ترجمة:محمود سعيد
وصلني ما يأتي بعنوان تغيير الفكرة، ووضع الكاتب ٣٧ ثانية لقراءة القطعة، لكني رأيت ترجمتها لأهميّتها واستبدلت العنوان، ولا أرى موجباً لتحديد الوقت:
رجلان في غرفة مستشفى، أحدهما قرب الشّباك، والثّاني بعيد عنه يستلقي طوال الوقت على ظهره، لمرض خطير ألمّ به، وكان يزوره ممرض يسحب المياه الزائدة من رئتيه مدة ساعة في اليوم.
كان الرّجلان يتحدّثان طيلة وقت استيقاظهما من دون توقّف. تحدّثا عن زوجتيهما، واسرتيهما، وبيتهما، ووظائفهما، ومشاركتهما في الخدمة العسكريّة، وعن الأمكنة التي اعتادا قضاء العطل فيها، وكيف كانت الأمور تجري معهما.
بعد ظهر كلّ يوم، يجلس المريض القريب من النافذة وينظر عبرها ويبدأ بوصف ما أمامه لزميله في الغرفة، يصف كلّ شيء يمكن أن يراه. ومن خلال الوصف لما يجري خارج المستشفى، كان الرّجل الثّاني يعيش مع الوصف الحيّ، طيلة تلك السّاعات، شاعراً بأن عالمه يتوسّع، وروحه تنتعش بما يجري في واقع الحياة النشطة الملوّنة في العالم خارج المستشفى. حيث حديقة غناء وبحيرة جميلة، يسبح البطّ في مائها، ويلعب على ساحلها البعجع ، وفيها يبحر الأطفال قواربهم، ويركضون ويلعبون، وفي ممرّاتها يتمشى العشاق الشباب ذراع أحدهم ملفوفة على ذراع الآخر يتبادلون القبل واللحظات الحميمة. كانت الزّهور منبثة في كلّ مكان، بألوان مختلفة، من ساحل البحيرة حتى نهاية الأفق.
في حين كان الرّجل القريب من النافذة يصف كلّ هذه بتفاصيل دقيقة رائعة، يقوم الرجل الثّاني البعيد عن الشّباك بإغماض عينيه متخيّلاً تلك المشاهد الخلّابة. وفي ظهر أحد الأيام السّاخنة وصف الرّجل قرب النّافذة موكباً رائعاً يحتفل بمناسبة ما، والرّجل الثّاني يتخيّل المسيرة الفخمة الجذابة. وبالرغم من أنّه لم يكن يستطيع رؤية أو سماع الفرقة الموسيقيّة المصاحبة لتلك المسيرة إلّا أن وصف رجل النّافذة كان دقيقاً إلى درجة أعتقد أنّه يرى كلّ شيء وهو في مكانه على السّرير، ويسمع الألحان العذبة.
مرّت الأيام والأسابيع والأشهر على هذا المنوال، لكنّ في صباح أحد الأيام، وصلت ممرضة يوم لتتفقّد المريضين فاكتشفت وفاة الرّجل القريب من النّافذة، وبدا أنّه مات بسلام وهو في نومه.
شعرت الممرضة بالحزن، ودعت مسؤولي المستشفى لإجراء اللازم، فجاء من نقل الجثة الهامدة إلى خارج الغرفة. حينئذ لم يضيّع الرّجل الثّاني أيّ لحظة، فبادر بطلب نقله إلى جوار النّافذة. فابتسمت الممرّضة بسعادة وهي تحقّق أمنيته بالتّحول إلى المكان الجديد، والتّأكد من توفير أسباب الرّاحة له. ولم يستطع الرّجل مقاومة الرّغبة التي تتأجج في صدره، بل استند على مرفقه ونظر إلى العالم الحقيقيّ خارج النّافذة. أصيب بخيبة أمل. لم يرَ أمامه إلّا جداراً أصمّاً خاليا من الحياة والزّينة، ومن أيّ صورة. حائط يسدّ الأفق.
عندئذ سأل الرّجل الممرضة عن السبب الذي حمل زميله المرحوم لاختلاق كلّ تلك الأشياء الرّائعة ووصفها بتلك الدّقة؟ فردّت الممرضة وهي تبتسم: إنّ الرجل كان أعمى ولم يكن يرى حتى الجدار. ثم توقّفت، نظرت إليه: ربّما أراد فقط أن يشجّعك على تحمّل الآلام.
النّتيجة:
بإمكاننا تقديم الكثير لجعل الآخرين سعداء، على الرغم من الأوضاع المأسوية الخاصة بنا.
الحزن المشترك هو نصف الحزن، ولكن السعادة تتضاعف عندما يشاركك الآخرون مناسباتك.
إذا كنت تريد أن تشعر بالغنى، عدّد الأشياء التي لا تستطيع أن تشتريها لأنّك لا تملك ما تدفعه لحيازتها.
"اليوم هو هديّة، وهذا هو السّبب يطلق عليه: الوقت الحاضر."
من كتب هذه القطعة غير معروف، لكنّه أراد أن يشعل شمعة في ظلام العالم الوحشي الذي نعيشه.
هل تستطيع توزيعها؟
2015-02-19 10:38 GMT-06:00 Mahmoud Saeed <عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.>:
عزيزي ليث
اولاً شكرا على هداياك الجميلة
ثانياً تجد مقالة للدكتور الحبيب كان كتب لقاء في أربيل فنبهته إلى بعض النقاط، فنشر هذا المقال
تحياتي
محمود
1026 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع