه الشيطانية المبتكرة، أستاذ متقدم لداعش. فذئاب داعش أقل خبرة بأكل لحوم البشر، ولم تصل همجية حيواناته إلى إذابة ساعد صحفي بالأسيد، لأنه كتب مقالا معارضا لاحتلال البعث السوري للبنان، كما فعل (أبو بشار) في السبيعينيات بسليم اللوزي.
وداعش لم يرسل سيارات إطفاء حريق إلى لبنان، أثناء الحرب الأهلية اللبنانية منتصف السبعينيات، محملة بالمازوت لتزيد النار اشتعالا في مباني وأسواق ومنازل المنطقة الغربية من بيروت، أيام الوالد الراحل الشرير.
وداعش يزوج الأسيرات لذئابه الكاسرة، غصبا، ولا يغتصب امرأة أمام أطفالها وزوجها، وبشار يفعلها ويفعل أمها وأباها كل يوم.
وداعش لم يقم، لغاية اليوم على الأقل، بمحو مدن كاملة عن الخارطة، رغم أن أغلب جلاديه مستوردون من الخارج، أما بشار فقد فعلها في عشرات المدن والأحياء في بلده وضد مواطنيه، وفعلها أبوه قبله بحماة.
لا تفسير لتفضيل السيد الرئيس لبشار على داعش إلا الوفاء لطاعمه. فالسيد الرئيس عاش زمنا لاجئا لدى مخابرات بشار، وها هو اليوم يرد له جميله وهو في محنته الخانقة.
وإلا فأي عذر لواحد له عينان، حتى لو كانت تعاني من حَوَل، حين يساوي بين جرادة وفيل، بين عصا وأفعوان، بين أرنب وأسد هائج متعطش لدم؟ وبأي وجه وبأي عين سيقابل الشعب السوري، ذات يوم، وهو يطلب له المزيد من القتل والحرق، في حلب وحماة وحمص ودرعا والزبداني والغوطة ودمشق ذاتها؟.
عيب يا سيادة الرئيس. عيب وألف عيب.
1038 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع