د.عبدالقادر محمد القيسي
السطو على المسميات الوظيفية، مستشار تحكيم دولي لقب يشترى ب 500 دولار(1-2)
انتشرت في الشهور الأخيرة قسم من مراكز التحكيم الدولي والملكية الفكرية التي استغلت بعض المحامين والحقوقيين الشباب في الحصول على لقب "مستشار تحكيم دولي" كما يعتقدون، من خلال اعلاناتها في الجرائد ومختلف وسائل الدعاية المقروءة والانترنت وعن طريق الهاتف أحيانا وغيرها، مراكز وهيئات وجمعيات تحكيم دولي منها {المركز الإفريقي، أكاديمية كامبريدج للعلوم والتكنولوجيا والتي تحمل شهاداتها شعار جامعة الدول العربية وجامعة كامبريدج البريطانية وموسوعة التكامل العربي الافريقي الخاضعة لرعاية جامعة الدول العربية وشعار جامعة كاليفورنيا الأمريكية وشعار وزارة القوى العاملة المصرية والاتحاد الدولي العربي للتحكيم (وتبين ان صاحبه مبروك محمود مبروك راسب بالإعدادية ويعمل سائق) ومقر اكاديمية كامبردج (عبارة عن شقة متواضعة بشارع حافظ إبراهيم ومعلق علي جدرانها شهادات باللغة الانجليزية وعليها شعار الأكاديمية وصور المشاهير والشخصيات العامة التي تحمل هذه الشهادة)} والتي تعطى دورات عن اعداد كوادر للتحكيم الدولي وتمنح الاشخاص كارنيهات وشهادات وهويات بصفة مستشار تحكيم دولي، وقد مضيت وقت ليس بالقليل في التقصي الجاد عن هذا الموضوع، حيث يقول المسئولون في تلك المراكز والجمعيات إن هذه الشهادات موثقة ومعترف بها وذلك زيف وادعاء باطل.
وأنقل نص التصريح الاتي منقول من موقع الاهرام الاقتصادي16/ مارس /2014:
((كلف النائب العام بالتحقيق في بلاغ تقدم به وزير العدل منذ اسبوعين ضد مراكز التحكيم الوهمية التي تنصب على المواطنين وقد تضمنت مذكرة رئيس مكتب التحكيم بوزارة العدل انه قد فوجئت ببعض الاعلانات في عدد من الصحف القومية تحت عنوان كن قاضيا اتفاقيا بمؤسسة القضاء الاتفاقي المصري وتبين من مطالعة التفاصيل أنها تتعلق بدورة تدريبية لمدة 3 أيام مقابل 1200 جنيه بنادي القضاء الاتفاقي المصري للتحكيم بالتعاون مع المجلس العربي للدراسات العربية))
أن التحكيم يعد وسيلة فعالة لفض منازعات بين الاطراف عندما ينص التعاقد بينهما على ذلك ولكن ليس معنى هذا ان يتم فتح الباب لأي شخص يدعى أنه "مستشار دبلوماسي، مستشار تحكيم دولي"، لقبان يخضعان لقائمة المهن السيادية، سنوات طويلة يدفعها موظف الدولة ورجل القانون للحصول على اسمه الوظيفي، تبدأ عند المرحلة الدراسية مرورًا بدرجات الترقية، لا سيما العاملين في المجال الدبلوماسي والقانوني.
مهزلة في منح الألقاب العلمية وفوضى التحكيم الدولي.
مشاهير أو رجال أعمال يحملون ألقاب دكتور أو مستشار أو محكم دولي، ولكن الحقيقة أن كل هذه الشهادات مضروبة من مراكز ومكاتب أو أكاديميات مشبوهة تمنح هذه الألقاب لمن يدفع، والنتيجة إهدار قيمة هذه المسميات وخسارة سمعة العراق وانتشار عمليات النصب بدون وجود إجراءات قانونية رادعة!.
صفة مستشار تحكيم او دبلوماسي؛ اللذين ينظّمهما القانون بضوابط مشددة، لا بعد دراسة 5 أيام "كل يوم 3 ساعات ونص والمحاضرات في احدى جامعات مصر مثل جامعة عين شمس" في عقبها يصبح المتدرب مستشارا للتحكيم هو أمر غير معقول بالمرة فهذه الفترة كافية فقط للتعرف على مبادئ وقشور محدودة عن هذا المجال والامر يتطلب دورات كثيرة وممارسة واسعة لحالات عملية تتراكم فيها لدى الدراس خبرات في هذا المجال.
الاخوة المصريين واللبنانيين يشكون من هذه المراكز الوهمية بسبب عدم وجود ضوابط معينة تحكم نشاطها، إلا بعض الامور الهامشية مثل حسن السير والسلوك وهناك ضرورة لاقتصار نشاطها على نشر ثقافة التحكيم فقط وان تكون هناك رقابة صارمة للدولة عليها حتى لا يسمح لها بادعاء ما لا تستطيع تقديمه للمتدربين.
لا ان يكون عملها مادي وبيع مناصب والقاب وهمية من خلال إعطاء شهادات التحكيم الدولي معتمدة من جامعة عين شمس، وإمكانية الحصول عليهما مقابل خمسمائة دولار وحصول حامل اللقب على شهادة موثقة جدارية وهوية ومع إعطاء كارنيه (لقب لم اسمعه) مستشار تحكيم وعضوية أحد نوادي القضاء الوهمية، وبطاقة هوية مسجل فيها مستشار تحكيم دولي او مستشار دبلوماسي او ملكية فكرية، وغيرها من امتيازات على الورق فقط.
ان البعض ممن شارك في هذه الدورات الترفيهية، استغل هذا المسمى وقام بوضعها على البطاقة التعريفية لمكتبه وفي الكارتات لإضفاء نوع من الحصانة على صفته وأحيانا للنصب على الغير (ايهام للزبون) وهذا نوع من العبث القانوني.
أن عملية انتشار هذه المراكز الوهمية في مص ولبنان دفع بالسعودية والإمارات في 2 إبريل 2013 الماضي ان تغلق مكتب مصر للتحكيم الدولي وأرسلا للجامعة خطابا بذلك، وشركة ما يكرو سوفت اكدت انها ليس لها تعامل مع اكاديمية كامبردج في مصر.
نقابة المحامين المصريين تشارك في فوضى الألقاب العلمية ومهزلة التحكيم الدولي.
{حقق حلمك.. كن مستشارًا للتحكيم الدولي.. شهادة معتمدة.. فقط ادفع 500 جنيه ثمن الدورة بعد الدعم}، بهذه الكلمات القليلة، التي تحتوي على معانٍ كثيرة، يقف أحد المندوبين حاملاً أوراقه أمام نقابة المحامين المصريين، في بهو حديقة النقابة، ليقوم بتوزيعها، على المارة وأعضاء النقابة، هذا ما قاله احد المحامين المصرين الأصدقاء، أنها ستعطيك لقب مستشار بدورة مدتها خمسة ايام أو أكثر قليلا، ان محامينا وحقوقيونا ومع الأسف نقابة المحامين واتحاد الحقوقيين العراقيين لديهم جهل بكينونة هذه المراكز، والمحامي وحبه في أن يملك كارنيه او هوية يكتب عليها لقب مستشار تحكيم او مستشار دبلوماسي، يتغلب على حدسه القانوني في اكتشاف تلك الدورة العجيبة التي لا يستفيد من يأخذها إلا اللقب فقط، ومنهم من منح لقب مستشار بدون دورة، فهو يعرف في كينونة نفسه أنها (أي هذه الدورة) لا فائدة لها.
وانقل لكم نص ما قاله أشرف طلبة، الأمين العام للجنة حريات المحامين في مصر، حيث حمَّل نقيب المحامين سامح عاشور المسؤولية عن "سبوبة التحكيم الدولي" التي انتشرت إعلاناتها في حديقة نقابة المحامين، وأوضح قائلاً: "يُسأل عنها النقيب سامح عاشور الذي جعل ختم النقابة في أيدي بعض الموظفين المسؤولين عن تلك الدورات التي تُعطى حتى لحاملي المؤهلات المتوسطة. ...وأكد أنَّ مصر خسرت الكثير من قضايا التحكيم الدولي ...، والآن نرى شبابًا لا يصلحون لمثل تلك المهنة يتعرضون للنصب تحت مسمى مراكز وهمية، بالإضافة إلى نقابة المحامين التي من المفترض أن تكون قلعة الدفاع عن هؤلاء لتتحول لأداة جديدة للنصب على الشباب سواء محامين أو غيرهم ... وعلى ضرورة الضرب بيد من حديد على كل من يقوم بالنصب تحت مسميات عديدة أهمها "التحكيم الدولي"، مؤكدًا أن الأفضل أن تقوم النقابة بتقديم دورات في أصول المرافعات والقانون الجنائي واللغة الإنجليزية والعربية."
وأكد سامح عاشور،" أن تلك الخطوة جاءت بعد انتشار ظاهرة كارنيهات اللجان ومستشار التحكيم التي تجرى في حديقة النقابة، دون أن يكون لصاحبها ما يحصله من دراسات تناسب أهمية هذه البطاقة، مشيرًا إلى أن بعض حاملي المؤهلات المتوسطة قد حصلوا على كارنيه مستشار تحكيم، وتم ضبط البعض منهم وهو يقدمه ليتوسط في دعاوى قضائية... وأنه قد بلغ بعض عدد حاملي هذه الكارنيهات أكثر من 40 ألفًا وفق قاعدة بيانات موجودة لدى أحد الأعضاء، وأصبحت موردًا لاستنزاف أموال المحامين وتشويه صورة نقابة المحامين كمؤسسة تساهم في النصب على المواطنين. "
أنَّ مراكز التدريب على التحكيم المنتشرة في مصر ولبنان حتى المعتمد منها متمثلة في (مركز التحكيم الدائم في جنيف، ومركز تحكيم لندن، ومركز التوفيق والتحكيم للغرف التجارية والعربية والأوروبية، مركز القاهرة الإقليمي هو من أهم مراكز التحكيم المصرية، وله فروع في إفريقيا وآسيا ولديه كفاءات عالية من المحكمين)) هي ليست مراكز للتحكيم بل هي للتدريب على التحكيم الدولي، ولتأهيل المشاركين لتولي قضايا ونشر ثقافة التحكيم ليس الا؛ لا تعطي سوى شهادة اجتياز دورة التدريب على التحكيم، ولا تعد هذه الشهادة ضمانًا بأن من يحملها أصبح محكمًا دوليًّا، وليس مستشار تحكيم.
ان هذه الألقاب والهويات وسيلة لخدعة الناس وباب من أبواب النصب والاحتيال وتعتبر أيضا تزوير رسمي.
فوضي مراكز التحكيم في مصر ولبنان جاء بسبب الفوضى التي تعيشها بلدانها، ونتج عنه قيام أي عدد محدود من الاشخاص قادر علي تأجير أي مكان ويسميه مركز تحكيم ويصدر شهادة بعد حضور تدريب لا يتجاوز 5 أيام ومع المنافسة أصبحت هذه المراكز تتباري في أضافة ألقاب بشهاداتها مثل لقب “مستشار تحكيم دولي”، فهذه المراكز استغلت كلمة مستشار وفوجئنا بشهادات يكتب بها السيد المستشار فلان الحاصل علي درجة التحكيم الدولي وبجانب الصورة في هويته تكتب عبارة(تسهيل مهمة حاملها)، ومع مزيد من المنافسة بدأوا في توثيقها من وزارة الخارجية التي تقم باعتماد الاختام الصادرة من الجهات الحكومية فقط، ومن هنا خلقوا لهم سوقا رائجة لإغراء المحامين والحقوقيين العرب للحصول علي هذه الشهادات مقابل مبالغ مالية .
أن توثيق شهادات هذه الدورات من أي جهة مهما علا شأنها لا يعد شرطًا لاكتساب صفة المُحكم وليس مستشار تحكيم دولي؛؛؛؛؛؛، كما أن هذا التوثيق ليس دليلًا أو حتى قرينة على أن الشخص بات أهلًا للتحكيم، لأن التحكيم يتضمن مراحل ومهارات خاصة لن يستطيع الشخص "المتدرب" الوصول إليها أو اكتسابها إلا بعد ممارسة لا تقل عن سنوات.
انتقلت هذه العدوى الى إقليم كردستان حيث هناك شركة لها اتصال بنفس المراكز في مصر ولبنان قرأت لها إعلانات كثيرة بانها تمنحك الدبلوم لتصبح مستشار دبلوماسي معتمد وتفاجئت من ذلك وذهبت بنفسي للشركة ووجدتها عبارة عن مكتب غرفة (8في 10 متر) في شركة للطيران وطابق اول، ووجدت موظفين اثنين وسالتهم عن الدورة وفي مخيلتي انها لا تقل عن سنتين، وتفاجئت وصعقت وتشاجرت معهم ونعتهم بالنصب والاحتيال، حيث عرفت انها عبارة عن دورة في احد فنادق أربيل ولمدة خمسة عشر يوم ومحاضرات لمدة 12 ساعة وبسعر الفان ومئتان دولار، وقلت له ماهي هذه الدروس التي تعطى في هذه الفترة الوجيزة، وبعدها يتم منح الشخص شهادة الدبلوم الدبلوماسي وأيضا تكون مختومة من عدة جهات في مصر (الخارجية وجامعة القاهرة ونادي القضاة وغيرها من جهات) واخبرني انه هناك استاذين يحاضران وهم من خيرة الأساتذة في مصر وانهم وانهم وقطعت حديثه وقلت له ان ذلك باب قوي للنصب والاحتيال والابتزاز وسأشتكي عليكم لدى مفوضية نزاهة الإقليم، وفي الأسبوع الثاني لم اجد له إعلانات في الصحف ولا اعلم ان كانوا قد توقفوا ام لا، لأني غادرت الإقليم.
أن الشخص الدارس في هذه المراكز وفي هذه الفترة الوجيزة، لن يكون قادرا على رفع قضية دولية والتحكيم فيها على ارض الواقع، فهو درس ليعطى شهادة أو هوية مستشار يحملها في جيبه فقط وللتباهي والاستعراض وكتابتها في جدارية المحامي، دون أن يمارس التحكيم الدولي الحقيقي لأنه غير مؤهل، كما انها تعطى لغير دارسي القانون.
وسنكمل مقالتنا في جزئها الثاني انشاء الله
1069 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع